صراحة نيوز – كتب أ.د. محمد الفرجات
فجأة وبلا مقدمات ترتفع الأسعار في العالم، وتأتي النذر لتقرع الأجراس محذرة من شح إنتاجي عالمي وغياب سلع غذائية وصناعية لزيادة الطلب عليها في دول الإنتاج، وبالمصادفة مع ذلك نجد أنفسنا أمام شح خطير في مياه الشرب، وهو الأولوية الأولى قبل متطلبات مياه الري والصناعة وأنشطة السياحة والإعمار والتي تعاني النقص كذلك.
مع البطالة والفقر اللذان يزدادان، ومديونية تنمو، ونفقات تزداد وإيرادات تشح، تجد الحكومة التي باتت عاجزة عن الحلول نفسها ترفع أسعار المحروقات، لتتباطأ التنمية مزيدا ومزيد، أمام وباء كورونا الذي أصلا أهلك القطاعات، وجعل الكثير من الأسر في مهب الريح عندما فقد الآباء وظائفهم.
قد نلوم الحكومة، ولكنها فعليا عليها توفير رواتب شهرية وخدمة ديون وكلف جارية ورأسمالية، وأي توجه أو خطة ستحتاج التمويل بلا أدنى شك، وهو الذي لا يمكن توفيره.
الهيئات المستقلة من مفوضيات وشركات تطوير ومدن تنموية وصناعية وشركات حكومية، كان مؤملا منها أن تكون مشاريع دولة كبرى ترفد الخزينة، وكثير منها اليوم يعود للخزينة بحثا عن الرواتب الشهرية، والجامعات التي يجب أن تبحث وتبتكر وتسند الإنتاج الفكري ليست بأحسن حال.
المصانع تضيق عليها الظروف وكثرة المخالفات، وتهاجر لإرتفاع كلف الطاقة والإنتاج، وكأن هنالك من لا يريد صناعات وطنية، بينما الإستثمار الأجنبي يواجه معيقات ولا يأتي، ولم تحل كل الجهود والتوجيهات هذا اللغز.
تحديث المنظومة السياسية بين قوانين الإنتخاب والأحزاب والإدارة المحلية، وتمكين المرأة والشباب، تسير وفق الوقت المقرر، ومخرجاتها إن أقرت فستكون نتائجها على الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية بعد وقت ليس بالقصير.
توجيهات جلالة الملك للحكومة لإعداد خطة تعافي إقتصادي للعامين القادمين، ستكون رؤى وخطط تنفيذية رائعة، ولن تطبق إما لغياب التمويل، وإما لأن تطبيق بنودها ستمس إيرادات الحكومة، والتي عليها تحقيق سقف الرواتب المالي شهريا قبل كل شيء.
الأولويات تتلخص بالشح المائي والبطالة والفقر وموجات الغلاء العالمي والأمن الغذائي، وكل منها ملف كبير ذات مكونات، وكلها ذات علاقة بالبقاء وبالأمنين الوطني والقومي.
يخطيء صانعو القرار إذ يبنون قراراتهم وفقا لتسريبات بعض الصالونات السياسية، بينما ما يجب أن يؤخذ به هو الأولويات أعلاه، إضافة لنبض الشارع الذي يعكس حال محافظات تئن تحت وطأة الفقر والبطالة.
قدمنا في منتدى النهضة عبر سنوات مضن الحلول، وتم بناء نموذجنا ومعايرته، لتشير المخرجات إلى أن الإقتصاد التعاوني هو مستقبل الدولة، ولا مجال للتفاصيل، فكل أجهزة الدولة تعلمها جيدا.
نعود ونؤكد لأجهزة الدولة والحكومة بأن الوقت ليس بصالحنا أمام هذه الأولويات الملحة، وأن تسريبات وغيبة ونميمة وكولسات بعض الصالونات والولائم السياسية تعيق الجهود والتنمية وتشكل قوى شد عكسي، ولا تزيد على أنها فقاعات ديكورية هشة، لا تحمل مشاريع ولا فكر تنموي ولا حلول، ولا تمثل إلا نفسها فقط، وأن مستقبل الدولة رهنا بالإنتاج فقط والذي يسنده الإقتصاد التعاوني، وأن الفرصة مواتية للبدء، اليوم وقبل الغد.