صراحة نيوز – بقلم محمود الخطاطبة
أقدمت حكومة هاني الملقي، مساء الاثنين الماضي على إصدار قرارات وتعديل أنظمة، كان رفع الدعم عن الخبز مشجبا وطُعمًا لها، وسيكتوي بنيرانها أبناء الطبقتين الفقيرة والوسطى بلا استثناء، بزعم “رفد خزينة الدولة بـ540 مليون دينار سنويًا، وإزالة تشوهات ضريبية وإعفاءات غير مبررة، وصولاً إلى تحقيق الاستقرار المالي وتحفيز النمو الاقتصادي”.
والمصيبة الأكبر في “قرارات الاثنين” هي تخفيض إعفاء الضريبة العامة على المبيعات للفئات المعفاة بنسبة صفر و 4 %، وتوحيدها لتصبح 10 %، مع الإبقاء على نسبة 16 % على السلع دون تخفيض.
ويعني ذلك، أن هناك عملية لرفع الضريبة لا توحيدها أو معالجتها كما كانت تقول الحكومة في مناسبة، فالسلع التي كانت معفاة بنسبة صفر تم فرض ضريبة عليها بمقدار 10 %، فيما تمت زيادة 6 % على تلك السلع التي تبلغ ضريبتها 4 % لتصبح 10 %.
الأخطر، في هذا الرفع الضريبي هو أنه سيؤثر سلبًا على الأسر وخصوصًا تلك التي لديها أطفال ورضع، وسيشمل الكثير من السلع، أهمها: الأجبان، والألبان ومشتقاتها باستثناء الحليب الطازج، واللحوم والبقوليات المعلبة، والخضار والفواكه.
والأنكى من ذلك أنه سيشمل الأدوية، فالكثير منها تبلغ نسبة الضريبة عليها قبل القرار الحكومي الأخير، 4 %، ولا يستطيع جل الشعب الأردني تأمين ثمنها إذا لم يكن يملك تأمينا صحيا مدنيًا كان أم عسكريًا أم خاصًا.
فحتى أولئك الذين يملكون تأمينًا صحيًا، يقومون بشراء الأدوية التي عليها ضريبة 16 % على حسابهم الخاص، إذ لا يقوم التأمين بتغطية هذه الأدوية، أما تلك التي عليها 4 % وأصبحت الآن 10 %، فهناك الكثير منها لا تتوفر في المستشفيات الحكومية.
ما يدعو للسخرية والضحك، هو أن الحكومة قامت بشرح آلية الدعم النقدي للفئات والشرائح المستحقة بالتفصيل الدقيق، لدرجة أنها بينت معدل استهلاك الفرد شهرياً من مادة الخبز بالسعر المدعوم وذلك “المحرر” واستهلاكه للمواد الغذائية الخاضعة لضريبة المبيعات بمعدل 10 %… لكنها وحتى كتابة هذه السطور لم تكشف ولم توضح تفاصيل تسعيرة المشتقات النفطية!!.
وتؤكد الحكومة أنها ستقدم دعما نقديا لـ6.2 مليون أردني، فهل من المعقول أن من لا يشملهم الدعم هم فقط 500 ألف مواطن؟، هذا إذا ما علمنا بأن من يملك رقمًا وطنيًا عددهم 6.7 مليون شخص.
ولا نعلم كيف سيحصل ذلك، والكثير ممن يعملون في الجهاز الحكومي وفي منشآت خاصة وأعمال حرة، لن يطالهم الدعم مع الشروط التي وضعتها الحكومة والتي من أهمها بالنسبة للأسر أن لا يتجاوز دخل مجموع أفرادها 12 ألف دينار، وبالنسبة للفرد أن لا يزيد دخله على 6 آلاف سنويًا.
وما يدعو للضحك أيضًا، هو أن قرار الدعم يشمل الأسر المقيمة خارج المملكة ممن يحملون أرقاماً وطنية، شريطة إثبات الدخل.. فهل يُعقل أن هناك أردنيا يعمل خارج البلاد بمبلغ يقل عن ذلك الذي وضعته الحكومة شرطا للحصول على الدعم؟.
ونتساءل، هل كانت تعي الحكومة الأبعاد الاقتصادية والآثار السبية على الوطن والمواطن لقرار فرض رسوم إضافية على كل مركبة يتم استيرادها، ورفع الضريبة الخاصة على بنزين اوكتان (95) وبنزين اوكتان (98) لتصبح 30 % بدلا من 24 %؟.
وللعلم ستوفر الحكومة من نسبة الـ6 % التي سترفعها على بنزين اوكتان (95) وحده حوالي 10 ملايين دينار، كون الأردن يستهلك سنويًا من هذه المادة 200 مليون لتر.
الشيء الإيجابي بالقرارات التي اتخذتها الحكومة أنها قامت بفرض ضريبة إضافية مقدارها 20 قرشًا على كل علبة سجائر، في خطوة تعتبر من باب الحفاظ على صحة المواطن وإن كان ذلك غير موجود بقاموسها، وكذلك رفع الضريبة المفروضة على المشروبات الغازية تتراوح قيمتها ما بين 10 و20 %، والذي قد يكون فيه حفاظ على صحة الإنسان.
الآن، الأنظار تتجه صوب منطقة العبدلي وسط العاصمة، حيث مقر السلطة التشريعية، لنرى هل سيلتزم مجلس النواب الصمت إزاء هذه القرارات، أم سيدخل بأزمة جديدة مع الحكومة، وخصوصًا أن “النواب” كان يأمل مناقشة تلك القرارات قبل إصدارها، فضلًا عن وجود خلافات أصلًا ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حول مقدار الدعم المقدم والفئات المستحقة له.
الغد