عمايرة يكتب: دعوة إلى مراجعة ذاتية لأحداث نقابة المهندسين!

26 ديسمبر 2021
عمايرة يكتب: دعوة إلى مراجعة ذاتية لأحداث نقابة المهندسين!

صراحة نيوز – بقلم د. محمد ناجي عمايرة

كثيرا ما نتداول في ادبياتنا واحاديثنا الشفوية القول السائر:” اختلاف الراي لا يفسد للود قضية “..مثلما نؤكد ان الديموقراطية لا تتجزا وان الراي الآخر يجب ان يحترم وان الحوار والتصويب اساس التجمعات السياسية والمهنية وان المصلحة العليا للوطن أولوية كما ان مصلحة اعضاء النقابة المهنية اساسية وتتقدم على مصلحة التنظيم السياسي او القائمة الانتخابية.

كل هذا وسواه من أسس وشروط العمل النقابي المهني وحتى العمل السياسي العام التي درجنا عليها نظريا وجدنا قبل ايام قليلة ان هناك من يضرب به عرض الحائط في اكبر النقابات المهنية نقابة المهندسين الأردنيين.

وكنا نظن ان هذا الذي وقع بين اعضاء النقابة المنقسمين حول تعديلات على القانون اجتهد مجلس النقابة باقتراحها ويسعى الى أعطائها صفة مشروع قانون عبر القنوات والتسلسل المتبع في هيئات النقابة ، نظن انه لا يمكن ان يقع بين شريحة متقدمة من المهنيين المثقفين من ذوي الخبرات النقابية والسياسية الممتدة والتجربة العميقة..

فالأمور وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدي، والتراشق بقوارير المياه في بلد يشكو من فائض المياه بعد الشتوة الاخيرة! ناهيك بالتراشق بالاتهامات والقدح والذم والشتائم بين الطرفين المتنازعين على مشروع تعديلات قانونية، ومحاولة فرض الرأي بالقوة.

الحدث كان صادما ومؤلما خاصة أن سائر الأطراف المهنية والسياسية وعلى تباين الأطياف والتنظيمات الحزبية، وحتى من يوصفون بالمستقلين، حسب القوائم الانتخابية المعروفة بألوانها البيضاء والخضراء، حاولت إلقاء اللوم على غيرها مع ان النزاع مستمر منذ ايام عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي..!

لن اتعرض للتعديلات لأنها تخص أعضاء النقابة، وهم أدرى بها ،إن كانت تلبي المصلحة النقابية او تقصر في ذلك. ولا استطيع ان احدد اي الفريقين هو الذي بدأ بإشعال فتيل النزاع..وليس ذلك هدفي ولا همي هنا..بل انا اتوقف عند ما حصل لكونه يعكس تفكيرا غريبا في سبل حل خلاف في الراي..لا يحتاج الى العضلات او الصوت العالي او التوتر والتزاحم بالأكتاف والمناكب على مسألة يحلها التوافق او يحسمها التصويت بهدوء وسلاسة.

اشعر بكثير من الأسف تجاه ما حدث لأنه يعني ان حديثنا عن الديمقراطية والتعددية واحترام الرأي والرأي الآخر بات حديث وهم وخرافة ،او مجرد كلام غير قابل للتطبيق.

طبعا هذا القول لا يعمم على جميع الحضور، لكنه يعكس سلوك كثيرين منهم. وهو مستغرب من نخب مثقفة ومتعلمة ننتظر منها ان تقود المجتمع كله إلى مراقي التقدم وإنعاش العمل العام المسؤول والمتزن وباساليب علمية متطورة ،فقد ظلت نقابة المهندسين تقف في طليعة النقابات و مؤسسات المجتمع المدني مطالبة بتعزيز العمل المؤسسي والحفاظ على الديموقراطية والحقوق والعدالة والمساواة، واحترام الراي المخالف..

ولن أذهب بعيدا في توجيه اللوم إلى جميع الأطراف التي تشارك في هذه السلوكيات غير الصائبة من النقابيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي كافة إلى جانب ما وقع من توتر وتجاذب وهتافات خارج الموضوع في الاجتماعين الأخيرين اللذين لم يصلا إلى غايتهما فجرى تعليقهما.

لا اجد كلمة مناسبة لوصف هذا الهرج الذي شهده مجمع النقابات المهنية إلا انه يستوجب الأسف والاستنكار والمطالبة بأن يراجع النقابيون انفسهم وان لايخلطوا الأوراق بهذا الشكل غير المقبول على خلفية انتخابات سابقة او لاحقة. فالأساس هو مصلحة النقابة واعضائها جميعا..ووحدة النقابة، خاصة وان من اعضائها من يعطون دروسا في العمل النقابي والسياسي.

إنها دعوة إلى مراجعة ذاتية لتصويب الأمور.

الاخبار العاجلة