صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
في كتابه أحاديث المساء يقول الكاتب أدهم شرقاوي ما يلي : ” في كل شخص تعرفه شخص لا تعرفه ! ووراء كل قصة تعرفها قصة لا تعرفها ! وبجانب كل حدث تراه حدث لا تراه ! “.
قرأت هذه الجمل الثلاث وتوقفت عندها طويلا، أتأملها وأعيد قراءتها مرة تلو أخرى. فوجدت أنها ليست عبارات إنشائية بصياغة جميلة فحسب، بل أنها حِكَمٌ فلسفية بليغة، تنطبق على الناس في مجتمعنا بكافة أطيافه، ويجدُر بنا أن نتأملها ونفكّر بها بعمق، لنستنبط منها الدروس والعِبَر.
يعتقد معظم الناس، أن التعليم مقتصر على المدارس الأكاديمية وحدها، ولكن في الحقيقة أن هناك دروسا لا نتعلمها إلاّ من الممارسات الحياتية، والتي قد تكون أكثر أهمية من تلك التي نتعلمها في المدارس. ولهذا قالت العرب قديما ” المجالس مدارس “. وما زال هذا المثل قائما في أيامنا الحاضرة، رغم تطور وسائل الاتصال والمعرفة.
إحدى التجارب التي مررت بها في حياتي العملية، أنني كنت قد عرفت شخصا اعتبرته صديقا، لما أظهر لي من مودةّ وحسن معشر، وتمسك بأهداب الدين. وشاء للقدر أن أختبره بتجربة حقيقية عن قرب، فاكتشفت – مع الأسف – أن كل ما عرفته عنه هو غير حقيقي، فلا مودّة، ولا حسن تعامل، وتجرؤ على الظلم، بعيدا عن تقوى الله وتعاليم الإسلام.
كما لفت انتباهي أنه وجميع أفراد عائلته محكومين من ( زوجته الحاقدة ) التي تعامل الجميع كأطفال غير بالغي الرشد. ولكنها من جانب آخر تكره كل من يتعامل معهم من خارج العائلة. وإمعانا في ذلك فإنهم يعتبرون عائلتهم المبجّلة، من طبقة مميزة تعلو فوق غيرهم من العائلات الأخرى – وهم حقيقة غير ذلك – فلا يجوز لأحد أن يتفوه بكلمة واحدة، نحو أي عضو منها مهما كان خطأه.
وإن حدث مثل ذلك، أنقلب جميع أفراد العائلة ضده بغضب عارم، يحمل العداء والظلم والتهم الكاذبة، فيقطعون ما أمر الله به أن يوصل، دون أن يظهر بينهم شخص رشيد، متناسين قوله تعالى : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَار ) صدق الله العظيم.
أعترف أنني خُدعت بهذا الصديق . . وظهر لي بأن اعتقادي بمعرفته هو اعتقاد خاطئ، فلم أعرف وجهه الآخر إلاّ بعد أن اكتشفته بعد التجربة العملية في وقت متأخر. وبناء عليه، أتقدم بوافر الشكر للكاتب أدهم شرقاوي، الذي نبهنا لهذا الموضوع وغيره، كي نأخذ الحذر من أصدقاء السوء المستترين ..!
التاريخ : 11 / 12 / 2020