صراحة نيوز – بقلم أسعد العزوني
هيء لمن حرمهم الله من نعمة البصيرة وهم يبصرون ،أن كوريا الجنوبية سترهن كل موجوداتها ،تهب مئات المليارت من الدولارات للرئيس الأمريكي الماسوني –الإنجيلي الطرمب ترامب، ليضغط بيده اليمنى على زر الصواريخ الموجود على مكتبه في البيت الأبيض،كي تنطلق بإتجاه كوريا الشمالية وتدمرها وتسويها بالأرض،كما فعلت القاذفات الأمريكية بالمدن اليابانية إبان الحرب العالمية الثانية ،وكان ذلك وهما من قبل قصيري النظر الذين ظنوا أن العقلية الكورية الجنوبية تشبه العقلية العربية التي توصف بالإنتقامية والإقصائية والثأرية والغباء.
لكن كوريا الجنوبية ممثلة برئيسها السيد “مون جاي إن”،وجه صفعة لكل من يفكر بالطريقة العربية ،وتصرف بعقلية الرجل المسؤول وتمسك بالعلاقات الأخوية بين الكوريتين ،ووقف في وجه الرئيس ترامب وخاطبه بالقول: فخامة الرئيس إن قرار الحرب على كوريا الشمالية ينبع من سيئول وليس من واشنطن .
وصدقا فإن هذه الصفعة التي صدرت عن رئيس تخضع بلاده للسيطرة الكلية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية منذ عشرات السنين – ولا تمتلك حتى حق إدارة الحدود مع الجارة كوريا الشمالية ،لأن المهمة هناك مناطة بالجيش الأمريكي – تعد صفعة مزدوجة لكل من الطرمب ترامب والحكام العرب من أبناء مردخاي ،الذين رهنوا كل إمكانيات بلادهم وسلموا مئات المليارات من الدولارات للطرمب ترامب.
نتحدث هنا عن كارثة الخليج التي دخلنا من خلالها بسبب المراهقة السياسية في المجهول ،وجرى إستنزاف قوانا المادية والمعنوية ،وسلمنا إنقيادنا للغرب المتصهين ،وكشر أبناء التيه اليهودي في صحراء جزيرة العرب عن أنيابهم المسمومة وأعلنوا تحالفهم المخفي مع مستدمرة إسرائيل ،وجاؤوا بصفقة القرن التي تقضي على القضية الفلسطينية وعلى الأردن الرسمي المحاصر ماليا من قبلهم، للضغط عليه من أجل التنازل عن الوصاية الهاشمية في القدس المحتلة لهم ،ليكونوا هم والصهاينة الحلف الوحيد في الإقليم للوقوف في وجه إيران على حد زعمهم ،مع اننا نرى ان الخوف من إيران ما هو إلا تبرير أوهى من خيوط العنكبوت لإعلان التحالف السري مع مستدمرة إسرائيل.
بعد تولي الطرمب ترامب مقاليد الأمور في اليبت الأبيض بتسهيل من الرئيس الروسي بوتين ،إفتعلت بعض الدول الخليجية والسيسي صراعا مع دولة قطر،وظنوا أنهم عندما يهبون ترامب نحو نصف تريليون دولار، سيعطيهم الضوء الأخضر لغزو قطر بعد حصارها ،مستعينين بالجيش المصري ،وهذا يعني أن لديهم قصورا في الفهم لأنهم ظنوا مخطئين أن الطرمب ترامب الذي حاول التمسك بكرسي البيت الأبيض ،بالإعتراف رسميا بأن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل،هو صانع القرار،لكنه تبين للقاصي والداني أن ترامب ليس صانع قرار ،أي أنه ليس الرجل الأول في امريكا،إنما هو منفذ للقرار ،لأن هناك آخرين غيره هم الذين يمتلكون الرؤية السليمة ومنهم وزير الخارجية تيلارسون ووزير الدفاع ماتيس ومدير السي آي إيه .
كشف لنا الدرس الكوري العديد من القضايا التي كانت مخفية على البعض ،ومنها أن الدم الكوري لم يتحول إلى ماء أو كولا للسيد الأمريكي،وأن الثروات الكورية لن تؤول إلى سيد البيت الأبيض المودع كي يدمر كوريا الشمالية كما فعل أبناء مردخي الخيبريين ،وأن الحماية الأمريكية لكوريا الجنوبية لا تصادر القرار السياسي والسيادي لسيئول،كما هو الحال بالنسبة للمحميات العربية التي سجلت نفسها في الأمم المتحدة على انها دول ذات سيادة ولها سفارات في الخارج .
لقد حرصت كوريا الجنوبية على بعث الدفء بدرجات متصاعدة في العلاقات الأخوية مع كوريا الشمالية، رغم تهديدات الرئيس الكوري الشمالي “كم جونغ أون” ،بقصف كوريا الجنوبية ،وتطويره لمنظومة الصواريخ النووية ،مما شكل خطرا على السلم والأمن الإقليميين ،وظن البعض أن النار النووية ستلتهم شبه الجزيرة الكورية ،ويقيني أن ما جرى بين الكوريتين منذ مجيء الطرمب ترامب ،كان بدفع من ترامب نفسه وبتنسيق مع الرئيس الكوري الشمالي ،لتسخين الأوضاع ،وإجبار كوريا الجنوبية واليابان على زيادة فاتورة الحماية الأمريكية لهما وهذا ما حصل فعلا ،وهذا ما صرح به ترامب مرارا في حملته الإنتخابية ،وقال بالنص أنه إذا أرادت الدول الغنية مثل كوريا الجنوبية واليابان ودول الخليج العربية إستمرار نظام الحماية الأمريكي فعليها زيادة قيمة الحماية .
رغم التصعيد غير اللازم الذي قام به الرئيس الكوري الشمالي وعرضه نسخا مطورة من الصواريخ الحديثة المطورة ،إلا أن حكومة كوريا الجنوبية لم تركب رأسها وتعلن الحرب على جارتها الشمالية ولم تهددها بفرض الحصار ،بل أرسلت المساعدات وسمحت للفرق الرياضية بالمشاركة في الفعاليات التي إقيمت في كوريا الشمالية ،وذهبت شقيقة الرئيس الجنوبي لزيارة كوريا الشمالية ،وتم طرح إمكانية عقد قمة تجمع الرئيسين ولم يتم رفض الفكرة .
نظرا لأن عقولهم كبيرة وتمتعهم بالحصافة السياسية وحرصهم على الأخوة الكورية وإنتمائهم للقومية الكورية ،وإيمانهم بانهم شعب واحد إضطرته الظروف الإستعمارية ليكون تحت إمرة حكومتين متناقضتين ،وتحريم إراقة نقطة دم كورية ،فإن كوريا الجنوبية نجحت في مسعاها ،وسيلتقي رئيسها مع أخيه الرئيس الشمالي الشهر المقبل ،في لقاء قمة ستسفر بإذن الله عن توافقات وإتفاقات ،ويكفيهم فخرا أنهم لم يصادروا قرارهم وثرواتهم وكرامتهم لصالح الطرمب ترامب ،وليتنا نتعلم نحن العرب من الدرس الكوري ونتفق فيما بيننا على عدم الفرقة ،وننجو بأنفسنا من الغول الصهيوني.