صراحة نيوز – كتب ماجد القرعان
من قرأ بتمعن وتمحيص ما تضمنته الأوراق النقاشية الملكية السبع يرى مدى اهميتها لتكون ركيزة لعملية اصلاح شامل نحن بأمس الحاجة ، لكن المأساة الحقيقة والتي عبر عنها جلالته بإسلوب أو آخر انه لم يتم التفاعل معها كما يجب من قبل دوائر الدولة ومؤسسات المجتمع المدني الا ما ندر لمناقشتها بموضوعية ، مؤملا الخروج بمقترحات للادوات التشريعية والفنية والادارية … لضمان ترجمتها على ارض الواقع .
الأوراق بمجملها حملت افكارا ومقترحات طالت مختلف المجالات ، وأكدت بصورة غير مباشرة ان جلالة الملك في صورة المشاكل الحقيقية التي تعاني منها الدولة الاردنية “مخلفات ادارات وحكومات سابقة ” يعززها نهج مجتعي متوارث والجميع يهمه مصلحته على حساب الصالح العام …
وجراء ما تقدم عشعشت الدبابير في كل منحى من مناحي الدولة وهو ما عبر عنه خلال لقاءه مؤخرا مع طلبة الدراسات الدولية في الجامعة الاردنية … كلنا مسؤولون عن بناء الوطن الذي يحتظننا وتغيير النهج ويمينيون كما جلالته حتى النخاع في الدفاع عن ثراه وكرامة أبناءه واستقراره وكذلك يساريين لتطوير كافة متطلبات البناء صحية وتعليمية وصناعية واجتماعية الخ .. في عالم القرية الصغيرة ، لكن هيهات ان يتولى أمورنا من هم في مستوى فهم هذا .. والقدرة على ترجمتها عمليا .
الأوراق النقاشية حملت افكارا للنهج الذي يلزمنا في ادارة شؤون الدولة وأفكارا تؤكد على العدالة وسيادة القانون وهو ما نريد مرحليا وهذا يعني ان يكون لدينا نوابا في مستوى المسؤلية الدستورية واحزابا تحمل برامح قابلة للتنفيذ ليصبح لدينا حكومات منتخبة مرتبط وجودها بقدرتها على ادارة شؤون الدولة بما يضمن للمواطنين العيش الكريم والعدالة الحقيقية في توزيع المكاسب والفرص والأمن الشامل للجميع .
مثل ذلك لا يمكن ان يتحقق ان لم يتم معالجة المشكلة الرئيسية التي نعاني منها منذ سنوات والتي تتمثل في قانون الانتخاب الذي تم تغييره عدة مرات وما زالت المشكلة قائمة وستبقى قائمة ما دام المعني بتعديل القانون أو سن بديل له هو مجلس نواب لا يحظى بقوة تمثيل شعبي ( يمثلون اقل من 25 % وفق دراسات ).
ما حصل في موضوع اقرار الموازنة العامة للدولة لعام 2018 كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير والذي لم يستوعبه الاردنيون لا بل زاد من قناعتهم ان السلطتين التشريعية والتنفيذية اتفقوا مسبقا فكانت هذه النتيجية والتي وصفها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بالمسرحية .
أذكر ويذكر معي كثيرون ان جلالة الملك بعث برسائل كثيرة خلال اقل من ستة شهور حملت مضمونا واحدا موجهة للسلطتين التشريعية والتنفيذية ( حماية الطبقة الفقيرة والطبقة المتوسطة والابتعاد عن جيوب المواطنين في اي قرارات اقتصادية ) وجاءت القرارت عكس التوجيهات الملكية
كذلك ومنذ قدمت الحكومة مشروع القانون لمجلس النواب نبه العديد من الكتاب والخبراء والمختصين مرارا وتكرارا الى خطورة الاعتماد على جيوب المواطنين لسد عجز الموازنة مؤكدين على اهمية تكليف خبراء في الاقتصاد للبحث عن حلول أهون واقل ضررا وأهمية معالجة التهرب الضريبي وتشجيع الاستثمار واقامة مشاريع تنموية موفرة لفرص العمل ومعالجة أوضاع المؤسسات المستقلة التي جرى تفصيلها سابقا ..و…و….الخ .. لكن لا حياة لمن تنادي .
تحقيق رؤى وتطلعات جلالة الملك التي هي حلم الاردنيين يتطلب حزمة من الخطوات تبدأ باقالة الحكومة وحل مجلس الامة مع الغاء كافة القرارات الضريبية التي اقرتها السلطتين وتعطيل الحياة البرلمانية لفترة عام أو عامين يرافقه تشكيل حكومة انقاذ تضم مختصين في المجالات المختلفة وتشكيل لجنة ملكية تضم خبراء قانون وتشريع ليعملوا على اعداد قانون انتخاب ( يُحترم ) ويتم اعتماده باستفتاء شعبي وقد سبقتنا العديد من الدول التي مرت بأحوال اصعب واقسى وباتت في صدارة الدول المزدهرة والمتقدمة .
ختاما لا يصح لأي مسؤول يحترم نفسه ويهمه مصلحة وطنه ان يقف متفرجا على ما تسببت به السلطتين التشريعية والتنفيذية وادى الى اثارة الشارع فالاردن لا يحتمل ولا يقبل القسمة .