صراحة نيوز – اشتهرت مدينة أم الجمال الأثرية، باسم “الواحة السوداء”، لكثرة الصخور البركانية السوداء، ويعود سبب التسمية بأم الجمال إلى استخدام الجمال كوسيلة تنقل خلال القوافل التجارية.
وتعتبر المدينة محطة قوافل تجارية مهمة لوجود عدة طرق تجارية تحاذيها من أهمها طريق تراجان الذي يربط العاصمة القديمة للأنباط “البترا” بالعاصمة الجديدة “بصرى”، والطريق التجاري الآخر القادم من خلال وادي السرحان “ذيوكلتيانوس”.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني، أكد خلال زيارته الأسبوع الماضي، للموقع الأثري في مدينة أم الجمال بالبادية الشمالية، أهمية إبراز الموقع على الخارطة السياحية للأردن وتطويره، تمهيدا لإدراجه على قائمة التراث العالمي، وجذب السياح والزوار، وبما يسهم في تنمية المجتمع المحلي.
وقال مدير آثار المفرق عماد عبيدات في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن العمل جارٍ وبالتعاون مابين دائرة الآثار وبلدية أم الجمال الكبرى ومشروع أم الجمال، على إعداد الملف الخاص بموقع المدينة وتجهيز الوثائق والمخططات المطلوبة، لتقديمها قريباً الى لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وذلك لاعتماده والموافقة على إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي العام المقبل.
وأضاف، تقوم دائرة الآثار العامة وبالتعاون مع مشروع أم الجمال وبشكل مستمر ودوري بترميم العديد من المواقع في مدينة أم الجمال الأثرية والتي تبلغ مساحتها 550 دونما، وتجهيزها لاستقبال الزوار، حيث جرى ترميم وتجهيز مبنى الكتدرائية، وموقع الثكنة العسكرية، قصر الحاكم المدني- البروتوريوم، الخان النبطي، قصر الشيخ، المباني البيزنطية والأموية، البرك.
وأشار عبيدات، الى أن وزارة السياحة والآثار ودائرة الآثار العامة وبالتعاون مع مشروع أم الجمال رممت أحد البيوت التراثية وتدعيمه إنشائياً وتجهيزه ليكون نقطة استقبال للزوار وبيت ضيافة، حيث يحتوي البيت على الخدمات الأساسية اللازمة لزوار الموقع.
وبحسب عبيدات، تقع بلدة أم الجمال في الشمال الشرقي للأردن، وتتبع إدارياً لمحافظة المفرق وتبعد عنها باتجاه الشرق 20 كيلو متراً على الطريق الواصل لبغداد، وتعتبر المدينة الأثرية مركزاً تجارياً واستراتيجياً هاماً.
واستوطن الأنباط قرية أم الجمال في القرن الأول للميلاد، وبعد إعلان الدولة الرومانية احتلها الروم لتصبح قرية زراعية وتجارية مهمة من القرن الخامس وحتى القرن الثامن الميلادي لوقوعها على طريقي تراجان ووادي السرحان.
وتحولت منطقة أم الجمال الى الديانة المسيحية إبان الحكم البيزنطي وبني فيها 15 كنيسة على فترات مختلفة اقدمها كنيسة جوليانوس، وفتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي أثناء الحكم الأموي الى أن ضرب المنطقة زلزال مدمر سنة 749 أدى الى تدمير الكثير من المباني الأثرية ونزوح سكان المنطقة.
وفي الفترة الأموية (636 – 750 ) ميلادية، ازدهرت أم الجمال عندما أصبحت دمشق عاصمة الدولة الأموية حيث تم إعادة استخدام البيوت السكنية الرومانية والبيزنطية، ومبنى الحاكم الإداري الروماني حيث تم استخدام قاعة العرش في الفترة الأموية، وكذلك تدشين البيت الأموي الذي يشغل حاليا مركز زوار أم الجمال (المتحف) .
وتكمن أهمية مدينة أم الجمال، بحسب عبيدات، لوقوعها ضمن المنطقة البازلتية حيث تم تطويع حجارتها واستخدمت عناصر معمارية فريدة من نوعها كنظام التسقيف (التطنيف) لعدة طوابق ونظام الأقواس والعقود لحمل السقف وكذلك الأدراج الطائرة والبرك والخزانات المائية ومغاسل الجدران وتبليط الأرضيات.
كما تكمن أهميتها بوقوعها ضمن منطقة الأودية القادمة من سوريا خاصة وادي اللص في الجهة الشمالية من الموقع ووادي الزعتري غرب الموقع، حيث استثمرت هذه الميزة في استخدام نظام مائي مميز يتمثل بنقل المياه عبر قنوات مسقوفة بألواح حجرية إلى البرك المائية وخزانات، إضافة الى قرب المدينة من الطرق التجارية المهمة كطريق تراجانوس، حيث أصبحت أم الجمال محطة للقوافل التجارية وهو ما تطلب تدشين حصن عسكري (ثكنة عسكرية) في الفترة الرومانية لحماية القوافل التجارية.
وقال عبيدات، إن من أهم المواقع الأثرية بالمدينة الاستراحة النبطية وتعود للقرن الأول الميلادي، اضافة الى الثكنة العسكرية (البركس) وهي عبارة عن حصن دفاعي عسكري يعود للفترة الرومانية (القرن الثالث الميلادي) وتم تدشينه لحماية القوافل التجارية، والحصن عبارة عن بناء مستطيل الشكل يتخلله ساحة مفتوحة تحيطها عدة غرف جانبية، وبرجان أحدهما في الجهة الغربية والآخر في الجهة الجنوبية الشرقية، وفي أعلى البرج يوجد نقش يتضمن أسماء الملائكة الأربعة: ميخائيل ورفائيل وجبرائيل وارائيل.
ومن المواقع الأثرية المهمة في المدينة، يشير عبيدات الى سور المدينة وبواباته، حيث استخدمت هذه الأسوار والبوابات في الفترة الرومانية لتحصين المدينة من أي اعتداءات خارجية، لافتا الى أن الموقع محاط بسور يتخلله ست بوابات من جميع الجهات وأهمها بوابة كومودوس والتي تقع في الجهة الشمالية الغربية.
وأشار عبيدات كذلك الى البرك والخزانات المائية، ومبنى الحاكم الإداري الروماني (البروتوريوم) حيث يقع هذا المبنى المتكامل في منتصف الجزء الغربي للمدينة الأثرية وتم بناؤه في بداية القرن الرابع الميلادي ليكون بمثابة قصر للحاكم المدني في المدينة، ويتكون من مجموعة من الغرف والقاعات التي يتوسطها ساحة سماوية مسقوفة بطريقة الشبائح الحجرية الطويلة المعتمدة على أربعة أعمدة في وسط القاعة الجنوبية.
ومن المواقع الأثرية، الكاتدرائية التي بنيت عام 557 ميلادي، بطراز البازيليكا من هيكل شبه دائري مزخرف على جانبي الممشى الضيقين، وتعد “الكاتدرائية” واحدة من أكبر الكنائس وتقع في الجزء الجنوبي- الغربي من موقع أم الجمال، وكنيسة نوميريانوس، والكنيسة الغربية.