صراحة نيوز – بقلم الدكتور حسين عمر توقه
باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي
المقدمة :
سوف نتناول في هذا البحث بدايات تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية وفي بحث آخر سوف نتناول المراحل منذ بلوغ هذا التنظيم قوته وفرض نفسه وسيطرته على أقاليم بكاملها في كل من العراق وسوريا بدءا بإعلان تنظيم الدولة الإسلامية حتى لحظة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نبأ مقتل أمير التنظيم أبو بكر البغدادي في الأسبوع الماضي .
حسب أحد تقارير عميل المخابرات الأمريكية الهارب إدوارد سنودن صاحب الفضل في الكشف عن وثائق ( ويكي ليكس ) أكد أن دولة العراق الإسلامية هي نتاج تعاون استخباري أمريكي بريطاني إسرائيلي وأنه تم وضع خطة تحت رمز ( عش الدبابير ) من أجل تجمع أكبر عدد ممكن من الميليشيات الإسلامية وتقويتها من أجل زعزعة أنظمة الحكم في الدول العربية وجر الدول المسلمة إلى صراع طويل الأمد بين السنة والشيعة
هذه القيادات السياسية للدول العظمى وللدول العربية وهذا الحشد الهائل من الجيوش الغربية والعربية والإسلامية وهذه الإجتماعات على مستوى رؤساء الأركان بكل إمكاناتها الإستخبارية العسكرية ومخابراتها المدنية لا أحد ( أكرر لا أحد ) يريد الإجابة على ثلاثة أسئلة محددة
من الذي أوجد تنظيم داعش ؟
ما هو الدافع الحقيقي لخلق تنظيم داعش ؟
متى سينتهي دور داعش ؟
الخلايا النائمة وحرب الإنابة :
بعد الخسائر المادية والبشرية والمعنوية الهائلة التي تكبدتها الولايات المتحدة في حروبها ضد الإرهاب لا سيما بعد احتلالها لكل من أفغانستان والعراق وبعد العودة إلى مخططات سابقة لتفتيت العالم العربي والإسلامي وفي مقدمتها وثيقة بنرمان ووثيقة برنارد لويس ومنتجات الطوق النظيف لتحطيم الجيوش العربية التي تحيط بإسرائيل والتي سبق لها أن حاربت إسرائيل وبعد تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بسحب قواته من أفغانستان والعراق . فلقد تم استبدال الإستراتيجية العظمى للولايات المتحدة إلى إيقاظ مخطط الشرق الأوسط الجديد وإذكاء مبادىء الفوضى الخلاقة واستغلال بعض المنظمات مثل مجموعة إدارة الأزمات الدولية ومراكز الدراسات والبحوث الإستراتيجية في إيقاظ وترويج الأخوان المسلمين لتولي المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط مع محاولة إعادة إعتبار للحركات السياسية والحزبية تحت غطاء وطني ديني إسلامي قومي عربي وإعادة الإتصال مع عملائهم على كل المستويات في الدول العربية .
ولقد برزت حرب جديدة تُعرف بحرب الأضداد في العالم العربي ففي بعض الأحيان يكون هناك ضد قوي واحد ضد النظام مثل الأخوان المسلمين في مصر ومثل المسيحيين في جنوب السودان ضد المسلمين في الشمال وقد يكون هناك أكثر من ضد بارز واحد مثل الحوثيين وتنظيم القاعدة ورجال القبائل في اليمن وقد تطفو على سطح الأحداث مجموعات وتنظيمات حديثة وتيارات متعددة لا تعلم من يقاتل من نتيجة سقوط النظام كما هوحاصل في ليبيا وهناك بعض التنظيمات والميليشيات التي لا يمكن جمعها تحت هدف واحد بالرغم من أنها تنقسم بين تنظيمات موالية للنظام وتنظيمات مناهضة للنظام فلو حاولنا على سبيل المثال تعداد المنظمات والميليشيات في سوريا لوجدنا أن هناك قسمين رئيسيين الأول موالي للنظام وعلى رأسه الجيش السوري والأجهزة الأمنية والشبيحة ولواء أبو الفضل عباس وحزب الله . أما التنظيمات المناوئة للنظام فهي الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والجيش السوري الحر وجبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية والجبهة الإسلامية السورية ولواء صقور الشام وتنظيم خراسان ووحدات حماية الشعب الكردي وتنظيم الدولة الإسلامية ( داعش).
أما في العراق فتنقسم التنظيمات والميليشيات والأحزاب إلى ثلاثة تصنيفات رئيسة الأول الأحزاب والميليشيات الشيعية وتتوزع في محافظات الجنوب وفي بغداد ويضم هذا التصنيف التيار الصدري وجيش المهدي والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وعصائب أهل الحق وحزب الدعوة الإسلامية ومجموعة الفضلاء ومنظمة العمل الإسلامي بالإضافة إلى العديد من التنظيمات السياسية الإسلامية والتي يطلق عليها قوى الإنتفاضة الشعبانية ولقد برزت بقوة وطغت على سطح الأحداث قوة كبيرة تحت إسم الحشد الشعبي .
أما التصنيف الثاني فهو الأحزاب والميليشيات السنية وتتوزع في محافظات وسط العراق السنية وينضوي تحت لوائها كل من قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ودولة العراق الإسلامية ورجال الطريقة النقشبندية وجيش أنصار السنة وجماعة أنصار الإسلام وجيش المجاهدين والجيش الإسلامي في العراق وجيش محمد وسعد بن أبي وقاص وفصائل المقاومة الجهادية والجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية وكتائب ثورة العشرين وتنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) وثوار العشائر والمجالس العسكرية واتحاد القوات الحكومية .
وهي عبارة عن تراكمات أورثها الأمريكي بول بريمر من خلال العملية السياسية المتعلقة بكتابة الدستور على أساس طائفي تحاصصي ووصول قيادات سياسية وحكومات غالبيتها متورطة بالفساد ونهب الأموال
أما في الشمال فلا يوجد غير ميليشيا كردية عسكرية واحدة هي البشمركة الكردية والواقع أنه ليس من قبيل الحق تسمية البشمركة ووصفها بالميليشيا لأن البشمركة هي جيش عسكري يعتبر من أقوى الجيوش المتواجدة في العراق الآن وفي ظل الظروف الراهنة ويتراوح تعداد قواته ما بين 275 ألف إلى 300 مقاتل حاربوا بجانب القوات الأمريكية ضد الجيش العراقي تحت إمرة صدام ولقد قامت الولايات المتحدة بمكافأتهم بمئات الدبابات والمدرعات وقطعات المدفعية التي تم الإستيلاء عليها من الجيش العراقي وهناك عدد كبير من المستشارين العسكريين الأمريكان .
وعودة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي أصبح في فترة زمنية لا تزيد على الأشهر قوة ضاربة تحتل ما مساحته من 40% من العراق والتي تشمل ست محافظات عراقية سنية تفصل الجنوب الشيعي عن الشمال الكردي وتحتل ما مساحته 20% من سوريا . بعد أن تخلت الفرق العسكرية للجيش العراقي في أقاليم الوسط عن مواقعها ودباباتها ومدافعها ومخازن ذخيرتها وعتادها وتم تسليمها إلى قوات تنظيم الدولة الإسلامية والتي وصلت قواتها إلى مسافة 35 كيلومترا من أربيل عاصمة الأكراد بعد سقوط الموصل .
وتستنفر كل الدول العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة بالإضافة إلى تحالف عربي مؤلف من عشر دول عربية وتركيا وتنعقد من أجله إجتماعات عسكرية على مستوى رؤساء أركان 21 دولة وتتحرك حاملات الطائرات وتنهمر عليهم بقايا صواريخ التوماهوك الأمريكية وطائرات خمس دول عربية بالإضافة إلى كل من فرنسا وبريطانيا . رغم إقرار الولايات المتحدة بحقيقتين أن الغارات الجوية لن تستطيع لوحدها كسب المعركة ضد داعش وأن الجيش العراقي غير مجهز وبحاجة إلى فترة عام على أقل تقدير لتدريبه وتجهيزه ليخوض حربا برية ضد داعش .
أبو مصعب الزرقاوي :-
إن نشأة هذا التنظيم في العراق ترجع إلى ( أبو مصعب الزرقاوي ) وهو أحمد فاضل نزال الخلايلة أردني الجنسية . توجه إلى أفغانستان عام 1989 عن طريق بيشاور واستقر به المقام لفترة في مدينة جلال أباد والتي كانت تعتبر القاعدة الخلفية للمجاهدين العرب والأفغان وفي ربيع عام 1989 توجه مع عدد من المقاتلين إلى منطقة خوست شرق أفغانستان إلا أنه لم يشارك في القتال ضد السوفيات لأن الحرب كانت قد انتهت قبل وصوله وقرر المشاركة في الموجة الثانية من معارك الحرب الأهلية والتحق بمعسكرات قلب الدين حكمتيار وشارك في المعارك التي دارت بين الأحزاب الإسلامية ضد الأحزاب الموالية للشيوعية حتى عام 1993 حيث قرر العودة إلى الأردن بعد بدء الحرب الأهلية بين فصائل المجاهدين وإنتهاء حرب الخليج الثانية والبدء في ملاحقة الأفغان العرب في بيشاور .
وكانت تلك الفترة قد شهدت عودة الكثيرين من المقاتلين الأردنيين من أفغانستان الذين انخرطوا في عدد من التنظيمات كجيش محمد والأفغان الأردنيون وباشر أبو مصعب الزرقاوي الإتصال بعصام البرقاوي ( أبو محمد المقدسي ) صديقه في أفغانستان . ولقد تضافرت جهود كل من الزرقاوي صاحب الخبرة القتالية العملية وأبو محمد المقدسي صاحب الخبرة التنظيرية من أجل نشر السلفية الجهادية وتمكنا من جمع عدد من الأتباع والأنصار وأطلقوا على أنفسهم إسم جماعة التوحيد . وتم الإتفاق أن يكون أبو محمد المقدسي أميرا لجناح الدعوة وأبو مصعب الزرقاوي أميرا للجماعة وأن يكون خالد مصطفى العاروري ( أبو القسام ) من أهل الشورى والحل والعقد . وبدأت الجماعة العمل في ظل ظروف وأحداث متسارعة فلقد كان الأردن على وشك توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل وبصدد إجراء الإنتخابات النيابية كما شهدت تلك الفترة وقوع حادثة المسجد الإبراهيمي عام 1993 وقرر أعضاء الجماعة القيام بعملية إستشهادية ضد إسرائيل . ولم تجد دعوة أبو محمد المقدسي إلى السلفية الجهادية أي صعوبة في إكتساب أنصار ومتعاطفين لا سيما بين المجموعات الصغيرة المنتشرة في العديد من المدن والمحافظات الأردنية لا سيما في السلط ومعان والمفرق والزرقاء والتي كانت تتبنى مواقف سيد قطب في الحاكمية وتكفير الحكومات والدساتير .
ولقد قامت الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على كافة أعضاء تنظيم جماعة التوحيد وتم تقديمهم إلى محكمة أمن الدولة عام 1996 حيث تم الحكم عليهم بالسجن لمدة خمسة عشرة عاما وعقب تولي الملك عبد الله الثاني ابن الحسين مقاليد الحكم أعلن التلفزيون الأردني بتاريخ 23 آذار 1999 العفو العام عن المساجين . وقام الزرقاوي بمعية مجموعة من تنظيم الجماعة بالمغادرة إلى الباكستان ومنها إلى أفغانستان . حيث أسس هناك معسكر هيرات . في هذه الأثناء وقعت حادثة برجي التجارة العالمي بتاريخ 11/9/2001 في مدينة نيويورك مما أدى إلى وقوع مجابهة شرسة بين القاعدة وجماعاتها المختلفة وبين الولايات المتحدة وحلفائها من القوى العظمى وحكومات العديد من الدول العربية وكانت فاتحة الصراع الدامي للحرب الأفغانية التي أدت إلى سقوط نظام طالبان وإختباء قادة القاعدة عن الأنظار . وانتقل أبو مصعب الزرقاوي مع عدد من أنصاره من معسكر هيرات إلى إيران بعد قيام الولايات المتحدة بإحتلال أفغانستان وسقوط نظام طالبان ومن ثم انتقل هو ومجموعة من رفاقه إلى المناطق الكردية في شمال العراق وفي كردستان حيث قام عدد من أنصار الزرقاوي بتأسيس تنظيم ( جند الشام ) ثم أقاموا تحالفا مع فصيل كردي متشدد وأنشأوا تنظيما جديدا تحت اسم ( أنصار الإسلام ) . وبقي الزرقاوي في كردستان وأخذ يتنقل سرا بين كردستان وسوريا .
بتاريخ 9/4/2003 تمكنت القوات الأمريكية من إحتلال بغداد وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين . في ظل هذه الظروف والمعطيات الجديدة انتقل أبو مصعب الزرقاوي إلى بغداد ووجد في المجتمع السني حاضنة إجتماعية وبدأ إجراء إتصالات واسعة ونجح في تأسيس جماعة من المتطوعين العرب بالإضافة إلى النواة الأساسية من الأردنيين .
وقامت هذه المجموعة بسلسلة من العمليات الإنتحارية من بينها تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد بتاريخ 19/8/2003 وإغتيال رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق محمد باقر الحكيم بتاريخ 29/8/2003 والهجوم على قاعدة عسكرية إيطالية في الناصرية بتاريخ 12/11/2003 وكانت الجماعة تعرف بإسم مجموعة الزرقاوي ولكنها وبعد إنضمام عمر يوسف جمعة ( أبو أنس الشامي ) تم الإعلان عن تأسيس جماعة التوحيد والجهاد في شهر أيلول 2003 .
وبتاريخ 2/3/2004 قامت جماعة التوحيد والجهاد بمجموعة من الإعتداءات المتزامنة على الشيعة في كربلاء تسببت في مقتل 170 شخصا وجرح 550 شخصا . وكانت هذه الإعتداءات نقطة تحول خطيرة في الصراع داخل العراق إذ أطلقت العنان بصورة مرعبة للصراع السني / الشيعي وتعزيز المجابهة العسكرية بين السنة والشيعة وتوفير بيئة من الفوضى الأمنية والإحتقان الطائفي . وبدأ الإتصال مع تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن وتم تغيير إسم الجماعة من التوحيد والجهاد إلى تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وتدفق المئات من المتطوعين من العالم العربي والإسلامي وأوروبا للإلتحاق بتنظيم قاعدة الجهاد وتوسع نشاط هذا التنظيم خارج العراق ليشمل الأردن وسوريا ولبنان والسعودية واتسع نطاق عملياته ليشمل الولايات المتحدة حيث تم اتهامه بإرسال رسالة تحتوي على مادة ( الإنتراكس ) إلى زعيم أغلبية الجمهوريين بيل فريست . وكان أبو مصعب الزرقاوي يخطط إلى إقامة إمارة إسلامية سنية في وسط وغرب العراق تمثل رأس حربة إقليمي لتنظيم القاعدة في المنطقة .
وفي عام 2006 ظهر أبو مصعب الزرقاوي في شريط مصور معلنا عن تشكيل ( مجلس شورى المجاهدين ) بزعامة عبد الله رشيد البغدادي .
وفي صباح 7/6/2006 أعلن رئيس الحكومة العراقية عن مقتل أبو مصعب الزرقاوي في غارة جوية أمريكية على بعقوبة . وبعد مقتل الزرقاوي بأيام تم انتخاب أبي حمزة المهاجر زعيما للتنظيم وبتاريخ 15/10/2006 تم الإعلان عن تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبو عمر البغدادي .
وفي يوم الإثنين الموافق 19/4/2010 شنت القوات الأمريكية والقوات العراقية عملية عسكرية في منطقة الثرثار استهدفت منزلا كان يتواجد فيه كل من أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر وتم قصف المنزل بواسطة الطائرات ليقتلا معا وتم عرض جثتيهما معا على وسائل الإعلام .
إبراهيم عواد إبراهيم السامرائي :-
وتم الإعلان عن إختيار أبو بكر البغدادي ليصبح أميرا لدولة الإسلام في العراق وإسمه الحقيقي هو إبراهيم عواد إبراهيم السامرائي من مواليد مدينة السامراء عام 1971 تخرج من الجامعة الإسلامية في بغداد وحصل على شهادة الدكتوراه ساهم في تأسيس مجموعات مسلحة في نطاق ديالى وسامراء وبغداد لمقاتلة قوات الإحتلال الأمريكية .
ولقد تعرض إلى الإعتقال على يد القوات الأمريكية عام 2005 واستمر قيد الإعتقال حتى عام 2009 وحسب أحد تقارير عميل المخابرات الأمريكية الهارب إدوارد سنودن صاحب وثائق ويكي ليكس أنه في هذه الفترة تم تجنيد أبو بكر البغدادي وتم تدريبه عسكريا واستخباريا وأكد أن دولة العراق الإسلامية هي نتاج تعاون استخباري أمريكي بريطاني إسرائيلي وأنه تم وضع خطة تحت رمز ( عش الدبابير) من أجل تجمع أكبر عدد ممكن من الميليشيات الإسلامية وتقويتها من أجل زعزعة أنظمة الحكم في الدول العربية وجر الدول المسلمة إلى صراع طويل الأمد بين السنة والشيعة من أجل إستكمال وتنفيذ مخطط بيرنارد لويس في تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات دويلة شيعية في الجنوب ودويلة سنية في الوسط ودويلة الأكراد في الشمال .
بعد اندلاع الأزمة السورية وأصبحت ثورة مسلحة بدأ تكوين الفصائل والجماعات لقتال النظام السوري . وفي أواخر عام 2011 تم تشكيل جبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني واستمرت الجبهة بقتال النظام حتى وردت تقارير استخبارية عن علاقتها الفكرية والتنظيمية بفرع دولة العراق الإسلامية . وأدرجتها الولايات المتحدة على لا ئحة المنظمات الإرهابية . بتاريخ 9/4/ 2013 انتشر تسجيل صوتي منسوب لأبو بكر البغدادي يعلن فيه ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) إلا أن أبو محمد الجولاني رفض هذا الدمج وأعلن أنه ممثل لتنظيم القاعدة في الشام ومرتبط بأيمن الظواهري والذي طلب بدوره من أبو بكر البغدادي إلى تركيز نشاطه على العراق وترك سوريا إلى جبهة النصرة واندلعت الإشتباكات بين الطرفين في شهر كانون الثاني 2014 وقرر البغدادي في تحد سافر إلى أيمن الظاهري نقل نشاط تنظيمه إلى سوريا حيث سيطرت قواته على منطقة الرقة ودير الزور . وسرعان ما بدأ التنظيم في خوض معارك على أكثر من جبهة في سوريا بعضها ضد جبهة النصرة وبعضها ضد الجيش السوري الحر وبعضها ضد الأكراد السوريين ولقد تمكن تنظيم داعش من إغتيال ممثل الظواهري في سوريا المدعو أبو خالد السوري بتفجير مقره في مدينة حلب .
ولقد ازداد نفوذ داعش في العراق بعد عملية تحرير أكثر من 500 سجين من أتباع تنظيم القاعدة من سجن التاجي وسجن أبو غريب والقيام بالإستيلاء على مطار منغ العسكري وبتاريخ 29/9/2013 قاموا بإستهداف مقر الأمن العام في مدينة أربيل بسيارات مفخخة ولقد شهد كانون الثاني 2014 تسلل قوات من داعش إلى مدينتي الفلوجة والرمادي واحتلتهما بعد أشهر من تصاعد العنف في محافظة الأنبار مع أن القوات الحكومية استعادت السيطرة على الرمادي بعد بضعة أيام .
وما أن تم الإعلان بتاريخ 19/5/2014 عن فوز ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي ب 95 مقعدا في الإنتخابات النيابية تسارعت الأحداث وقام تنظيم داعش بالسيطرة على محافظة نينوى والإستيلاء على مدينة الموصل بعد انسحاب القوات الحكومية العراقية تاركة مئات الدبابات وناقلات الجنود وقطعات المدفعية ومخازن الذخيرة والعتاد مما أدى إلى هروب 500 ألف مواطن غالبيتهم من المسيحيين وامتد تسونامي داعش لفرض سيطرته على سد الموصل والإنتشار لفرض سيطرته على المحافظات السنية الست أو ما يعرف بالمثلث السني لا سيما محافظة صلاح الدين التي تربط وسط العراق بشماله وتضم مدينة بيجي حيث أكبر مصافي النفط العراقية ولقد توجهت قوات داعش بإتجاه محافظة كركوك الغنية بالنفط بعد انسحاب الجيش العراقي إلا أن قوات البشمركة احتلت كل المناطق التي انسحب الجيش العراقي منها .
بتاريخ 14/6/2014 صدرت الأوامر إلى حاملة الطائرات الأمريكية النووية جورج بوش والتي يبلغ عدد طاقمها 3200 ضابط وبحار ومسلحة بصواريخ ( Rim-116 + MK 29 ) الموجهة وتحمل 90 طائرة من نوع إف 18 بالإنتقال من بحر العرب إلى الخليج العربي يصاحبها مدمرة وحاملة للصواريخ الموجهة
في قمة هذا التوسع لقوات داعش وبتاريخ 29/6/2014 أعلن أبو محمد العدناني الناطق الرسمي لتنظيم داعش عن ميلاد الخلافة الإسلامية ومبايعة أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين وأنه سيتم استخدام اسم ( الدولة الإسلامية ) وصاحب هذا التوسع في العراق توسع آخر في سوريا وامتداد إلى لبنان
تمويل تنظيم الدولة الإسلامية :-
تشير بعض التقارير الصحفية ومن بينها وكالة سي إن إن بتاريخ 23/6/2014 بأن تنظيم داعش قد حصل على تمويل من خلال جهات ثرية من الكويت وقطر وتم التطرق إلى 130 شخصية من جنسيات مختلفة بينهم رجال دين ومثقفين ورجال أعمال تورطوا بتقديم الأموال لداعش. ولا بد لنا أن نعترف هنا أنه من أجل تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين لا بد وأن يكون تنظيم داعش قد حصل على أموال كبيرة لدعم المجهود الحربي واستمرار تجنيد أعضائه فهناك تقارير تفيد بأن التنظيم قد استولى على موجودات البنوك في العديد من المدن العراقية حيث تم الإستلاء على 425 مليون دولار أمريكي من بنوك محافظة نينوى حسب ما أعلن محافظ نينوى أثيل النجافي بالإضافة إلى كميات كبيرة من السبائك الذهبية وحوالي 35 مليار دينار عراقي من مصرف العابد في الفلوجة وهو أحد فروع مصرف الرافدين ومن خلال السيطرة على العديد من آبار ومصافي النفط وبيعها بالسوق السوداء وإلى المواطنين حيث بلغ دخل التنظيم من خلال الإتجار بالنفط ما يقارب مليوني دولار يوميا بالإضافة إلى الإتجار بالآثار المسروقة والتي تباع في السوق السوداء . وبالرغم من صدور تقارير صحفية من بينها تقرير صحيفة الجارديان البريطانية بتاريخ 21/6/2014 على لسان مسؤول عراقي أن ثروة داعش تقدر بنحو 875 مليون دولار قبل الإستيلاء على مدينة الموصل ثم ارتفعت إلى أكثر من 4 مليارات دولار أمريكي خصوصا بعد سيطرتها على مصفاة بيجي في كركوك والتي تعتبر أكبر مصفاة في العراق حيث تقارب موجوداتها من النفط ما يعادل ملياري دولار يضاف إلي ذلك الأتاوات من المواطنين من زكاة وبدل حراسة وجباية الأموال من مواطني المناطق التي تسيطر عليها لقاء حمايتهم بالإضافة إلى أموال الفديات جراء عمليات الخطف كما قام تنظيم داعش بإعداد فواتير للمياه والكهرباء وتوزيع هذه الفواتير على المحال التجارية والمساكن بالإضافة إلى فرض أتاوات تحت ستار زكاة الحبوب . بالرغم من عدم وجود أي وثائق مؤكدة لقيمة الأموال في حوزة داعش إلا أن زخم أعداد المقاتلين والمقدرة بعشرات الآلاف بحاجة إلى إدارة مالية محترفة في اجتذاب المقاتلين لا سيما من الخارج وفي تأمين رواتبهم أو مخصصاتهم كل في موقعه وهذا يتطلب وجود كادر مالي إداري مختص محترف ومتقدم . ولقد أصدرت الإدارة الأمريكية بتاريخ 23/10/2014 تحذيرا بفرض عقوبات على كل من يشتري النفط من تنظيم الدولة الإسلامية . ولقد أشار ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن النفط يشكل مصدر تمويل مهم حيث يعمل التنظيم من خلال السوق السوداء للنفط في سوريا والعراق بتكرير النفط وبيعه إلى مهربين يقومون ببيعه إلى تركيا وربما إلى النظام السوري . وأكد أن الحكومة الأمريكية جاهدة في التوصل لإستهداف مصاد تمويل داعش ومنع وصول داعش من الوصول إلى النظام المالي الرسمي .
كميات ونوعيات الأسلحة المتوفرة لدى تنظيم الدولة الإسلامية :-
أما السؤال الأصعب فهو يتعلق بكمية ونوعية الأسلحة المتوفرة لدى تنظيم داعش من دبابات وناقلات جنود وقطعات مدفعية وصواريخ ورشاشات وأسلحة خفيفة وتوفر الذخيرة فخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة قامت قوات داعش بالتوسع في مناطق شاسعة وقامت بشن مئات الهجمات واشتبكت في عشرات المعارك فهي تغطي ما يزيد على الف كيلومتر من الحدود مع الأكراد وآلاف الكيلومترات الممتدة من الحدود الشرقية مع إيران ومع الخط الفاصل بين محافظات الوسط ومحافظات الجنوب في العراق بالإضافة إلى الحدود الغربية وامتدادا إلى سوريا هذه المسافات الشاسعة بحاجة إلى آليات ودبابات ومجنزرات ومدافع ورشاشات هذه الآليات بحاجة إلى كميات هائلة من الذخائر المختلفة وإلى خبراء عسكريين يجيدون استخدام هذه الآليات بحرفية ولا بد من وجود مراكز للعمليات والسيطرة للتخطيط لسير العمليات وإدارتها واختيار الأهداف ومهاجمتها والسيطرة عليها ومن ثم استيعاب الغارات الجوية والتقليل من أضرارها ونحن نتساءل ما هو مصدر هذه الأسلحة وما هو مصدر الذخائر الثقيلة والخفيفة وما هو أسلوب التموين والتعزيز والتجهيز وتوفير الوقود اللازم لهذه الآليات وصيانتها وتوفيروسائل تموين الغذاء والماء والدواء للمقاتلين وما هي وسائل الإتصال بين مختلف القيادات . هناك سؤال طفا على سطح الأحداث ما هي الإمكانيات الطبية وكيف وأين تتم معالجة الجرحى من مقاتلي داعش .
هذه القيادات السياسية للدول العظمى وللدول العربية وهذا الحشد الهائل من الجيوش الغربية والعربية والإسلامية وهذه الإجتماعات على مستوى رؤساء أركان الجيوش بكل إمكاناتها الإستخبارية العسكرية ومخابراتها المدنية لا أحد يريد الإجابة على ثلاثة أسئلة محددة
من الذي أوجد تنظيم داعش ؟
ما هو الدافع الحقيقي لخلق تنظيم داعش ؟
متى سينتهي دور داعش ؟؟