صراحة نيوز – بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
لم يغب الهم الوطني عن اهتمام الملك بالرغم من الضغوط والقضايا السياسية بالغة التعقيد التي يحاول جلالته بكل ما أوتي من قوة فكفكة خيوطها وتلك القضايا متعلقة بمستقبل منطقة الشرق الاوسط الجديد من وجهة النظر الصهيوامريكية وخصوصا مع توجهات الرئيس ترامب الاعلان عن خطة السلام الجديدة(صفقة القرن) خلال الاسبوع القادم بعد مناقشتها مع نتنياهو ومنافسه بينى جانتس، وكيفية مواجهة ذلك بمرونة مع الحفاظ على الثوابت الوطنية، وبنفس الوقت عدم اظهار العداء للقطب العالمي الاقوى والاكثر تأثيراً على الساحة الدولية في جميع المجالات.
ومما لا شك فيه أن القضية الفلسطينية تشكل جوهر السياسة الخارجية الاردنية وإولى أولوياته، لاعتبارات قومية وتاريخية وديمغرافية ودينية، وتضحيات قدمها الاردن منذ عام 948 1على كافة الاصعدة.
أما على الصعيد الداخلي تتصاعد حدة البطالة والفقر والتهميش خصوصا مع اتباع الحكومات المتعاقبة سياسة وتخطيط مركزي أقصى الاطراف وهمش المحافظات ويتجلى هذا التهميش في محافظات الجنوب الوجع الاردني المتزايد، إذ انطلقت منه احتجاجات 1989 على الاوضاع الاقتصادية، كما انفجرت احتجاجات الكرك في العام 1996ضد رفع اسعار الخبز، وقد انخرط شبابه العاطلين عن العمل في الحراك الشعبي مع بدايات تاثير رياح الربيع العربي على المنطقة ولولا الحكمة والروية لانزلق الاردن الى الاسوأ.
الجنوب يشكل اكثر من 70% من مساحة المملكة وفيه الثروات الطبيعية وفيه منفذ الاردن على بحار العالم واحدى عجائب الدنيا السبع، ولكن تشكل نسبة البطالة بين الشباب من أعلى النسب بسبب افتقاره للمشاريع الانتاجية التي توفر فرص العمل، كل ذلك بسبب غياب التخطيط الجيد، وعدم الاكتراث وانشغال الطبقة السياسية بالمصالح الشخصية وتنفيع المحاسيب، في الوقت نفسه انتشرت المخدرات وازدادت حدة المشكلات الاجتماعية نتيجة الفقر والتهميش.
ربما هذه الصعوبات وعدم قدرة الحكومات على حلها جعلت جلالة الملك يصرح بأنه سيخصص أسبوع من كل شهر لحل مشكلات الجنوب، هذا الطرح لاقى ارتياحا كبيرا وارتسم الامل على وجوه الاباء وارباب الاسر وهم يأملون بأن القادم افضل، وان الملك سيشرف بنفسه على تنمية الجنوب لثقتهم المطلقة بذلك، وربما الاعلان عن انشاء مصفاه في مدينة معان تعتبر باكورة المشاريع الانتاجية.
نستخلص من حديث جلالة الملك ان ثمة تقصير حكومي كبير في ايجاد حلول عملية لمشكلتي البطالة والفقر على مستوى المملكة والجنوب بشكل خاص، وانشغلت هذه الحكومة ببرامج لا تسمن ولا تغني من جوع لتروج لنفسها وتضع مساحيق تجميلية تستر بها ضعف ادائها لتكتفي بالتنظير دون تقديم شيء مفيد يلمسه المواطن على ارض الواقع، فأرهقتنا بمؤتمرات المرأة والديمقراطية والاحزاب التي تُرمى كل توصياتها في سلة المهملات بعد انتهاء جدول اعمالها. المواطن يريد فرص عمل ويريد انتاجيه ويريد تحسن في حياته المعيشية ويريد تصريحات تنسجم مع واقعه ويريد حكومات في الميدان تتابع وتضع الحلول وتستمع لنبض الشارع…
نعم الجنوب بحاجة الى اهتمام جلالة الملك لان تنمية الجنوب تنمية للوطن وسد باب كبير يتسلل منه دعاة الفتنة والتخريب والمشككين بالدولة.