صراحة نيوز – بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
راجعنا قبل فترة زمنية قصيرة قسم الطوارئ في أحد المستشفيات الكبيرة لأجل مرض طارئ ألم بصغيرتنا “رند”، وقد كانت المعاملة مثالية وحضر طبيب شاب في منتهى الذوق والأخلاق إضافة للعلم للكشف على الحالة وكتابة العلاج المناسب لها، كان الوقت متأخراً والتعب أخذ مأخذه منا جميعاً فخلدنا للراحة بمجرد عودتنا للمنزل، وفي اليوم التالي إكتشفنا أن هناك أحد الأدوية نسي الطبيب كتابتها، حاولنا معرفة إسم الطبيب من الفواتير وقمنا بالاتصال بالمستشفى للتحدث إليه مباشرة للتأكد من أهمية الدواء وإسمه، لكن الأمر إستغرق 8 مكالمات إستغرقت أكثر من ساعة كاملة، وفي كل مرة لا ننجح في الوصول إلى التحدث إليه حيث كان الاسم على الفاتورة للطبيب المشرف على جميع الأطباء المناوبين والطبيب الذي كشف على الحالة هو أحد هؤلاء الأطباء والذي تم إخبارنا عبر الهاتف أن إسمه “خليل”.
وفي الاتصال الأخير وبعد أن أخذ الانزعاج يتسرب إلينا قررنا الذهاب مباشرة للقاء الطبيب خليل في قسم الطوارئ، والذي كان خارج مناوبته عند وصولنا إلى هناك لنتوجه لمدير قسم الطوارئ لعله يتصل به لأخذ إسم الدواء على الأقل، والذي إعتذر عن ذلك بسبب أن القانون لا يسمح له بالاتصال بالطبيب خارج وقت مناوبته وأن الحل الوحيد هو حضورنا مرة أخرى في المساء لرؤيته خلال وجوده.
عندها أسقط في أيدينا فقد كنا حريصين على إكتمال الدواء لصغيرتنا، لنعاود رحلة البحث عن الطبيب في فترة المساء لعلنا ننتهي من هذا الأمر الذي إستغرق يوماً كاملاً حتى ذلك الوقت، وبالفعل التقينا بالطبيب خليل عند وصولنا والذي تفاجأ بنا كما تفاجأنا به، فهو لم يكن الطبيب الذي أشرف على حالة إبنتنا وأكد لنا أن من أخبرنا باسم الطبيب قام باعطائنا إسم غير صحيح وأن الطبيب الذي نبحث عنه هو زميله الطبيب جميل وهو ليس متواجد في ذلك اليوم !
توجهنا بعدها لرفع شكوى لادارة المستشفى فلم يكن من المعقول أو المقبول الاتصال بالاستعلامات 8 مرات ولمدة زادت عن الساعة بدون التمكن من الرجوع لنظام المستشفى ومعرفة إسم الطبيب الذي راجعناه في الطوارئ قبلها بيوم بشكل صحيح، بل وإعطاء إسم طبيب آخر مما سبب ضياع يوم كامل في البحث عنه وهو ليس الطبيب المطلوب، وقد كنا مستعدين تماماً للتغاضي عن الأمر لو تم صرف الدواء على الأقل بعد كل هذه الرحلة التي خرجنا منها بدون الوصول لا للطبيب ولا للدواء المطلوب، متعجبين من حدوث مثل هذا الأمر في واحدة يفترض أنها من أكبر المستشفيات وأفضلها في الأنظمة والتقنيات.
وللانصاف كان بعض الموظفين قمة في الذوق والأخلاق وحاولوا إمتصاص الأمر لكن ذلك لم يكن كافياً بدون إعطاء الحل العملي الذي كنا نبحث عنه، إضافة لتلقينا أكثر من إتصال من إدارة المستشفى في اليوم التالي للاعتذار عن الخطأ وتأكيد عدم قبول تكراره، الأمر الذي دفعنا لكتابة هذه السطور ونحن نفكر بما حصل والذي نعلم يقيناً حدوثه وأكثر منه سوءاً يومياً في كل مكان في العالم وبالذات في عالمنا العربي، وعلاقة هذا الأمر المباشرة بادارة علاقات العملاء وكيف يتوجب عليك إدارة الابتسامة على وجهك والعمل على تقديم الحلول الصحيحة والمناسبة لهم عند التعامل معهم بشرياً قبل أن تطبق ذلك من خلال الأنظمة والتقنيات المتطورة، فادارة علاقات العملاء ليس فقط نظام يتم تطبيقه في أكبر الشركات الناجحة عالمياً بل هو نهج لإدارة تفاعل الشركة مع العملاء ويقيم أداء الموظف فيها بمقدار ما يحصل على تقييمات عالية من العملاء.
وقد أدركت هذه المؤسسات أن لرضا العملاء آثار هامة على الأداء الاقتصادي لها، فبادرت بصرف المبالغ الضخمة على الأنظمة الخاصة بتعزيز رضا العملاء وحل المشاكل قبل تفاقمها وعلى تدريب كوادرها على تطبيق أدق تفاصيلها، مثل أنظمة CRM – Customer Relationship Management أو Problem Solving، كما أن أميز وأنجح الشركات هي التي تنفذ برامج إدارات علاقات العملاء بنجاح وإبداع وبشكل متجدد دائماً.
ومن المهم في بلادنا العربية أن نركز على هذا الجانب الأساسي لتنمية الجانب الاقتصادي في بلادنا، فالمنتجات أصبحت في متناول الجميع وبكل الأشكال والأنواع، ويبقى الفارق بيدك وأنت تقدم المنتج للعميل بابتسامة وكلمة طيبة وذوق رفيع وقدرة تامة على حل المشاكل قبل أن تفقده وهو يدور بين خليل أم جميل !