صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
الزعيم الألماني الشهير أدولف هتلر هو مؤسس الحزب النازي، وُلد عام 1889 وحكم ألمانيا من عام 1933 – 1945. ويعتبر من المحاربين القدامى الذين تقلدوا العديد من الأوسمة تقديرا لجهوده في الحرب العالمية الأولى. لقد عاش هذا الزعيم في طفولته وشبابه عيشة قاسية واجه خلالها الفقر والشقاء، ولكنه اعتمد على نفسه وشق طريقه إلى زعامة ألمانيا.
يعتقد بعض المؤرخين بأن هتلر شخصية فريدة في التاريخ الألماني، إذ حاول تحسين الظروف السياسية والاقتصادية للشعب الألماني خلال فترة حكمه. ومن جانب آخر فقد اعتبر مؤرخون آخرون أن هتلر كان من أكثر الشخصيات دموية في التاريخ الحديث، إذ تسببت سياساته في قتل 60 مليونا من البشر محاولا السيطرة على العالم. ولكن بعيدا عن الاستحسان والاتهام، دعونا نتعرف على الجانب المشرق من حياة ذلك الزعيم، ونتعرف على فلسفته في بداية حياته بكل تجرد.
يقول هتلر في كتابه بعنوان ” كفاحي ” ما يلي وأقتبس بتصرف : ” هبطت مدينة فينا بعد وفاة والدتي خالي الوفاض، ولكن قلبي كان عامرا بالإيمان فما تركت لليأس سبيلا إلى نفسي. وإني لأحمد اليوم العناية التي وضعتني وجها لوجه، أمام قسوة القدر وأنا بعد طري العود، وجعلتني أذوق مرارة العوز، بعد أن قذفت بي إلى عالم المحرومين متيحة لي أنا البرجوازي النشأة، أن أعايش الذين وجدتني فيما بعد، مناضلا في سبيلهم، ومن اجل رفعة مستواهم.
لقد فتحت مدينة فينا عينيّ على خطرين كنت أجهل مدى تآمرهما على الشعب الألماني، وهذان الخطران هما الماركسية واليهودية. وفي فينا أشقى أيام حياتي، خمس سنوات لم أذق خلالهما طعم الراحة. بدأت العمل كمعاون بنّاء ثم كدهّان لأحصل على كفافي وآمن غائلة الجوع، هذا الرفيق الذي كان يأبى عني انفكاكا، ويشاطرني كل شيء. فإذا اشتريت كتابا وقف الجوع ببابي يوما كاملا، وإذا حضرت حفلة موسيقية أو شاهدت مسرحية لازمني الجوع يومين، ومع ذلك كان الكتاب سميري الوحيد.
وبفضل المطالعة خزنت معلومات وآراء تبلورت مع الزمن، ورحت من ثم أتمخّض بنظريات اتخذت منها أساسا للعمل فيما بعد. وفي الحقيقة يجب أن ينغمس الإنسان في البؤس ويذوق مرارة الحرمان، كي يتاح له أن يعرف مدى التفاوت بين الطبقات، وأن لا ينظر إليها من برج عاجي.
وككل مغترب يسعى في طلب الرزق، ويحرص على كسب ما يواجه أوده بعرق الجبين، تحررت من الاعتبارات التي تقعد ببعض الناس عن العمل : الكبرياء ومركب النقص، والخوف من شماتة الشامتين، يقينا مني بأن العمل الجدي وإن كان وضيعا يشرّف العامل. وسرعان ما أدركت أن العثور على عمل أيسر من الاحتفاظ به، وعرفت بأن الخيبة المريرة تنتظر من يهجرون الحقل في القرية النائية ويهبطون العاصمة، في طلب الرزق عن طريق العمل الهيّن . . .
لست أدري أيهما روّعني أكثر من الآخر : بؤس سواد الشعب أم انخفاض مستواه الخلقي ؟ فقد لاحظت انعدام الشعور بالواجب في أوساط العمال والصنّاع. فرب العائلة يهمل شؤون بيته ولا يعتني بتربية أولاده، لأن تحصيل الكفاف أو ما هو دون الكفاف يستأثر باهتمامه، وانعدام التربية في مجتمع متفسخ كالمجتمع النمساوي، يؤدي حتما إلى استرخاء الوشائج التي تشد الأبناء إلى الآباء، وتشد بالتالي العائلة إلى الدولة. علما بأن الفقر هو صنو الجهل وصنو المرض، ومتى اجتمع الثلاثة كفر الشعب بالدولة ومات في النفوس كل شعور وطني.
إن تحويل الشعب إلى أمة خلاقة، يفتَرض قيام وسط اجتماعي سليم، يعمل على تنشئة المواطن تنشئة وطنية. فليس يستشعر الاعتزاز بالانتماء إلى بلد ما، إلا من يتعلم في البيت والمدرسة حب الوطن، ويقدّر أمجاده في ميادين الفكر والسياسة والاقتصاد. إن الإنسان لا يناضل إلا من أجل ما يحب ، ولا يحب إلا ما هو حري بالتقدير والاحترام. فكيف يُطلب من مواطن أن يحب وطنا ويقدّره وهو يجهل تاريخه، ولا يشعر في كنفه بأنه ينعم بما تؤمنه له الدولة، ما تؤمنه الأخرى لرعاياها من طمأنينة وهناءة ؟ “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق :
1. أعتقد أن خلاصة الحديث في هذا الكلام، تصلح لكافة شعوب الأرض في كل زمان ومكان. لقد عاش هتلر في صغره عيشة الفقر والكفاف، ولكنه أعتمد على نفسه في تحصيل قوت يومه، ومتابعة دراسته في آن واحد.
2. كان أهم ما يميز هتلر وطنيته الصادقة وسعيه لرفعة شعبه، الذي اعتبره عرقا متفوقا على بقية شعوب العالم، واعتباره أن الماركسية واليهودية خطران يهددان شعبه فقرر التصدي لهما.
3. لقد بنى فلسفته القيادية على محاربة الفقر والجهل والمرض، والتمرد على قرارات الحرب العالمية الأولى المجحفة، وسعيه للنهوض بشعبه، ولكنه أرتكب خطيئة كبرى، في محاربة معظم دول العالم في آن واحد، الأمر الذي أدى إلى كارثة الحرب العالمية الثانية، وفرض شروط قاسية على ألمانيا قسّمتها إلى مناطق نفوذ بين الشرق والغرب.
التاريخ : 13 / 5 / 2020