فعلت خيرا يا شيخ ضيف الله القلاب، الأولى في مسعاك الطيب، كعادتك على فعل الطيب، ومعك أهل الخير والنشامى، من شيوخ ونواب ووزراء وأهل مشورة، ورجال تمشي لدروب الخير مهما كانت صعبة وطويلة، والثانية التمسك بوثيقة الجلوية العشائرية والتأكيد على أهميتها في حقن الدماء وحماية من ليس له ذنب بجرم غيره وإن كان قريب بحكم الدم.
والوجاهة “حمالة” يا شيخ، وأنت مسعاك كان لوجه الله تعالى ورسوله، لحقن الدماء بين أبناء العشيرة الواحدة، أخوة وأبناء عمومة وأنسباء من عشائر العدوان، فيهم من النخوة والحمية والشهامة والكرم ما هو معدود، لكنها ساعة الغفلة، الله يجير كل الناس منها، وحزمت أمرا بحكمة العاقل الفطن، وبتدبير الحازم، حتى لا يقال إن ابن القلاب تهاون بمبادئ وثيقة الجلوة التي وقع عليها الجميع، ولم تسجل على نفسك موقفا ستلومك عليه كل العشائر الأردنية لو قبلت ورضيت، ونعلم أن الأمور أرقتك، وأخذت منك، لكنك كظمت الغيظ في نفسك وتحملت، والتزمت عشائر بني حسن لرأيك وقولك، وكانت كلها معك، ومهما حدث أنت كفيت ووفيت، ووجهك أبيض عند الجميع، وأنت من يعلم أنه لا يعيب الجاهة ما دامت قبلت المضي في طريق الخير، أن تكرر الأمر، والعودة، مرة، وثانية، وثالثة، في سبيل حقن الدماء وتهدئة النفوس، وهي غاية عظيمة أجرها على الله “.
وما جرى قبل يومين مع الجاهة الكريمة لا ينتقص من مكانتها وشأنها، ما دام الإصلاح هدفها، والعفو أملها ورجاءها، وكل هذا تقبلتموه بنفس طيبة وأخلاق كريمة، لأنكم في مسعاكم ما كان إلا ليسود الصفح والتسامح، ويكون سيد الموقف المؤلم، وأن يتوقف الثأر، ويسود القانون، ويحكم القضاء بما يرضي الله، حقنا للدماء، وطي صفحة لتكون من الماضي، وحتى لا تتجدد الخلافات مستقبلا.
وكان الاعتذار لكم وللجاهة الكريمة بمثابة رد اعتبار، وتراجع عن الخطأ الذي وقع، وأعان الله أهل المغدور على بلواهم، وندعو الله أن يزيل الهم والغمة، ويكون للحكماء دائما القول الفصل، ويحترم من حولهم رأيهم ومشورتهم، ومن المهم أن لا نخرج عن موروثنا العشائري والأخلاقي مهما كان وقع الابتلاء أو المصيبة، فهو امتحان من الله، ويجب أن نحتكم لأمره تعالى.
التعديل على الجلوة التي كانت فيما مضي في العرف العشائري، وسيلة لمعاقبة الجاني في قضايا محددة كالقتل وغيره، وتُفرض على الأفراد المشتركين في «خمسة الدم»، وتم فيما بعد الاتفاق على ميثاق شرف ليتم تطبيقه، على أن يكون التطبيق مقتصرا فقط على المشتركين في دفتر العائلة، وفعلا تم تطبيق الجلوة العشائرية والعمل بها، واقتصارها على الجاني وأبنائه ووالده، بعد إقرار وزارة الداخلية الوثيقة العشائرية طبقا لذلك، بموافقة العشائر طبعا، وهو ما تمسكتم به، وهو موقف يسجل لكم.
أما فيما يخص قضايا القتل والعرض وتقطيع الوجه جاء ميثاق “الجلوة”، منعا لكل التجاوزات على الأعراف والتقاليد العشائرية المتبعة، والتشدد بالمطالبات المادية والمعنوية على نحو يخالف شريعتنا الإسلامية، بما يكفل إنهاء الظواهر غير الحضارية وخاصة الجلوة والدّية، وقيام البعض بحرق البيوت، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، والأخذ بالثأر، وفرض شروط في صكوك الصلح والعطوة تخالف الدستور والقوانين والعادات العشائرية، وضبط لأي عصبية فردية ضيقة، أو إي عصيبة جماعية تسيء للمجتمع الأردني، وكل الوجهاء المعدودين وشيوخ العشائر وأهل الحل والعقد، كان لهم دور على مدار تاريخ الدولة الأردنية في إحلال الأمن والسلم المجتمعي وإنهاء الكثير من القضايا العشائرية، والوثيقة العشائرية التي وقعت عام 1987 من قبل شيوخ ووجهاء المملكة وتم توشيحها بتوقيع ومباركة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وكان لها الأثر الطيب في الحد من الخروج عن العادات والتقاليد، والقصاص منوط بولي الأمر، والقاتل هو المسؤول عن جريمته ولا أحد سواه تطبيقا لمبادئ الشريعة الإسلامية والقانون.
وندعو الله أن تهدأ النفوس، ويخفف المصاب والفاجعة على الجميع، ونقول للشيخ ضيف الله القلاب ألف لا بأس عليك… وألف حمد لله على سلامتك… و- إن شاء الله- تكون بين أهلك ومحبيك بعد خروجك من المستشفى معافا سالما… ما عليك شر.