صراحة نيوز : كتب محمد حسن التل
في كل مرة يتحرك الملك ليضع يده على مكامن الخطأ في المسيرة الوطنية تجدنا جميعا حكومات ومؤسسات رسمية وشعبية وإعلام نصفق ونهلل وكأن هذا هو دورنا فقط، وكأننا لم نكن نعرف ما هي الأسباب التي جعلت مسيرتنا تتباطأ ويشوبها الخلل وهذه إدانة لنا جميعا بالتقصير.
الملك وحده الذي يملك الجرأة الحقيقية للتأشير على هذه الأسباب التي كلنا شركاء في وجودها سواء للحفاظ على المصالح الضيقة والمكتسبات الصغيرة أو لجبن المسؤولين في اتخاذ القرار أو لترك أجواء النقد الأسود تسود في البلاد لتغتال كل إنجاز يمكن البناء عليه وهذا عائد لفقدان الثقة عند الناس نتيجة تخبط الحكومات في سياساتها وعدم ارتقائها إلى الرؤية الملكية للأمور وعدم قدرتها على التعامل مع الناس وظروفهم.
جاءت الرسالة الملكية أمس لتستكمل مفاصل الثورة البيضاء التي أعلنها الملك على الظروف الراهنة التي لا تليق بالأردن والأردنيين، والرغبة الملكية بأن يكون الأردن في طليعة الدول في التنمية والبناء والتميز كما يجب أن يكون. وهذا يتطلب كما أشار الملك إلى جهود صادقة للتعامل مع كل نقاط الضعف في التخطيط والتنفيذ. وعلى سيرة التخطيط فما أكثر أن خططت الحكومات لدينا ووضعت استراتيجيات لكن الأمر ظل عند هذه الحدود ولم تتجاوزها إلى عملية التنفيذ، مما أدى إلى تراكم الأوضاع السلبية، والتراجع المقيت في كل المجالات نتيجة ضعف المسؤولين أو جبنهم في اتخاذ القرار.
يلح الملك دائما على إعطاء الفرص للشباب وفتح كل الأبواب لهم لممارسة ريادتهم بشكل يعكس طموحهم، الأمر الذي يؤدي حتما إلى نهضة وطنية كبيرة.
طالب الملك الجميع بأن يشعروا بأن الأردن يقف في هذه المرحلة على مفترق طرق، فإما أن يواكب التغيرات في العالم وإما أن يكون على الهامش دون مستقبل يرتقي به وبمواطنيه وهذا لا يأت إلا بتحفيز وإعطاء الفرص لمن يستحقها بالشفافية المطلوبة، والابتعاد عن النظرة الضيقة للأمور بكل شجاعة وتصميم.
المواطن عندما يكون شريكا فعالا في عملية التغيير فإن الباب حتما سيغلق في وجه كل من يريد أن تظل الأمور على ما هي عليه، حفاظا على مكتسباته أو خوفا من اكتشاف قدراته المتواضعة وعدم قدرته على التجديد والتغيير.
لقد جاءت الرسالة الملكية أمس بإعلان الملك البدء بتنظيم ورشة عمل وطنية في الديوان الملكي من أصحاب الخبرة والتخصص استكمالا لعملية الإصلاح الشاملة التي يقودها بنفسه، حيث بدأ بالإصلاح السياسي عندما شكل اللجنة الملكية لتحديث منظومة القوانين السياسية لتكون بداية لانطلاق الأردن نحو آفاق جديدة من العمل السياسي المبني على مشاركة الجميع في صنع القرار وبناء المستقبل.
الملك أمس أراد أن يكون الاحتفال بعيد ميلاده الستين انطلاقة وطنية جديدة يرنو هو لها وشعبه بعيدا عن الضعف الذي أوجدته البيروقراطية الناتجة عن التردد في اتخاذ القرار وعدم الجرأة على الاعتراف بالخلل الذي شاب مسيرتنا الوطنية، هذا الخلل الذي كان أحد أسبابه كما قلنا ضعف المسؤولين وموجات التشكيك والنقد الأسود الذي يجلس أصحابه خلف شاشاتهم ويمارسون “هواياتهم” في ذلك دون أن يكلفوا أنفسهم عناء تقديم المشورة الخالصة لصالح الوطن واكتفوا بإشاعة أجواء السلبية والإحباط.
علينا جميعا دون استثناء التقاط الرسائل الملكية بل الخطوات الملكية للبناء عليها من أجل أردن أقوى. عندما يتحرك الملك في كل مرة لصالح المسرة الوطنية ويؤشر على الخطأ فإنه بذلك يدين جميع أولئك الذين صمتوا عن الأخطاء المتراكمة في طريق التقدم والنهوض بالأردن نحو ما يرنو إليه الملك وشعبه.