صراحة نيوز – بقلم عبد الفتاح طوقان
امتاز عدنان أبو عوده الذي اتي من رحم المخابرات الأردنية وزيرا في حكومة عسكرية عام ١٩٧٠ انه صاحب فكرا ورؤية وله منطق تحليلي سهل ممتنع جعله يتقدم الصفوف ويصبح بلا منازع مستشارا خاصا للملك الراحل الحسين يكتب له خطاباته ويناقش معه مفردات الخطاب قبل ان يلقيه الملك. وحتى يومنا هذا لم يأت محلل ومفكر وقارئ جيد مثله، على الرغم من وجود كفاءات عالية اردنية ولكنها مهمشة ومستبعده، في أي منصب ليكون سندا ومستشارا للملك.
ولقد صنع وقدم العديد من الوزراء، في الاعلام وغير الاعلام، ممن لعبوا دورا هاما في التاريخ السياسي الأردني وكان دافئ في نهج التعامل ودمث في الحوار ولكن دوما محملا بذخيرة حية من وثائق الكتب والمخطوطات.
عدنان أبو عوده هو صاحب نظرية ” كل اعلام وله صاحب”، أي ان الاعلام ليس جزافي او طارئ، ولذلك هو اول من بدء في نشر ثقافة “تبعية الاعلام” وتوجيه الصحافة والإعلاميين، منذ ان التحق بالمخابرات في عام ١٩٦٦ في الوقت الذي وصفه معارضوه بأنها ” شراء الإعلاميين واعاده تدويرهم بينما كنات رؤيته لخدمة اهداف الأردن. في رسالة واضحة.
وامتد فكره ليضم صحافيين عده في الأردن وكتاب اعمده، يصنعهم ويجعلهم يتقدموا الصفوف، وانطلق نحو الضفة الغربية بذات النهج ونجح في توظيف صحافيين فلسطينيين في الضفة الغربية في زمن صعب واتجهت انظاره الي خارج الأردن.
لذا المتابع يجد ان الأردن استطاع احضار الراحل الصحفي المصري حمدي قنديل في أحد الفترات ليكون مستشارا إعلاميا للتلفزيون الأردني.، والصحفي المصري الراحل صلاح عبد الصمد ليكتب زاوية افق في جريدة الرأي ويكون مسؤولا عن سياسة التحرير.
وعدنان أبو عوده هو اول من أسس منصب مسؤول الاعلام داخل جهاز المخابرات واصبغ عليه فكر الدراسة والتحليل والمتابعة والذي تولاه آنذاك العميد الحناوي من المخابرات الاردنية.
والبداية كانت مع ال الشريف، وهم قامة إعلامية مهنية مصرية من العريش، عرفوا بعدائهم للنظام الناصري في وقت العلاقات الأردنية المصرية سيئة و محاولات الرئيس عبد الناصر الإطاحة بالملك و الملكية، و حدثت محاولتين لاغتيال الملك الحسين بترتيب من المخابرات المصرية آنذاك و فشلت، فاستقطبهم عدنان أبو عوده وجاء صدور العدد الأول من جريدة الدستور يوم 28 اذار من عام ١٩٦٧ نتيجة الاندماج بين صحفتي “فلسطين” و”المنار” في شركة جعلت من ” الدستور” اسما لها و بمباركة و رعاية من عدنان أبو عوده الذي كان يمثل النظام الأردني الأمني والإعلامي.
والحقيقة ان الدستور لعبت دورا كبيرا وهاما في الصحافة المحلية الأردنية وكانت مدرسة خرجت العديد من كبار الكتاب واوصي أبو عوده أن يكون أبناء العائلة وزراء في الحكومة الأردنية، فتولي اثنان منهما لوزارة الاعلام وساهموا بكل جدارة في نقابة الصحافيين وترأسوا مجالس ادارتها لسنوات، وحملوا لواء الصحافة وخط معارض لنظام عبد الناصر في مصر ومؤيد للتيارات الإسلامية داخليا والشأن الفلسطيني.
ثم قدم عدنان أبو عوده اثنان من الصحفيين والكتاب أصحاب الفكر والقلم والفلسفة، ممن شكلوا اعمده رئيسية في الصحافة الأردنية، بغض النظر عن الاتفاق معهم او الاختلاف حول آرائهم من البعض، وهما الكاتبان احمد سلامه في جريدة الرأي وخيري منصور رحمه الله في الدستور. والهدف هو تأسيس لمرحلة جديدة في الحركة الأدبية والثقافية في الأردن.
وفي الضفة الغربية وبترتيب متقن من عدنان أبو عوده وبتاريخ 7/3/1986م صدرت صحيفة “النهار” بشكل أسبوعي؛؛ وبتاريخ 1/4/1987 أصبحت تصدر بشكل يومي؛ وكان رئيس تحريرها هو المحامي عصام العنان وصاحب امتيازها ومحررها عثمان الحلاق.
يفهم من ذلك انه كان هدف عدنان أبو عوده من كل ذلك هو عدم تشويه المضامين الإخبارية والوقائع والأحداث، والوقوف في مواجهة حالة مختلقة من اعلام خارجي يثير الحيرة والإرباك والتشويه بين صفوف المواطنين الأردنيين من خلال صحافة أصحابها لهم اجندات ضد الأردن. أراد عدنان أبو عوده تأمين الجبهة الأردنية الإعلامية والتصدي للأسلحة الإعلامية المضادة بفكر وسياسة قل مثيلها.
تم كل ذلك بعلم وثقافة و فكر مخابراتي علي مستو عال من الدقة و المهارة التنفيذية وبناء علي تحليل ودراسة و رؤية لا بهدف شراء ذمم او الدفاع عن اشخاص بعينهم في مؤسسات الحكم او اغتيال شخصيات لها اراء مختلفة عما يطرح في الساحة، فقدم مثالا جيدا و لكنه للأسف انتهي بخروج عدنان ابو عوده من السلطة و اصبح الاعلام الخارجي غائبا وفي مأزق حتي يومنا هذا و ظهر بعض من كتاب ارتزاقين، منافقين ومخادعين يتمثلون لو يتلونون حسب أوامر مقابل عطايا و مناصب و منح هدفها إرضاء لشخصيات بعينها و الدفاع عنها بعيده عن هدف الاعلام الوطني
.
دراسة مرحلة اعلام عدنان أبو عوده ومسؤوليته في اعداد اعلام الدولة لا اعلام الفرد، والنهج في وضع البنية الاولي في تطوير التعامل مع الاعلام الأردني واسس استراتيجية مفيد بعيدا عن سياسات القمع واغتيال الشخصيات والممارسات التي تمارس يومنا هذا، واقصد الوطن الأردني رئته مليئة بالهواء النظيف فلا داع لتلويثه بما يؤدي الي حالة من الاختناق.
تعلموا الدرس لأجل مواصلة المشوار الوطني لبناء وطن متميز، الكل شركاء فيه بعلمهم وآرائهم وكتاباتهم ومعرفتهم ومصداقيتهم وقلوبهم وخبراتهم، ولمحاربة الفساد والفاسدين وإعادة الحقوق لأصحاب الأرض من العشائر الأردنية وتأكيدا لحق للشعب الأردني في الحياة بحرية وكرامة. دون نفاق وتدليس. القلم امانة والصوت الحر ضمان نجاة الوطن.
aftoukan@hotmail.com