بانوراما الحراك الثقافي بمأدبا استعاد زخماً مغيباً العام الماضي

29 يناير 2020
بانوراما الحراك الثقافي بمأدبا استعاد زخماً مغيباً العام الماضي

صراحة نيوز –  زخرت مأدبا بحراكٍ ثقافي استثنائي العام الماضي هو أشبه باستعادة إرث هذه المحافظة التي تفيض بالثقافة والتاريخ والتراث والمزدحمة بيوتها وحاراتها وقراها بالمثقفين الذين وصفوا العام الماضي بأنه استحضارٌ لمشهدٍ ثقافي غاب كثيراً عن عاصمة الفسيفساء.

وشهدت مأدبا وذيبان لواء الثقافة للعام 2019 زخماً ذهب عميقاً في حقول الثقافة من مسرح، وموسيقا وفكر وفنون تشكيلية وأدبية وتراثية وفلكلور وإبداع وابتكار ومخيمات وبازارات وطرب ومسابقات ازدحمت بها المحافظة ليس فقط في مركزها، بل في أقاصي حدودها في القرى النائية والمدارس والمراكز التي كانت خارج الزمن الثقافي والتنموي.

وعام 2019 كما وصفه مثقفو مأدبا شاهدٌ على عودة الروح إلى الحياة الثقافية التي “دبّت” من جديد في عروق مأدبا وحروفها الخمسة وبلدياتها الأربع التي شهدت حركة ثقافية تزداد وتيرتها في كل شهرٍ؛ فمنذ بدايات العام احتلّت الثقافة مأدبا مروراً بالربيع وشهر رمضان عبوراً بالصيف حتى تساقطت أوراق الشجر واشتدّ المطر.

والحراك الثقافي المأدبي ما كان ليكون لولا النشاط اللافت لمديرية ثقافة مأدبا بمديرها المخرج فراس المصري وكادرها المميّز، وأيضاً دعم وزارة الثقافة الذي أعاد لمأدبا ألقها وضالتها بتخصيص 475 ألف دينار خصصت لمأدبا وذيبان لواء الثقافة العام الماضي، بينما اختلف الأمر في العام 2020؛ إذ تراجع المبلغ المخصص للثقافة إلى النصف تقريباً ومقداره 225 ألف دينار، الشيء الذي يثير حفيظة مثقفو وأهالي مأدبا الذين يخشون أن تفقد مأدبا هذا العام حضورها الثقافي ويتحوّل الحال الثقافي من الألق إلى الضمور.

دخولاً في تفاصيل المشهد الثقافي، كانت البداية هي من مسرح دير اللاتين الذي احتفلت فيه مديرية ثقافة مأدبا في آذار العام الماضي باليوم العالمي للمسرح بندوة عنوانها “أنا المسرح” ومسرحية أُقيمت بهذه المناسبة هي “عنب أسود”، تبعها العديد من المسرحيات التي احتضنتها مراكز مأدبا الثقافية، علماً أن أول مسرح في الأردن كان في مأدبا في العام1917 بحسب الباحث حنا القنصل.

وفي سابقة، اقامت المديرية وبالتعاون مع صالون مأدبا الثقافي وجمعية عبق النور احتفالية بمناسبة عيد الأم في قاعة مركز شابات حنينا، كما استضافت مديرية ثقافة مأدبا فعاليات من ليالي المسرح الحر الدولي 14 ، وأيضاً استضافت في مركز زها الثقافي، الدورة الرابعة لمهرجان عمان عربياً الذي اقامته جمعية بقاء بالتعاون مع ملتقى أحباب مأدبا بمشاركة فقرة الحكواتي وأيضاً استضافت مسرحية “جرائم زوجية” ضمن فعاليات الأيام الثقافية التونسية .

ونظمت المديرية مهرجان مأدبا الثاني للثقافة والفنون تضمن مسرحيات في عدة مناطق وبازارات ومعزوفات ومعارض وقصائد ورقصات فلكلورية لفرقة التراث الأرمني، وأيضاً تنظيم فعاليات صيف الأردن التي كانت أيام الجمعة في شهر آب واشتملت على عروض ومسرح وشعر وحفلات طربية، كما أن العيد كان مختلفاً العام الماضي؛ إذ تم تنظيم “أفراح العيد” التي استمرت ثلاثة أيام.

وبمناسبة يوم التراث العالمي أُنشئ ركن تراثي في مركز زوار مأدبا اشتمل على المعروضات التراثية التي تحاكي التراث الأردني وخصوصية مدينة مأدبا، كما اقام ملتقى كوكبة الموهوبين والمبدعين برنامجاً تدريبياً لتعليم التفكير الإبداعي، اضافة إلى تنظيم فعاليات مشروع المخترع الوطني الصغير في فرع نقابة المعلمين الأردنيين بمأدبا وتركيب نصب تذكاري يمثل العلاقة والتلاحم الاسلامي المسيحي بمأدبا.

أما ريادة الاعمال فكانت في ورشة تدريبية نفذها ملتقى مأدبا الثقافي، وأيضاً فن “الديكوباج” الذي نظمت فيه جمعية سيدات مأدبا الخيرية دورة تدريبيّة وهو فن يُعطي عمقاً ظاهرياً للطبعات والصور وتبدو كأنها مرسومة، كما تم دعم اصدار كتب وروايات كان آخرها رواية “حكايات المقهى العتيق” التي كتبها تسعة روائيين من مأدبا في سابقة في تاريخ الرواية العالميّة.

وازدحم جمهور مأدبا في الاحتفالية التي اقيمت بذكرى تسلّم جلالة الملك سلطاته الدستورية، كما تم اطلاق منتدى مأدبا لإحياء التراث، وتنظيم محاضرات عن الحياة المشتركة في الأردن في قاعة صالون مأدبا الثقافي الذي ساهم في تنشيط الحراك الثقافي الذي اهتم أيضاً بالقدس من خلال معرض صور “القدس في عيون الهاشميين”.
واحتضن قضاء ماعين مهرجان مأدبا الثقافي الشعري الأول، وأيضاً عُقدت عدة محاضرات في ملتقى ماعين للثقافة تناولت التحديات التي تواجه الأردن.
وانطلقت فعاليات ليالي مأدبا الرمضانية في ملعب مدرسة عماد الدين زنكي وسط مأدبا وسط حضورٍ لافت للأهالي والعائلات التي تفاعلت مع فرق الإنشاد الدينية والطربية والشعرية والمسرحية بمشاركة مطربين وشعراء ومسرحيين معروفين جاءوا من مختلف محافظات المملكة .
وافتتحت فعاليات ذيبان لواء الثقافة بداية نيسان العام الماضي بحضور كبير للهيئات الثقافية والشعبية والرسمية بدأت بمسيرة كرنفاليّة ومشاركة فرقة موسيقات الحسين وفرق الكشافة والخيالة لحقها العديد من الفعاليات الثقافية.
وشهد اللواء كماً كبيراً من الأنشطة الثقافيّة المتنوعة التي أتت على فنون غابت عن الساحة الثقافية والتراثية منها ما يُقام لأول مرة كالمخيم الإبداعي الأول في المحافظة والذي أُقيم في وادي الهيدان/ لواء ذيبان الذي يتمتع بطبيعة ساحرة ووفرة المياه والشلالات شارك به عشرات من الفنانين والمخرجين والرسامين والروائيين الذين حاكوا بأعمالهم المناظر الخلابة.

وللغزل في ذيبان أهمية استثنائية، إذ نظمت ورشة “غزل البساط” وورشة صناعة العلم الأردني من الخرز وورشة القيادة الفاعلة لأجل مشاريع انتاجية ناجحة”، اضافة إلى محاضرات في النهضة التعليمية التي شهدها الأردن وافتتاح بيت الشعر وأسبوع الشعر العربي وتم دعم عدة مشاريع منها مشروع فيلم “من ميشع إلى عبدالله الثاني” وتوثيق الحكاية الشعبية وتوثيق الشعر في ذيبان.

أما فن صناعة “الرزن” كان حاضراً في ملتقى أطفال منطقة الشقيق من خلال ورشة تدريبيّة تم تنظيمها في هذا الفن الذي يتم فيه صناعة القوالب ذات الأشكال المتعددة والدقيقة.

وما يشد الانتباه في الفعاليات الثقافية أنها اشتملت على دورات تعزز ثقافة العمل ومواجهة البطالة حيث تم تنظيم دورة صيانة الموبايل وبرمجيات الهواتف الذكية وأيضاً افتتاح نادي الفنون لتنمية الحس الفني لدى فئات المجتمع ويشمل الرسم على الزجاج والرسم التشكيلي والحرف والفسيفساء والموسيقى، وكان البازار الشهري يطلُّ كل شهر بما يحوي من حرف يدوية ومصنوعات بيتية.

أما قضاء مليح، كانت الثقافة في أوجهها، فالتطريز كان حاضراً؛ إذ تم تنظيم “دورة تطريز الثياب” وتنظيم مهرجان الملك ميشع الثقافي المتنوّع ومهرجان مليح الثقافي الأول للشعر والفنون وتم عقد عدة  دورات ومحاضرات في موضوعات : تاريخ الأردن والنهضة التعليمية والمواطنة والتغيير الثقافي والموروث الثقافي ودور المرأة في مسيرة الدولة والإعلام الإلكتروني، اضافة إلى بازارات منوعة احتوت على العديد من المعروضات كالأكلات الشعبية والمطرزات والأشغال اليدوية، وتمَّ تركيب مجسم مسلة ميشع في منطقة لب، وشارك في هذه الانشطة مكتبة مليح الثقافية الريادية ومركز الأميرة بسمة للخدمة الاجتماعية وملتقى لب الثقافي وجمعية مليح للتنمية وجمعية المشوار للتنمية الاجتماعية ومركز مليح للخدمة البشرية ومركز شباب مليح ومركز مليح للتنمية الاجتماعية وجمعية اسناد وغيرها.

وفي قضاء العريض/ جبل بني حميدة، تم تنظيم ليالي مكاور الثقافية و”كرنفال الفرح والطفولة” في مركز شابات العريض تضمّن مجموعة من المسرحيات القصيرة، اضافة إلى مسرحية ” العلم نور” وعرِضت في نادي جبل بني حميدة .

واللافت أن الفعاليات الثقافيّة كانت حاضرة في مدارس ثانوية وأساسية لم تشهد من قبل الفقرات الثقافية والترفيهية والاسكتشات المسرحية الإبداعية والمسابقات وتوزيع الجوائز اضافة إلى فعاليات المكتبة المتنقلة، وهي مشروعٌ تدعمه وزارة الثقافة ويقام بالتعاون مع مركز هيا الثقافي ومؤسسة عبد الحميد شومان يركّز في مجمل نشاطاته على زيارة المدارس.

ومن المدارس التي شهدت احتفالات كرنفاليّة مدرسة فلحا الأساسية المختلطة ومدرسة جرينة للبنين ومدرسة الشيماء الأساسية ومدرسة المأمونية الوسطى ومدرسة الدير الأساسية المختلطة ومدرسة الموجب الأساسية للبنات التي لم تشهد من قبل أيّة فعالية وهي التي تقع بمحاذاة وادي الموجب، والمدرسة الأساسية للبنات بمخيم مأدبا عُرِض فيها مسرحية ” أولاد حارتنا”.

وفي مدارس الروم بمأدبا، تم تنظيم ورشة إبداعية تضمنت الفقرات الثقافية والاسكتشات المسرحية والتطوير الذاتي والتفكير الناقد، كما وجالت فعاليات مشروع “ثقافتي …حقيبتي” في مختلف مدارس المحافظة.

وفي جانب الحضور السياحي لمأدبا العام الماضي الذي جاءت فيه بالمرتبة الثانية بعد البترا في عدد السواح الزائرين، لما تمتاز به من طبيعة خلابة جداً خصوصاً الأخاديد المائية الفريد من نوعها، وما تتسم به من تاريخ وتراثٍ فازت فيه بجوائز عالمية، وما فيها من سهول القمح الذي كان يُنقل إلى روما، وغير ذلك من الميّزات التي تعزز بطريقة وأخرى المشهد الثقافي الذي هو بحاجة لدعمٍ متواصل تنفض فيه “مأدبا التاريخ والحضارة” غبار الغياب الثقافي وتنتشي مكانتها الحقيقية ليس فقط على مستوى المملكة بل عربياً وعالمياً .

الاخبار العاجلة