صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
في كتابه ” حديث المساء ” أورد الكاتب أدهم شرقاوي القصة التالية وأقتبس :
” في لقاء تلفزيوني أجرته إحدى المذيعات مع عجوز، أمضت مع زوجها خمسين عاما سعيدة. سُئلت العجوز عن سر سعادتها كل هذا العمر، هل هي المهارة في إعداد الطعام ؟ أم الجَمال ؟ أم إنجاب الأولاد ؟ فقالت العجوز : السعادة الزوجية بعد توفيق الله بيد الزوجة، فالمرأة تستطيع أن تجعل بيتها جنة وتستطيع أن تجعله جحيما.
لا تقولي المال، فكثيرات من النساء الغنيات تعيسات ويهربن من أزواجهن. ولا تقولي الجَمال، فالكثيرات من الفاتنات طُلقن. ولا تقولي المهارة في إعداد الطعام، فالكثيرات من الطاهيات الماهرات حياتهن لا تطاق. ولا تقولي الأولاد، فالكثيرات أنجبن وبقين تعيسات. فتعجبت المذيعة وقالت لهل : ما هو السر إذاً ؟
قالت العجوز : عندما يغضب زوجي ويثور، كنت ألجأ إلى الصمت المطبق بكل احترام، مع طأطأة الرأس بكل أسف. وإياكِ والصمت المصاحب لنظرة السخرية، فالرجل ذكي يفهمها. فقالت المذيعة : لماذا لا تخرجين من غرفتك ؟ قالت العجوز : إياكِ . . فقد يظن أنكِ لا تريدين سماعة، عليك بالصمت والموافقة على كل ما يقوله حتى يهدأ، بعد ذلك أقول له : هل انتهيت ؟ ثم أخرج لأنه بحاجة إلى الراحة بعد هذا الصراخ، وأنهي أعمالي المنزلية بكل هدوء.
فقالت المذيعة: ماذا تفعلين بعدها ؟ هل تلجئين إلى مقاطعته لمدة أسبوع أو أكثر ؟ أجابت العجوز : إياكِ . . فهذه العادة سلاح ذو حدين، عندما تقاطعين زوجك وهو بحاجة إلى مكالمتكِ سيعتاد على بعدك، وسيصبح عنيدا ويرفع سقف مطالبه. فقالت المذيعة : وماذا تفعلين بعدها ؟ أجابت العجوز : بعد ساعة أصنع له كوبا من العصير أو فنجان قهوة وأقول له : تفضل اشرب. فيسألني : هل أنتِ غاضبة ؟ فأقول لا . . فيبدأ بالاعتذار ويسمعني كلاما جميلا.
قالت لها المذيعة : وهل تصدقينه ؟ قالت العجوز : طبعا، لماذا أصدقه وهو غاضب ولا أصدقه وهو هادئ ؟ قالت المذيعة : وكرامتكِ ؟ فقالت العجوز : كرامتي برضا زوجي والمحافظة على بيتي . . أي كرامة يا ابنتي وقد تجردت أمامه من كل ملابسي ؟ “. انتهى الاقتباس .
* * *
التعليق :
1. يكمن فن الحياة وتحقيق السعادة فيها أن نعرف كيف نحياها ونصنع السعادة العائلية. ويقول أحد الحكماء : كما تترك بعض الأطعمة لتبرد قليلا لكي يسهل عليك تناولها، اترك بعض المشاكل لتبرد قليلا ليسهل عليك حلها.
2. اختيار الوقت يشكل جزءا من الحل، فلا يمكن لجدال غاضب إقناع الطرف المقابل بأنه على خطأ، بل اتركه يهدأ ويراجع نفسه، فقد لا تحتاج إلى إقناعه بأنه مخطئ، فربما يصل إلى هذه النتيجة من تلقاء نفسه.
3. وقد يحدث العكس، فتجد أن صوت الزوجة يعلو على صوت الزوج الذي يطأطئ رأسه، ويرضخ لأوامر الزوجة متناسيا ذكوريته، وأن الرجال قوامون على النساء كما ورد في القرآن الكريم.
4. حدثني أحد الأصدقاء عن شخص كان يعمل سفيرا في إحدى الدول الأجنبية، وكانت الزوجة هي التي تتحكم بمختلف الأمور في سفارته، كما أنها تستخدم السيارة الرسمية لقضاء حاجاتها، دون أن تكون لدى سعادته القدرة على اعتراض فعلها، طمعا في تحقيق السعادة الزوجية، حتى وإن كانت تخالف التقاليد المعروفة.
التاريخ : 12 / 4 / 2019