صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
لمن يقول أننا حددنا حدودنا مع إسرائيل، وأن الغور الفلسطيني لا علاقة لنا به، وليس لإسرائيل أطماع في الأردن، أرجو أن أذكرهم بما قاله تشرشل عام 1920، اعتمادا على ما كتبه نتنياهو في كتابه ( مكان تحت الشمس ) وأقتبس : ” كان تشرشل وفيا لروح فرساي التي أيدت بوضوح، حق الشعب اليهودي في العودة والاستيطان على ضفتي الأردن، في الأماكن التي عاش فيها في عهد المكراه.
وفي حينه كتب بلفور إلى لويد جورج بهذا الشأن، أن الحدود الشرقية لأرض إسرائيل، يجب أن تمر بعيدا إلى الشرق من نهر الأردن، بغية توفير إمكانية تطوير الزراعة الصهيونية. وقد وافق هربرت صموئيل على ذلك بقوله: ( لا يمكن أن يعيش شعب كبير دون أرض. وكل خبير يعرف أنه من أجل ازدهار فلسطين، يجب أن تكون لها أرض مناسبة إلى الشرق من نهر الأردن ).
كما أن أهم صحيفة بريطانية ( التايمز ) كتبت آنذاك، أن أرض إسرائيل، بحاجة إلى حدود عسكرية جيدة، تكون قريبة قدر الإمكان من حدود الصحراء. نهر الأردن غير مناسب ليكون الحدود الشرقية لفلسطين، وواجبنا كأصحاب انتداب، أن نهتم بأن لا تعيش فلسطين اليهودية، في صراع دائم، بل تكون دولة قادرة على إدارة حياة مستقلة وقومية مزدهرة “. انتهى الاقتباس.
ومن المعروف أن الزعماء اليهود، يحملون مشروعا صهيونيا توسعيا، على حساب فلسطين وبقية الدول العربية. وأولئك الزعماء يطلقون تصريحاتهم المدروسة، لما ستكون عليه دولتهم في المستقبل البعيد. ثم ينفذون خططهم لتحقيق ذلك الهدف على مراحل، إلى أن تأخذ الدولة مداها المطلوب. وبالمقابل نجد أن زعماء وشعوب الأمة العربية، لا خطط لديهم لمواجهة هذا المشروع الخطير، بل يقابلونه بالاستهتار والشجب والاستنكار، وتحويل هزائمهم على جميع الأصعدة إلى انتصارات كاذبة.
ماذا أعددنا لمواجهة هذا المشروع الصهيوني الخطير؟ هل أعددنا جيوشنا لمواقف دفاعية على الأقل؟ هل أعددنا الشعوب العربية في دول المواجهة على الأقل، للمقومة الشعبية، بدءا من الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وانتهاء بالدول المحيطة ؟ هل عملنا على وضع إستراتيجية عسكرية اقتصادية وإعلامية موحدة، لمواجهة الخطر القادم في صفقة القرن وغيرها؟ أم أننا نخدع الشعوب بتصريحاتنا أن لنا حدودا مع إسرائيل، نصت عليها معاهدة وادي عربة ؟ فمتى كانت إسرائيل تحترم نصوص المعاهدات إذا تعارضت مع مصالحها ؟
من المضحك أن تسمع من يقولون : أن لا علاقة للأردن بفلسطين، وأنه لو غزا الإسرائيليون الأردن، سيأكلهم الشعب الأردني بأسنانه وسيردهم خائبين، بما عُرف عنه من محبته للوطن والدفاع عنه. وهذا صحيح إذا رافقه الإعداد السليم والجادّ لمثل ذلك اليوم، وليس العمل بجهود فردية مبعثرة وبأسلوب الفزعة، لأن النتيجة حينها ستكون محسومة قبل أن تبدأ.
آمل من المسئولين والمنظرين، الذين يطلون علينا من خلال الشاشات الفضائية ببذلاتهم الأنيقة، أن لا يحاولوا طمس الحقائق، وإقناع الشعوب والأجيال الناشئة، بأن المستقبل يحمل لهم السلام والأمان في أوطانهم، بل عليهم أن يجسّدوا الحقيقة المضمّرة، ويصوّروا الخطر الذي سيداهمهم في وقت لاحق كي يستعدوا لمواجهته، امتثالا لقوله تعالى:
( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ). ( الأنفال 60 ) صدق الله العظيم.
التاريخ : 6 / 7 / 2020