صراحة نيوز – قدم الوزير الأسبق الدكتور نوفان العجارمة مجموعة من الأراء التشريعية تعقيبا على ما تضمنه القانون المعدل لقانون النزاهة ومكافحة الفساد لسنة 2020 الذي تقدمت به الى مجلس النواب الحكومة السابقة ” حكومة الدكتور عمر الرزاز التي اشتهرت شعبيا بحكومة النهضة والتنفيعات ” ولم تتقدم خطوة واحدة على ارض الواقع لتحقيق النهضة المأمولة .
وخلص الوزير المختص في مجاله الى ان هناك مخالفات دستورية وتشوهات في صياغة القانون المعدل لقانون النزاهة ومكافحة الفساد.
وأضاف العجارمة في ادراج عبر فيسبوك الأحد، “قبل يومين اطلعت على القانون المعدل لقانون النزاهة ومكافحة الفساد لسنة 2020 والذي تقدمت به لمجلس النواب الحكومة السابقة (حكومة دولة الدكتور عمر الرزاز). وبعد دراسة سريعة لمجمل هذا القانون أسجل الملاحظات بشأنه التالية: المادة (2) من المشروع والتي جاءت معدلة للمادة (8) من القانون الأصلي من خلال:1. الغاء الفقرة (ب) من القانون الأصلي والتي كانت تنص على (الطلب من الجهة القضائية المختصة إصدار قرار مستعجل بالحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة ومنع سفر كل من يرتكب أيا من أفعال الفساد أو الطلب بتعديل تلك القرارات او الغائها وفقا للتشريعات النافذة). والاستعاضة عنه بالنص التالي: (( 1. للمجلس إصدار قرار بالحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة ومنع سفر كل من يرتكب أيا من أفعال الفساد لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام عمل على أن يتم رفع هذا القرار الى المدعي العام المختص لتثبيت الحجز أو المنع من السفر خلال يومي عمل.
وتابع “يعتبر قرار التثبيت الصادر وفقا لأحكام البند (1) من هذه الفقرة قرارا بالحجز أو بالمنع من السفر صادرا عن المدعي العام، بإضافة الفقرة (هـ) اليها بالنص التالي: للمجلس عند الضرورة اتخاذ قرار بالاحتفاظ بالمشتبه بارتكابه أيا من أفعال الفساد لمدة لا تتجاوز (48) ساعة. وبخصوص هذا التعديل نبدي ما يلي: ان هذا التعديل ينطوي على شبهة مخالفة الدستور لان قرار المنع السفر وقرارات الحجز على الأموال هي قرارات قضائية خالصة تفصل في نزاع وهذا الاختصاص – بحكم وظيفة السلطة القضائية – يدخل ضمن اختصاص القضاء ولا يجوز ان يعطى لجهة إدارية ليس لديها ضمانات استقلال القضاء ، وقد سبق لهيئة مكافحة الفساد ان اقترحت هذه الامر مرارا وتكرارا وتم رفض طلبها لذات السبب من قبل مجالس النواب (السادس عشر و السابع عشر ) فهذا التعديل علاوة على مخالفته للدستور غير مبرر من الناحية الواقعية حيث تم انشاء نيابة عامة متخصصة لدى هيئة مكافحة الفساد و يمكن استصدار قرارات المنع من السفر والحجز على الأموال من قبل المدعي العام ، وقد قامت النيابة العامة في واجبها في السنوات الماضية ولا يوجد مبرر لهذا التعديل”، مؤكداً ان هذا التعديل تعامل مع النيابة العامة بطريقة غير لائقة وجعل منها مجرد أداة بيد الهيئة حيث نص التعديل المقترح على رفع قرار منع السفر والحجز الى (المدعي العام المختص لتثبيت الحجز أو المنع من السفر خلال يومي عمل.)) يعني دور المدعي العام دور مادي بحت مجرد ( الختم) و المصادقة على قرار الهيئة وهي جهة إدارية ؟؟ ما هكذا تصاغ النصوص ؟؟ ولا يتم التعامل مع السلطة القضائية بهذه الاسلوب ؟؟”.
ولفت إلى أن “نص الفقرة (هـ) المقترح انطوى على كارثة تشريعية حيث ينص المقترح على (للمجلس (مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفاسد) عند الضرورة اتخاذ قرار بالاحتفاظ بالمشتبه بارتكابه أيا من أفعال الفساد لمدة لا تتجاوز (48) ساعة). هل يعقل ان يتم وضع هذا النص والدولة مقبلة على الاحتفال بمئة عام من عمرها ؟؟ ان الاحتفاظ للأشياء غير العاقلة وليس للإنسان، ولماذا لا يتم تسمية الأشياء بمسمياتها يقول النص منح مجلس الهيئة صلاحية التوقيف والحبس ؟؟ وبالتالي لم تعد أي اهمية او دور للنيابة العامة، وهل يعقل ان تعطى جهة إدارية صلاحيات التوقيف ؟؟ دون أي ضمانات ؟؟ وهذا التعديل يطرح السؤال التالي : اين يتم الاحتفاظ بهم ؟؟ وهل هناك نية لأنشاء سجن داخل الهيئة ؟؟ لان المادة(105) من قانون أصول المحاكمات الجزائية تنص على (لا يجوز حبس اي انسان الا في السجون المخصصة لذلك ولا يجوز لمأمور اي سجن قبول اي انسان فيه الا بمقتضى امر موقع عليه من السلطة المختصة والا يبقيه بعد المدة المحددة بهذا الامر ) ووفقا للمادة (179) من قانون العقوبات (( اذا قبل – مديرو وحراس مراكز الاصلاح والتأهيل او المعاهد التأديبية او الاصلاحيات وكل من اضطلع بصلاحيتهم من الموظفين – شخصا دون مذكرة قضائية او قرار قضائي او استبقوه الى ابعد من الاجل المحدد يعاقبون بالحبس من شهر الى سنة..)) أي ان التوقيف يجب ان يتم من قبل النيابة العامة او المحكمة ولا يجوز ان يتم من قبل جهة إدارية ؟؟ فهذا التعديل يشكل اعتداء صارخ على الحقوق والحريات وفيه مخالفة للمادة (128/1) من الدستور والتي تنص على (لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها) ؟؟ مع التنبيه الى نص المادة (7) من الدستور والتي اعتبرت (كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون). فهذا التعديل معيب ومخجل في فكرة ومضموناً علاوة على مخالفة لأحكام القوانين النافذة والدستور أيضا”.
وأشار إلى أن “المادة (3) من المشروع والتي جاءت معدلة للمادة (16) من القانون الأصلي من خلال: حيث اعتبرت فساداً لغايات هذا القانون ما يلي: ( نشر معلومات كاذبة بحق أي شخص طبيعي أو اعتباري أو أي من جهات الادارة العامة بقصد تحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة له أو لغيره أو اغتيال شخصيته أو التأثير على مصداقيته أو الاضرار بسمعته أو بمركزه الاجتماعي) : النصوص المتعلقة بالجريم والعقاب يجب أن تكون محددة في قوالب جامعة مانعة و النصوص المقترحة فضفاضة ، فما المقصود باغتيال الشخصية ؟؟ و ما الفرق بينها وبين جرائم الذم والقدح والتحقير ؟؟ وهل اغتيال الشخصية شيء و (التأثير على مصداقيته الشخص والاضرار بسمعته أو بمركزه الاجتماعي) الواردة في ذات الفقرة شيء آخر ؟؟ وهل ينصرف مفهومها الى اتهام الأشخاص بالفساد دون دليل ام يتعد ذلك الى غيرها من الحالات ؟، لقد أصبحت عبارة “اغتيال الشخصية-Character assassination-مصطلحا متداولا منذ حوالي العام 1930 وهي في الأصل اصطلاح صحفي وسياسي وتعني (محاولة لتشويه سمعة الشخص من خلال المبالغة أو تضليل نصف الحقائق أو التلاعب بالحقائق لتقديم صورة غير صحيحة للشخص المستهدف لغايات رفضه من قبل المجتمع ، وكثيرا ما يصعب عكس أو تصحيح هذه الأعمال لافي اذهان الناس ؟؟ ، وتشبه هذه العملية عملية الاغتيال الاحترافي للحياة البشرية لذلك سميت بهذا الاسم”، لافتاً إلى أن التعديل اعتبر – (استغلال النفوذ لتمكين شخص أو محاولة تمكينه للحصول من الادارة العامة على وظيفة أو خدمة أو اتفاق توريد أو عطاء أو مقاولة أو قرار أو أي ميزة أخرى غير مستحقة ) – فسادا . عبارة (أو محاولة تمكينه) غير منضبطة ولا تنتمي لعائلة قانون العقوبات”.
وشدد على أن التعديل اعتبر “الجرائم المنصوص عليها في المادة (59) من قانون الانتخاب لمجلس النواب أو أي مادة تحل محلها) فسادا ؟ هل يعقل ذلك، الأصل جرائم الانتخاب تقادمها قصير نسبيا بحيث لا تتجاوز عمر المجلس حتى يتم اسقاط عضوية النائب المدان اذا حكم بأكثر من سنه لذلك تتولى النيابة التحقيق فيها مباشرة ولا تحتاج الى جهة اخرى تحيلها اليها، اما هذا التعديل يجعل منها جريمة لا تتقادم؟ وعلاوة على ما تقدم هل الهيئة لديها متسع من الوقت حتى تقوم بهذه المهمة ؟؟”، مشيراً إلى أن التعديل منح اختصاص للهيئة (بالتحقيق في جرائم غسل الأموال الناجمة عن أي من جرائم الفساد المنصوص عليها في هذا القانون) : وعمليا هذا التعديل لا يخدم الدولة ولا يخدم جهود مكافحة غسل الأموال وللأسباب التالية:ان جرائم غسل الاموال تحتاج الى جهاز فني متخصص وهو موجود بالفعل وقائم على عمله على اكمل وهو (وحدة غسل الاموال ) التابعة للبنك المركزي الاردني و تقوم بعملها باحترافية تامه انشئت بقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (46) لسنة 2007 . أي ان هناك كادر متخصص يعمل ضمن تشريع متخصص منذ عام 2007 ولديه شبكة معلومات واسعة مع القطاع المصرفي داخل الاردن وقادر على تبع حركة الاموال، ان مخرجات كل من (وحدة غسل الاموال) وايضا هيئة مكافحة الفساد تحال الى النيابة العامة لاستكمال التحقيق بها ومن ثام احالتها الى محكمة الموضوع، ان نجاح أي جهة بمكافحة غسل الاموال تحتاج الى تعاون الجهاز المصرفي و كذلك محلات الصرافة معها ، ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا لوحدة غسل الاموال التي تتمتع بمساندة كاملة من البنك المركزي، والسؤال : هل منح هذا الاختصاص لهيئة مكافحة الفساد والتي لا يوجد لديها ادنى خبرة في هذا المجال يحقق المصلحة العامة ؟؟ وهل تجاوز جهاز فني متخصص هو الاقدر بالأردن (وحدة غسل الاموال) يحقق المصلحة العامة؟
العجارمة قال إن المادة (4) من المشروع والتي جاءت بإضافة مادة جديدة تحت عنوان (16) مكررة يتطلب حسن الصياغة إضافة عبارة (على الرغم مما ورد في المادة (9) من قانون الجرائم الاقتصادية) الى مطلعها، متمنياً علاج هذا التعديل للمشكلات الواردة في المادة (9) من قانون الجرائم الاقتصادية النافذ حاليا، لا ان يكرر ذات المشكلات الواردة في تلك المادة وانا على يقين لم تم استشارة رئيس النيابة العامة بهذا النص لكن المقترح مغاير.
وأضاف اذا كان الجرم ما زال تحقيقي لدى الهيئة فالأصل ان لا تطلب اخذ راي اللجنة بل تباشر هذا الاختصاصات من تلقاء ذاتها شريطة موافقة الجهة المشتكية اذا كانت من القطاع الخاص و اخذ راي معالي وزير المالية اذا كانت الأموال تعود للخزينة، اما اذا حولت للنيابة العامة او للمحكمة فتطبق عليها نص المادة (9) من قانون الجرائم الاقتصادية.
ولفت إلى أن من المهم أيضا ان يعود الاختصاص مرة ثانية للهيئة او للمحكمة التي أصدرت الحكم اذا تمت المصالحة بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية ، فالهدف هو إعادة الأموال الى اصاحبها و ليس وضع الأشخاص بالسجون ، فالجزاء من جنس العمل، فلماذا لا تشمل المصالحة الموظف العام ؟؟ انا مع شموله مع توقيع عقوبة تكمليه بحقه الا وهي عزله من عمله، فالهدف إعادة الأموال العامة وليس تكديس اشخاص بالسجون.
وعن المادة السابعة في مشروع القانون والتي جاءت بالنص التالي: (يصدر مجلس الوزراء الانظمة اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون بما في ذلك الانظمة الخاصة بشؤون الموظفين والانتقال والسفر والشؤون المالية في الهيئة))، قال العجارمة إن “هذا النص قنبلة موقوتة سوف تنفجر في وجه هذه الحكومة و هذا النص سوف يتخذ ذريعة للمطالبة باستقلال باقي المؤسسات وتطالب بأنظمة خاصة( كديوان المحاسبة و المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب ومجلس الامة ( النواب والاعيان) و المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وغيرها) ونعود للمشكلة التي كانت قبل 2013 من حيث تجاوز الرواتب للسلم المحدد في بنظام الخدمة المدنية ونرجع لطبقية رواتب الموظفين”، فالتعديل سوف يزيد الانفاق الجاري واعتقد معالي وزير المالية احرص مني بهذا الشأن، متسائلاً بماذا تختلف الهيئة عن غيرها حتى يضع لها أنظمة خاصة ، واذا كان موضوع كفاءات يمكن استقطابهم عن طريق العقود ؟ بخلاف ذلك سوف يكون هناك تفاوتت كبير بين موظفي القطاع العام لان المحاسب في الهيئة لا يختلف عن المحاسب في وزارة التربية . و استغرب أيضا من النص على أنظمة خاصة (بالانتقال والسفر والشؤون المالية في الهيئة)) اذا كان نظام الانتقال و السفر يطبق على كل موظفي الدولة – بما فيهم الوزراء ومجلس الامة- و كذلك النظام المالي ( وهو عبارة نفقات وإيرادات وسلف ) ما هي خصوصية الهيئة في امورها المالية ؟؟ هذا النص يخلق مشاكل ولا يقدم أي حلول.
وختم ” هذه مطالعة عاجلة بشان مشروع القانون المقترح وأتمنى على مجلس النواب الموقر في بداية عهده ان يرجع الى الأرشيف الخاص به بشان المشاريع المتعددة المقترحة على هذا القانون. و المطلوب وانتم من اقسم على المحافظ على الدستور ، الوقوف في وجه كل نص من شانه ان يشكل خرق لهذ الدستور، ونحن على اعتاب مئوية الدولة و المطلوب من تعزيز الحقوق والحريات وحمايتها ليس الانتقاص منها وتعزيز استقلال القضاء وعم النيابة العامة لأنها ذراع الدولة وسيفها القاطع في مكافحة الفساد.
إن مشرع الحقوق والحريات في هذه بلدنا العزيز مدعو -بحكم الأمانة التي يحملها فوق كتفيه و بحكم الظروف التي يعيشها الوطن – لان يكون حاميا لسيادة القانون ورسولا للحرية ومبشرا بالتقدم، وراعيا للعدل، فهذا التعديل وفكرته-و مع كل احترام – لم تأخذ به الدولة الأردنية حتى في ظل الاحكام العرفية”.