من منطلق شغفنا الكبير بمتابعة رياضة كرة القدم منذ سنوات طويلة نمني النفس بين فترة وأخرى بوجود رياضة متميزة في بلادنا، فنحاول أن نقنع أنفسنا بأنه لم يعد هناك وجود لأصوات الشحن العنصري الشاذة التي تنطلق بين جماهير الأندية الأردنية الكبرى في كل قمة تجمعهم.
ولكن للأسف فسرعان ما تكون خيبة أملنا في كل مرة أكبر من المرة التي سبقتها، فنرى كيف يتفنن أفراد من جماهير أكبر الفرق الأردنية في كيل أنواع الاساءات لبعضهم البعض، وبشكل يجعلنا نفضل متابعة المباراة على الصامت، هذا إن إستطعنا متابعتها حتى النهاية، وهو الأمر الذي وصل في العام الماضي إلى مستويات تندى لها الجبين، حتى أنها عكست أسوأ الصور عن الرياضة الأردنية وجمهورها للأسف الشديد، والمستغرب هو الصمت الرسمي عن هذا الأمر، وهو الذي يتسبب في شحن النفوس ويعزز العنصرية بين جماهير الأندية الأردنية كافة، فلا نجد من الاتحاد الأردني إلا عقوبة حرمان الجمهور من الحضور للمباراة التالية أو غرامة مالية يتم دفعها لتعود الأمور أسوأ مما كانت عليه بعد ذلك !
وما رأيناه بالأمس من واقعة “مخزية” وغير مبررة في نادي الوحدات الذي يفترض أن يكون القائمين عليه من الحكمة والمسؤولية بما يتناسب مع تاريخه كأحد أكبر الأندية الأردنية، وفي فعالية يفترض أن تكون “ثقافية”، ماهي إلا واحدة من نتائج السياسة “الميتة” للاتحاد المسؤول عن هذه الرياضة في بلادنا للأسف، والتي تسمح لثقافة الشحن والعنصرية التي يشعلها أفراد شاذين في كل مرة دون أن يجدوا العقاب الرادع لما يقومون به، وهو الأمر الذي يتفاعل بالمناسبة في هذا الوقت بشكل كبير منذ إنتشاره حتى بين جماهير دول عربية كبيرة تربطنا بها علاقات طيبة منذ أزمنة طويلة ليأتي تصرف أرعن مثل هذا ويؤثر فيها سلباً، ومن هنا أصبح لزاما على الاتحاد الأردني لكرة القدم إن كان يريد الحفاظ على ما تبقى من سمعة طيبة للكرة الأردنية أن يصحو من سباته العميق، ليقف جنباً إلى جنب مع الأجهزة الأمنية الأردنية لملاحقة وإيقاف كل تسول له نفسه العمل على زرع الفتنة بقصد أو بدون قصد بين أبناء الوطن الأردني الواحد، أو التعرض لقائد الوطن وثوابته بالاساءة بأي شكل من الأشكال، ليبقى وطننا كما نضرب به المثل دائماً مثالاً للتآخي والوحدة والوطنية، فمن أكبر العيب أن نسمح أن يخرج من بيننا أياً كان ومن أي ناد يفترض به الانتماء للوطن بالاساءة لرأس الدولة وقائدها، ومعه عدد من قادة الدول العربية التي تربطنا بهم علاقات الود والاحترام دون أن يتم إيقافه عند حده.
ونتوجه لجميع المسؤولين المعنيين في بلادنا بالسؤال هنا: إلى متى هذا الصمت عن مثل هذه المهازل التي تضرب في صلب نسيج مجتمعنا وقواعد ثوابته الراسخة ؟
إلى متى وأنتم تنظرون إليها دون حراك ودون دفن الفتنة وقطع رأسها قبل أن تطل به علينا، أم أن هناك من يستمتع بمثل هذه المظاهر التي تسود الوجوه !!
ومع كل حبنا وعشقنا لرياضة كرة القدم نقولها لكم بأعلى الصوت: لتذهب كرة القدم ومعها كل الرياضات الأخرى إلى الجحيم عندما يتعلق الأمر بالوطن وأمنه وقائده وثوابته، فلا صوت يعلو فوق صوت الحفاظ على هذا الوطن الذي هو رأس مال كل واحد منا، وإحترام قيادته وتعزيز أمنه وإستقراره، ولو كان مقابل ذلك شطب رياضة كرة القدم في بلادنا برمتها، وتذكروا دائماً بأن أكبر الحرائق لطالما كانت من مستصغر الشرر.
م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران