صراحة نيوز – دعا متخصصون في قطاع الصناعات الدوائية، إلى دعم وتمكين صناعة الدواء المحلية، كونها تعد محركا أساسيا لعجلة الاقتصاد الوطني.
وأكدوا أن التمكين يتم من خلال تبسيط وتسهيل الإجراءات الرسمية لتسجيل الأدوية الجديدة، وتحسين الإنتاجية وتعزيز تنافسية الدواء المصنع محليا عن طريق تخفيض التكاليف.
وأشاروا لأهمية تأهيل وتطوير الكوادر البشرية المتخصصة في صناعة الأدوية، وتبني سياسة تسويقية وترويجية للصناعات الدوائية المحلية والعمل على فتح أسواق تصديرية جديدة، وإيجاد قواعد تسعير ميسرة تضمن استقرار الأسعار.
وأكدوا ضرورة استقطاب استثمارات جديدة لقطاع صناعة الأدوية ودعم القائم منها وتنمية عمليات البحث والتطوير وتعزيز الابتكار في هذا المجال والعمل على مراجعة المناهج التعليمية لتلبي متطلبات السوق.
وقال رئيس مجموعة الحكمة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، مازن دروزة، إن السوق الأردني يشكل قاعدة متينة لصناعات الأدوية كافة، إلا إن حجم سوقه الداخلي الصغير نسبيا، يحتم أن يكون توجه الشركات الأردنية للتصدير، حيث تشكل الصادرات حوالي 80 بالمئة من إنتاج الأدوية.
وأضاف أن شركات الأدوية الأردنية تقوم بتغطية ودعم المواطن بصورة غير مباشرة عن طريق العطاءات الحكومية، مبينا أن غالبية المواطنين أي 85 بالمئة مؤمنون صحياً وبالتالي يحصلون على الأدوية بأسعار رمزية تصل إلى سعر التكلفة تقريبا، أما غير المشمولين بالتأمين الحكومي فيتم تغطية كلف أدويتهم إما من خلال التأمين الخاص، أو الشراء المباشر من الصيدليات.
ولفت دروزة إلى أن حصة الشركات الأردنية من سوق الدواء انخفضت إلى 30 بالمئة، بعد أن كانت 60 بالمئة، وذلك نتيجة طرح أصناف جديدة غالية الثمن من قبل الشركات العالمية، والتي تتمتع بهذه الميزة كون السوق المحلية سوقاً حرة.
وأشار إلى أهمية المحافظة على الميزة التنافسية للدواء الأردني في أسواق التصدير، وتعد الأردن دولة مرجعية من حيث تسعير الأدوية ويعد سعر الدواء في السوق الأردني هو السقف، لذا نجد علاقة طردية بين سعر الدواء الأردني في الأردن وحجم الصادرات، أي أن انخفاض سعر الدواء الأردني سيؤدي حتما إلى انخفاض الصادرات الوطنية.
وأكد دروزة أهمية التركيز على زيادة الصادرات الدوائية والعمل على فتح قنوات تسويقية جديدة، بدلا من استدعاء مستشارين خارجيين لعمل دراسات بحثية من أجل دراسة كيفية زيادة الصادرات، والتي ترتب تكاليف مادية مرتفعة، مشددا على ضرورة قيام الجهات المعنية بدراسة الإجراءات التي تؤثر بشكل مباشر على أسعار الدواء بشكل واف وشمولي لتلافي انخفاض الصادرات الدوائية.
وبين أنه لتحسين الصادرات إلى مختلف دول العالم، يجب فتح أسواق تصديرية جديدة وغير تقليدية مثل الولايات المتحدة، أوروبا، إفريقيا، والشرق الأقصى، إضافة إلى إيجاد رؤية وخطط استراتيجية واضحة للمدى الطويل، لتتمكن شركات الأدوية من التخطيط المناسب.
ولفت إلى وجود حوار مستمر وتشاركية مع الجهات المختصة في مجال تعزيز الصادرات الدوائية، وذلك من خلال اتحاد منتجي الأدوية، الذي يقدم باستمرار الحلول المناسبة مع وزارة الصحة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء.
وأشار دروزة إلى أن شركات الأدوية بالتعاون مع وزارة الصحة تعمل على توفير الأدوية المرتفعة الثمن غير المنتجة في الأردن بسعر مناسب سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة أردنيا، وذلك من خلال برامج الوصول للمرضى، حيث قامت المؤسسة العامة للغذاء والدواء بوضع الضوابط اللازمة لهذه البرامج على نطاق ضيق ما يسمح بتوسيعها مستقبلا على نطاق أوسع.
وشدد على أهمية إيجاد استقرار تشريعي للقوانين الاستثمارية كافة، بحيث تتيح التخطيط على المدى البعيد بهدف استقطاب المزيد من الاستثمارات في الأردن، ولاسيما في قطاع الصناعات الدوائية، مبينا أنه ليس هناك معوقات تقف أمام تطور وتعزيز الاستثمارات في قطاع الأدوية.
وأوضح أن الأردن يمتاز بالعنصر البشري، حيث هناك أعداد كبيرة من الصيادلة والكيميائيين والمهندسين ممن يجيدون العمل في مختلف مكونات الصناعات الدوائية، مطالبا بضرورة توفير برامج تحفيزية لصناعة الأدوية ما يسهم بتوفير فرص عمل لأعداد كبيرة من الخريجين ما يسهم في تقليل معدلات البطالة في المملكة.
ودعا دروزة إلى أهمية الاستمرار في تدريب الكوادر العاملة في هذا القطاع، وإجراء المزيد من عمليات البحث والتطوير بالتعاون مع أساتذة الجامعات للنهوض وتطوير المخرجات العلمية لتلبية احتياجات تلك الصناعات في المستقبل، إضافة إلى تعاون الجامعات وشركات الدواء لوضع مناهج وبرامج مختصة في الصناعات الدوائية بهدف تقليل الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.
وقالت الأمين العام للاتحاد الأردني لمنتجي الأدوية الدكتورة حنان السبول، إن قطاع الصناعات الدوائية يواجه العديد من التحديات أهمها؛ ارتفاع حجم المديونية المترتبة لشركات الأدوية على الحكومة نتيجة لتأخرها بسداد أثمان الأدوية الموردة للعطاءات لسنوات، مبينة أن حجم هذه المديونية يتجاوز مئة مليون دينار، ما يؤثر سلبا على السيولة المتوفرة لدى الشركات لإنجاز أعمالها ويهدد استمرارية العمليات الإنتاجية والتصديرية والتوظيف وغيرها.
وأضافت، أن من التحديات التأخر في تعديل التشريعات التي تساهم في تسريع تسجيل الأدوية، منها تعديل نظام فحص الأدوية، ما يؤخر دخول الدواء الأردني للسوق الدوائي المحلي وأسواق التصدير، إضافة إلى قلة الموارد في المؤسسات المعنية بتسجيل وفحص الأدوية وإنجاز المعاملات المتعلقة بها.
وأشارت السبول إلى أن السوق الدوائي في الأردن صغير نسبيا، والمنافسة قوية، لهذا يركز القطاع على التصدير، إلا أن التوجه لتوطين الصناعة الدوائية في أسواق التصدير يفرض تحديا كبيرا أمام تصدير الدواء الأردني، حيث تفرض الدول العديد من المعيقات غير الجمركية على الأدوية المستوردة وتؤخر تسجيلها وفي المقابل تزيد من اعتمادها على الأدوية المحلية دعما للصناعة المحلية، إضافة إلى الميزات التي تمنحها الحكومات في أسواق التصدير لاستقطاب المستثمرين ودعم الصناعة الوطنية ما يؤثر على تنافسية الدواء الأردني في هذه الأسواق.
وبينت أن ارتفاع كلف الإنتاج في الأردن مقارنة بالدول المجاورة، بما في ذلك كلف الطاقة والعمالة وغيرها، يؤثر على تنافسية الدواء الأردني محليا وخارجيا، إضافة إلى عدم توفر مصانع محلية تغطي حاجة شركات الأدوية من المواد الأولية، وبعض مواد التعبئة والتغليف، وعدم الاستقرار في سلاسل التوريد والارتفاع المستمر بكلف المواد الأولية وكلف الشحن.
واعتبرت أن غياب الربط والتشبيك المؤسسي بين الصناعة والجانب الأكاديمي، يؤثر على توجيه الأبحاث في الجامعات لمواكبة تطور الصناعة الدوائية، ويزيد الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات القطاع، وضعف التنسيق بين المؤسسات الرسمية المختلفة في القضايا التي تخص الصناعة الدوائية، وغياب التخطيط الاستراتيجي على المستوى الوطني يحد من فرص النمو في القطاع ويؤثر على صادراته وفرص العمل للأردنيين، ناهيك عن تأثيره على تحقيق الأمن الدوائي في المملكة.