العقوق

22 نوفمبر 2019
العقوق

صراحة نيوز – بقلم الدكتور.عبدالكريم محمد الشطناوي

وهي كلمة ثقيلة على اللسان، وذات وقع مؤثر على النفس لما تحمله من معنى مؤذ بحق الوالدين، كما أنها كلمة ينطقها اللسان وترددها الشفاه ، لوصف حالة سلوك الأبناء اتجاه آبائهم عند عصيانهم، أو في حالة إعلاء صوتهم وعدم إطاعتهم آبائهم.

والعقوق من المحرمات، ويعتبر من الكبائر، فقد أوجب سبحانه وتعالى على المسلمين بر الوالدين، فقد قال في محكم كتابه( وقضى ربك ألا تعيدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عنك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما، وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )، ،،( ووصلنا الإنسان بوالديه إحسانا..)، وقال الرسول الكريم( ألا انبئكم بأكبر الكبائر، الإشراك بالله،وعقوق الوالدين، وشهادة الزور)، وهكذا فإنه سبحانه وتعالى قد قرن عبادته،بالإحسان بالوالدين وبرهما،مما يوحي لنا بوجوب طاعتهم والإحسان اليهما، ،ومعاملتهما بالمعاملة الحسنة.

وقد بحثت لمعرفة معناها،فوجدت أن عقوق الوالدين، تعني كل فعل او قول يتأذى به الوالدان من ابنائهم، وهو يتمثل فى الهجران وعلو الصوت، وعصيانهما وضربهما،وعدة اشكال اخرى من أنواع الإيذاء البدني أو النفسي.

ويعرف العقوق بأنه ما كان ضد البر،وعندما تقول : عق الولد والديه،يعني شق عصا الطاعة ولم يصل رحمه منهما.

ومن خلال هذا المعنى،فإننا نراه حمل معنى خاصا تمثل في سلوك الأبناء تجاه الوالدين ، مما يدعونا إلى طرح التساؤلات التالية،،، لماذا هذا المفهوم (العقوق) اقتصرناه على معنى خاص؟ألا يحمل في ثناياه معنى عاما ،خاصة وأن معناه يفيد إلحاق الضرر والأذى بالآخرين قولا وفعلا ؟ ألا يوجد عقوق من الوالدين
إتجاه ابنائهم؟

فقد روي أن رجلا جاء إلى سيدنا عمر بن الخطاب، يشكو اليه عقوق إبنه، فجيئ بالإبن إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فسأله عن ذلك، واعترف الإبن وفي حلقه غصة،فأنبه أمير المؤمنين على فعله، ولكن الإبن كان مهموما وموجعا، فبادر بسؤال الخليفة بقوله: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على ابيه؟ فأجابه :بلى،،وبينها الخلفية بأنهاتتمثل في:إنتقاء الأم،والإسم الحسن،وتعلم القرآن الكريم .

وقد انتفض الولد عند سماعه الإجابة، فقال: يا أمير المؤمنين إن ابي لم يفعل شيئا من ذلك، أما امي فإنها زنجية كانت لمجوسي قبل أبي، وقد سماني جعلا( أي خنفساء)، وفوق هذا وذاك فإن ابي لم يعلمني من القرآن حرفا واحدا.
وبعد أن سمع الأمير قول الولد، توجه بالكلام إلى الأب، فقال له: جئت تشكو عقوق ابنك ،وقد عققته قبل أن يعقك.

وبعد كل ذلك، يجوز لنا أن نسأل فنقول:الا يوجد عقوق بمعنى عام؟ بين الجميع،أصدقاء،وإخوة،وأحبة،وحاكم ومحكوم،وأزواج..الخ،)فكم من زوج وهو الموصوف بصاحب القوامة،تخلى عن أسرته وأطفاله الصغار في وقت هم بحاجة لرعايته وتحمل مسؤوليتهم، ومضى في حال سبيله ،بعيدا عن تقوى الله،ولا ضمير ولا واجب يردعه،،اليس هذا عقوقا.

وهذا يقودنا إلى طرح السؤال الكبير على مستوى ساحتنا الأردنية بشكل عام:
ألا يوجد عقوق من الدولة اتجاه شعبها؟؟؟ ألا تراه يهيم في غابة من الفساد،وسط الفقر والجوع وعالم الضرائب والجباية؟ووسط جو تشكيل وتعديل حكومة تلو حكومة ، كمسلسل مكون من حلقات متتالية؟؟؟ …

ولا ننسى أن هناك عقوق يكون من الشعب اتجاه الدولة عندما تكون الدولة وفية لشعبها،وقد وفرت له كل سبل الرخاء والسعادة.

الاخبار العاجلة