صراحة نيوز – بقلم م سمير الحباشنة
فرقٌ في أن نفهم التاريخ بأنه ماضٍ .. ذهب و لا يعود ، أو نسعي الى “تنطيقهُ ” لتوظيفه كسبيل لإستشراف المستقبل. فالتاريخ كينونة حية تتجدد، و لكن بأثواب مختلفة الألوان .
(1)
في خريف 1995،التقيت بالراحل الملك حسين في العقبة،بلقاءٍ طويل غير مُبرمج و غير بروتوكولي حيث كانت أقامته شبه دائمة تشجيعاً للأهالي للبقاء تحت وقع سلسلة الزلازل التي لم تكن تتوقف آنذاك.
في معرض الحديث
٠قلت:أن النُخب الأردنية إثر٠ أحداث نيسان 1989 انقسمت بين رأيين:
الأول يقول : سوف يُعلن الملك أحكاماً عُرفية و يُشكل حكومة عسكرية، أما الرأي الثاني و على العكس تماماً،رأى أن الملك سوف يُقدم على خطوات إصلاحية..
٠أضفت.. بأن جلالتكم إنتصرتم للرأي الثاني ، فقمتم بإقالة الحكومة و ألغيتم قانون الطوارئ و أجريتم أنتخابات برلمانية و بمشاركة الأحزاب التي كانت محظورة ،و أسستم لجنة الميثاق الوطني و أطلقتم العمل الحزبي و حرية الصحافة .
٠وسألت لماذا أخترت ذلك الطريق؟
٠قال رحمه الله ، ” أن تشاوسيسكو ،رئيس رومانيا كان بنى أقوى منظومة أمنية في العالم .. و مع ذلك و في لحظة ما .. سقطت تلك المنظومة مثل أحجار الدومينو ، فأنهار النظام بأيام معدودة . .
٠ مُضيفاً ..الأمن بالمعنى المجرد لا يحمي الدولة، . لكن الحريات و العدالة و المشاركة و مكافحة الفساد و إشباع حاجات الناس،عوامل تعزز الأنتماء ، عندها يُصبح الأمن مُلك للناس فيقومون هم على حمايته .. و كرر أن الأمن المجرد حالة هشة سهلٌ أنكسارها.
(2)
أعتدت حين أزور القاهرة،أن التقي الصديق “الحبيب العادلي”–وزير الداخلية.و أذكر في ليلة عيد الميلاد من عام 2010 أن أرسل من يقلني الى مكتبه،حيث مررت من أمام البرلمان،و أذ بعشرات الأشخاص،يرفعون يافطات جريئة جداً غير مسبوقه،في نقد النظام السياسي،و التعرض الى رئيس الجمهورية شخصياً!!
و لما التقينا
٠أبديت أستغراباً وتوقعاً لتصعيد محتمل ….
٠أجابني بلهجة الواثق
“أطمئن لا شئ سيحدث”.
وما هي ألا اسابيع ، وأذ بالأنفجار الشعبي الكبير في مصر…
(3)
” في خريف 2010 “و بندوة في الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة،و بمحاولة لقراءة الحال العربي و الوطني آنذاك،أتفق المنتدون مع ما توقعه ضيف الندوة د.جواد العناني،
٠”أننا كعرب ،مقبلون على مرحلة تغييرات جذرية،سوف تفرضها تحركات شعبية واسعة محتملة”.
و قد راجعني آنذاك صديق –مسؤول كبير معاتباً:
قلت له:نحن من أبناء الدولة و بخدمتها كنت آمل أن لا تعاتبني،بل تسألني ما الذي دفعنا الى ذلك الأستنتاج! ففي الدول التي تبني سياسات ناجحة،يكون لمراكز الأبحاث دوراً هاماً في رسم تلك السياسات.
“و ماهي ألا أسابيع حتى كان الربيع العربي”.
4. (4)
و بعد ..هي دروس لكل العرب فالفقر و التضييق على الناس ،هو الأوكسجين الذي يتنفسه الغضب، و حين تتسع مساحة الفقر و التضييق، فان الغضب يتحولُ من شعورٍ في صدور الناس الى فعلٍ لا تُحمد عُقباه .
و الله و مصلحة العرب من وراء القصد ..