صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
في كتابه بعنوان ” كفاحي “، يقول مؤلفه الزعيم الألماني هتلر قبل توليه رئاسة ألمانيا ما يلي :
” كانت عيوبنا الخُلُقية تتجلّى أكثر ما تتجلّى، في مسلك رجالاتنا حيال الإمبراطور. فكل ما ينطق به الإمبراطور صاحب الجلالة، هو قول منزّل لا يقبل الجدل، وهذه الزلفى هي التي أطاحت بألمانيا ولم توفر العرش. فلو قُيض للإمبراطور رجل دولة من وزن بسمرك يقول له ( لا )، لما كان لنا اليوم أن نلوم إلاّ القَدَر، على عبثه بمقدرات أمتنا، ولجاز لنا أن نحمّل سوء الطالع، تبِعة ما حلّ بنا.
إن الذين يُحيطون بصاحب العرش، هم في كل عصر ومصر، عالة على العرش، يستأثرون بعطاياه، ويذهبون في تظاهرهم بالولاء، إلى حد تسمية أنفسهم بِ ( الملكيين )، تميزا لهم عن سائر الرعايا. ولكن ما أن تنزل بوليّ النعمة نازلة، حتى نجدهم في طليعة الناقمين عليه، الكافرين بنعمته، المحرّضين على الاقتصاص منه. وهل يُرجى من المتزلّفين الزاحفين على الرُكَبِ أن يفتدوا وليّ النعمة بأرواحهم ؟
إن المُخْلص الحقيقي للمتربع على العرش، هو من يبذل لجلالته النصح، وينبهه إلى مواطن الزلل، ويعمل جاهدا في سبيل إنقاذ الملكية مما قد تتعرض له، من جراء تصرفات الملك أو الإمبراطور. ذلك أن قيمة هذه المؤسسة لا ترتكز على شخص من يمثلها، فليس أنّدر من أرباب التيجان المتحلين بالحكمة، وبعد النظر.
والسماء وحدها هي التي تقرر وضع التاج، على مفرق بطل عبقريّ كفردريك الكبير، أو رجل متزن كغليوم الأول. ولكن هذه النعمة لا تهبط من السماء إلاّ مرة واحدة كل مئة عام. فالذين يصْدِقون صاحب العرش القول، ويخلصون له النصح، ويحاربون فيه الخفّة والطيش وقصر النظر، إنما يخدمون الملكية نفسها ويجنبونها المزالق الخطرة. ما أقلّ الملوك الذين أدركوا هذه الحقيقة، وما أكثر من ذهب منهم ضحية جهله لها. ” انتهى.
* * *
التعليق : لم يكن هتلر رجلا عاديا ليطوي الزمن تاريخه ويتبخر في الهواء. فهو أحد العظماء الذين تركوا أرثا فكريا يشمل السياسة والاجتماع والعلم وفن الحرب، وكاد أن يغير مجرى التاريخ لولا أن تكالبت عليه الأمم، وصنعت مأساة لدولة عظيمة، انهارت أحلامها، وتقوّض نظام حكمها، وحزب تفرقت أركانه.
كان من أهم أسباب خسارته في تلك الحرب، عدم الأخذ بمشورة جنرالاته، ومواجهته لدول العالم في الغرب والشرق في وقت واحد، فراح يحارب على جبهات متعددة أدت إلى تشتت الجهد وإضعاف القوة.
وهذه النصائح التي قدمها هتلر في ثلاثينات القرن الماضي، فيما يتعلق بالبطانات التي يصنعها الزعماء بالقرب منهم، تنطبق على زعماء اليوم وبطاناتهم، فتجدهم يداهنون ويتزلّفون ويحجبون الحقيقة، لا بل يزينون القرارات الخاطئة لأولياء نعمتهم، فتكون النتيجة أخيرا، وبالا على الوطن والمواطنين.
لقد صدق أئمة المساجد بدعواتهم في خطبة صلاة الجمعة، ” بأن يُرزق الله رئيس الدولة بطانة صالحة، تعينه على عمل الخير وخدمة الوطن وأبنائه “، وبدورنا نقول : اللهم استجب لهذه الدعوات الخيّرة . . !