” أوكازيون “التجنيس

1 أبريل 2018
” أوكازيون “التجنيس

صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات

عندما تبور البضائع ، أو تتعاظم الديون على التاجر يلجأ للوفاء بديونه للتدليل على بضاعته بالإعلان عن موسم التخفيضات، أو ما يعرف عند التجار بـ ” أوكازيون ” الذي يكون احيانا غيرمحدود المدة.

ومع ارتفاع المديونية ، أعلنت الحكومة عن بدء موسم “الأوكازيون” لديها بتقديم فرصة سانحة لأول 500 شخص يتقدمون للحصول على الجنسية أو الاقامة الدائمة مقابل المال أو الاستثمار بوضع وديعة لمدة خمس سنوات بقيمة 1,5 مليون دولار لدى البنك المركزي دون فائدة ، وفي حال أراد الحصول على فائدة للوديعة عليه إيداع مبلغ الوديعة ذاته لكن لمدة عشر سنوات .

العروض المغرية لم تتوقف عند ذلك ، بل وصلت إلى منح زوجة المستثمر وبناته العازبات والأرامل والمطلقات اللواتي يعشن في كنفه وأولاده الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 سنة، ووالديه اللذين يعولهما الجنسية أو الاقامة الدائمة دون مقابل ، والله يا بلاش!.

ومن المتعارف عليه لدى المواطنين أن الاعلانات عن ” الاوكازيونات ” جميعها غير حقيقية ، وما هي إلا “جرة اجر” ، ولا تمت للإعلانات بصلة ، تماما كاعلان “اوكازيون “حكومتنا الأخير ، لسبب بسيط هو إن أي مستثمر يمتلك القدرة المالية لا يعقل أن يتخلى عن جنسيته مقابل مشروع استثماري قابل للربح أوالخسارة ؟! حيث ان المادة 13 من قانون الجنسية الاردنية رقم 6 لسنة 1954 وتعديلاته لسنة 1987 ، نصت صراحة على عدم منح شهادة التجنس بالجنسية الاردنية إلى أي شخص، إلا إذا كان يفقد بهذا التجنس الجنسية التي كان تابعاً لها في تاريخ تجنسه .

لذا من الواضح أن الغاية من الاعلان عن “الاكوازيون “الحكومي للجنسيات،هو تمرير لحالات بعينها ، ولغايات معينة ترتبط بالوضع المقبل للضفة الغربية وفلسطين ، فالاوكازيون تم تفصيله وتنفيذه لفئات وضمن اتفاقيات وكحل لمشاكل تواجه تنفيذ المخططات المستقبلية في المنطقة ، حيث جاء القرار حصريا للمستثمرين الفلسطينيين وأبناء القدس وقطاع غزة .

بكل بساطة الأمر غير مغر لأصحاب الجنسيات الخليجية أو الأجنبية ، لأن مقدار المبالغ التي عرضتها الحكومة نظير الحصول على الجنسية سيمكن الزبائن من الحصول على جنسيات أجنبية توفر الشيء الكثير لحملة جنسيتها أكثر مما نقدمه نحن لهم ، أما البلدان التي دمرها الربيع العربي فسيكون شراء الجنسيات خلال “الاوكازيون”،أكثر فائدة لديها ، و أنسب لحل لمشاكلها .

على الرغم من عدم وضوح وعدم دقة الارقام التي أعلنت عنها الحكومة للمتقدمين للحصول على “الاوكازيون” لشراء الجنسيات ، إلا أن التسريبات أظهرت أن المركز الأول احتله حملة الجنسية العراقية الموجودين على الأراضي الاردنية ، يليهم حملة الوثائق من الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتلاهم اللبنانيون ومنهم عدد من حملة وثائق لبنانية ، ومن بعدهم الليبيون.
من الارقام التي افصحت عنها الحكومة اخيرا ، تبين وصول 40 متسابقا للاستفادة من “الاوكازيون” بعد ان وصلوا إلى التصفيات النهائية للحصول على جنسيات مقابل الاستثمار ، لكن من أصل كم؟ لم يعلن عنه حتى الآن؟!

المستهجن في الموضوع اننا نتحدث عن جنسية مقابل استثمار ، إلا أنه لم يتم الاعلان أو الافصاح عن المشاريع الاستثمارية التي تقدم بها هؤلاء المتسابقون على “اوكازيون” التجنس .

الجميل في الموضوع ، انه بعد خمس سنوات من الحصول على الجنسية الأردنية مقابل مليون ونصف المليون ، سيكون لدينا رؤساء بلديات أردنية من اصول ليبية أو عراقية أو يمنية أو لبنانية أو من حملة الوثائق ، أو أي جنسية أجنبية ، كون المادة 14 من قانون الجنسية الاردنية تمنح الشخص الذي اكتسب الجنسية الاردنية بالتجنس بعد انقضاء خمس سنوات حق الترشح للمجالس البلدية والقروية والنقابات المهنية ، فيما سمحت له أن يكون عضواً في مجلس الامة بعد مضي عشر سنوات ، وبهذا سيكون هناك مطالبات في وضع “كوتا” للأقلية الليبية ، والأقلية اللبنانية ، والأقلية اليمنية ، والأقلية من حملة الوثائق ، ومقعد …. . ، الى جانب السماح له بموجب القانون المنافسة في تولي المناصب السياسية والدبلوماسية والوظائف العامة ، لتزيد بذلك هوة البطالة لدينا.

لا نعرف إن كان هناك علاقة بما قامت به الحكومة الاردنية بتوقيف العمل باتفاقية الشراكة لإقامة منطقة تجارة حرة بين الاردن وتركيا ، بحيث لا يسمح منح الجنسيات للمستثمرين الأتراك في الاتفاقية ، وذلك حماية للبحر الاحمر من اي امتداد تركي عليه؟

وهذا يرتبط بمخططات المسؤولين عن مدينة ” نيوم ” ، التي ستكون ضمن تشاركية سعودية واردنية ومصرية ، وهي مخططات ترفض الوجود التركي في المنطقة.

يبدو أن “اوكازيون” التجنيس الحكومي لا علاقة له بالاستثمار لا من قريب ولا من بعيد ، لكنه جاء من باب الدعاية والاعلان والتضليل .

الاخبار العاجلة