شدة نقد كتاب الطراونة رسالة للمرجعيات لوضع خطة انقاذ

قراءة تحليلية للزميل احمد ذيبان ختمها بعبارة ..يا حيف

26 أغسطس 2019
شدة نقد كتاب الطراونة رسالة للمرجعيات لوضع خطة انقاذ

صراحة نيوز – اعتبر الزميل الكاتب احمد ذيبان ان شدة النقد الذي تعرض له رئيس الوزراء ورئيس الديوان الأسبق الدكتور فايز الطراونة في ضوء اشهاره قبل ايام كتابا بعنوان ” في خدمة العهدين ” لم يستهدف شخص كاتبه أو مضمون الكتاب وانما عكست ثقة الشارع بالسلطة التي قال بأنها مفقودة .

جاء ذلك في مقال كتبه بعنوان .. الهحوم الحاد على كتاب ” في خدمة العهدين ” حيث خلص الى ان الهجوم الحاد بمثابة رسالة للمرجعيات لوضع خطة انقاذ .

وقال ” أعتقد أنه من الحالات النادرة التي يتعرض فيها كتاب جديد ، لهجوم كاسح من الانتقادات والتهكم على وسائل التواصل الاجتماعي ،حتى قبل أن يطرح الكتاب في السوق ودون أن يقرأه من علقوا عليه ،والانتقادات تركزت حول محتوى الكتاب وسعره “غير المسبوق “، حتى بالنسبة لمؤلفات أشهر الكتاب العالميين “25” دينارا للنسخة ! “

وأضاف ……

وعلي سبيل المثال أشار العديد من المعلقين، بأنهم اشتروا كتبا لمفكرين وأدباء عالميين، بأسعار أقل من سعر كتاب “في خدمة العهدين “، وأنا على سبيل المثال اشتريت كتبا مهمة مثل: “الكوميديا الآلهية” لدانتي، و”أصل الانواع ” لتشارلز داروين، ورواية “شيفرة دافنشي” للمؤلف الأمريكي دان براون ، و”ديون كيشوت ” أو”دون كيخوطي” كما تلفظ بالإسبانية للأديب ميغيل دي ثيربانتس سابيدرا، وكلها بسعر أقل بكثير- ربما تقل عن “15” دينارا – من سعر الكتاب الجديد الذي يشغل الأردنيين . بالاضافة الى ذلك صار بالامكان تنزيل هذه الكتب وغيرها من شبكة الانترنت مجانا !

وبظني أن ردود الفعل هذه تشكل “رسالة ” للنظام ينبغي فحصها بدقة من قبل “مطبخ الحكم”، واستخلاص نتائج موضوعية منها، والبناء عليها لجهة وضع “خطة إنقاذ “، تتضمن حلولا جذرية للأزمات، التي تواجه المجتمع على مختلف الأصعدة ، بنهج جديد مختلف عن الأساليب التقليدية !

وانا أجزم أنه ليس المقصود بنقد الكتاب الدكتور الطراونة لشخصه – وله كل الاحترام – ، ولا أظن أن له خصومة شخصية مع من انتقدوه ، وبالتأكيد غالبيتهم لا يعرفونه أو يجلسوا معها عن قرب ، بل شكلوا انطباعاتهم ومواقفهم عنه من خلال المناصب التي تسلمها في الدولة ،حيث تنقل خلال 48 عاما ، من موظف صغير الى مستشار الى وزير فرئيس وزراء ،ورئيسا للديوان الملكي ثم عضوا في مجلس الاعيان ، والجانب الآخر المهم في تشكيل المواقف، أن الأردنيين أصبحت حساسيتهم كبيرة لتوريث المناصب العامة، والطراونة يصنف بأنه ممن ورث المناصب العامة ،حيث كان والده المرحوم أحمد الطراونة مسؤولا في الدولة ، أو ” خادما للنظام” اذا استعرنا عنوان كتاب الدكتور فايز ، منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي .

“بيت القصيد” .. أن ثقة الرأي العام بغالبية المسؤولين الحاليين والسابقين شبه معدومة، ولو كتب أي مسؤول سابق مذكراته لقوبل بنفس ردود الفعل ،التي انهالت على كتاب “في خدمة العهدين” بنسب متفاوتة ،حسب حجم المسؤول السابق وأهمية المناصب التي تقلدها ! وهذه مشكلة حقيقية يعيشها الشعب الأردني منذ سنوات ، ومختلف استطلاعات الرأي العام ، التي تعكسها المنشورات والتعليقات والانتقادات لأداء السلطات العامة التي تنشرعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما تعبر عنه نتائج الاستطلاعات التي تجريها مراكز دراسات مختصة بهذا الشأن، مثل مركز الدراسات في الجامعة الأردنية !

مصدر عدم الثقة له ما يبرره ، اذا قرأنا بعدسة شفافة مسيرة الاردن خلال العقود الماضية، والحالة الكارثية التي وصلنا اليها بعد هذا الحصاد المر .. مديونية تقارب ” 30″ مليار دينار ، تتناسل بشكل أوتوماتيكي ،وتعطيل عملية إجراء اصلاحات سياسية جدية لجهة إحداث عملية تحول ديمقراطي حقيقية ، تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. بطالة وفقر واعتماد على المساعدات والمنح الخارجية ،حيث حالة الاحباط تكاد تكون شاملة باستثناء المنتفعين ، من مكاسب وعطايا السلطة بأشكال وأساليب متعددة علنية وباطنية ! وكل هذه الازمات والمشكلات والاحباط ليس “قضاء وقدرا”، أو ناتجة عن حروب وكوارث طبيعية كالزلازل لا سمح الله، بل هي نتاج سياسات وسوء إدارة ، مسؤول عنها من تقلدوا المسؤوليات في حكم البلد خلال عقود…فكيف يمكن للمواطن الذي يطحنه الفقر والمرض وسوء الخدمات ، أن يثق بما يقوله هؤلاء المسؤولين من تنظير عن انجازات ونفاق والدعوة للفضيلة والتسلح بالصمود والصبر ؟ بل أن العديد من المسؤولين تلونوا في مواقفهم بشكل لافت، فانتقدموا من صفوف المعارضة الى السلطة،وبعض من يغادرون المنصب العام يبدأون بانتقاد الساسات الت كانوا جزءا منها !

ولنأخذ مثلا على ذلك ، وزير” الاقتصاد الرقمي والريادة ” مثنى الغرايبة ، الذي أطلق تصريحاتصادمة قبل أيام تبرر فرض ضرائب جديدة على إعلانات الشركات المالكة لشبكات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، من أمثال “فيسبوك” و”غوغل” و”إنستغرام” ،كما زعم أن “90” بالمئة من الموظفين والعاملين الأردنيين رواتبهم “500” دينار شهريا،وهو زعم يتناقض مع الاحصائيات الحقيقة التي تقدر معدل غالبية رواتب الأردنيين بين 200 و400 دينار !

ولغرابة تبدل مواقف الغرايبة مثل الكثيرين ، ممن يرفعون شعارات رنانة ثم ينقلبون عليها ، كتبت الناشطة الأردنية “ميسون المومني “رسالة الى الغرايبة ، ردا على تغير مواقفه الوطنية بعد أن صار وزيرا .. جاء فيها ..

” بتتذكر يا مثنى غرايبة يا رفيق حين كنا اعتصمنا على الرابع لرفض قانون الضريبة؟

بتتذكر لما اعتصمنا عند وزارة المالية رفضا للبطاقة الإلكترونية للخبز !

بتتذكر اعتصامنا ضد رفع سعر أسطوانة الغاز!

بتتذكر كل وقفاتنا واعتصاماتنا التي امتدت على مدار عقد من الزمان ،ابتداء من الحسيني والداخلية والرابع وغيره الكثير الكثير!

أصابتني المرارة والعلقم من تصريحاتك مؤخرا حول الضرائب ،وتبريرك أن ٩٠ بالمئة رواتبهم ٥٠٠ دينار، وأنت تعلم علم اليقين أن كل ما تقول غير صحيح، كيف لك أن تستطيع التحول بكل هذا الشكل إلى ما كنت ترفضة ؟

حزني عظيم وأسفي شديد ومرار علقم أسقيتنا إياه….”

يا حيف…

 

الاخبار العاجلة