بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
ما بين مؤتمر لندن والمنامة آمال وآلام كثيرة وتخيلات واسعة ولأول مرة شعرت ان الحكومات المتعاقبة تائهة ولم تكن بمستوى المسؤولية، وهي التي يقع على عاتقها إحداث تغيير ونقلة حقيقية بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وشعرت بحجم الغضب واللوم الذي يقع على عاتق هذه الحكومات من خلال بوح جلالة الملك حين قال وقت ان تشرفنا بلقائه في الديوان الملكي قبل موعد مؤتمر لندن بثلاثة أشهر تقريبا وهو يتساءل ماذا أعدت الحكومة لمؤتمر لندن؟ وكيف نحول هذه الفرص من خلال هذا المؤتمر التي يوفرها المجتمع الدولي الى مناخات قادرة على انتاج الحياة بمعناها العملي؟ اي خلق المشاريع المنتجة لتوفير فرص عمل لمئات الالاف من الشباب الذين يقفون في طوابير الانتظار على بوابات ديوان الخدمة المدنية.
هذه الحكومة تائهة لانها لا تستطيع الخروج من ثوب حكومة تصريف الاعمال اليومية وكل همها توقيع قرارات ادارية تتمثل باعادة تسعير المشتقات النفطية ونقل وترميج وتعيين الموظفين خدمة لبعض المحاسيب وتفصيل الوظائف على قياسهم، على حساب الطامعين بوطن تسوده العدالة.
(قرارات مجلس الوزراء منشورة كل اسبوع) جلالة الملك امضى من وقته الكثير ليُضمن أوراقه النقاشية، شكل الوطن الذي نحلم فيه تسوده العدالة والشفافية وسيادة القانون، لكن هذه الحكومة وما سبقها من حكومات غارقة في التيه عندما لا تستغل الفرصة المتاحة امامها وسط احساس المواطن بالمسؤولية تجاه الوطن، لتفاجئهم بمشارع انتاجية قومية تنقل الناس من واقع الى واقع لكن للاسف ضياع حقيقي للفرص.
حكومة تائهة لانها لم تتفقد بشكل جدي حاجات الناس وفقا لخطة مدروسة وتشكيل لجان متابعة حقيقة تقوم على تحديد حاجات المناطق الاقل حظا والتي تفتقر لاي فرصة عمل حقيقية للتخفيف من معاناة المواطنين فهؤلاء الشباب في الاطراف تفترسهم البطالة ويقتلهم الفراغ واصبحوا ضحية التعاطي والفكر المتطرف. خسرنا مؤتمر لندن ..
ذهبت الوفود والتُقطت الصور وتنعموا بفنادق مدينة الضباب ولم نرى نتيجة، واليوم نحن امام ورشة البحرين ومليارات كوشنير التي يعد بها من صناديق حكومات الخليج هذه الورشة او المؤتمر اعلن عنه تحت اسم “السلام من أجل الازدهار” منذ اشهر، وبقي الموقف من هذا المؤتمر غامضاً حتى أدركنا ضرورة المشاركة، “على بركة الله” ماذا سنقول بورشة البحرين وما هو الثمن السياسي المطلوب ولو تم عرض مشاريع ماذا بجعبة الحكومة لتقدمه على طاولة المؤتمر ولماذا لم تقوم الحكومة ومن خلال اذرعها الاعلامية بشرح ابعاد المشاركة وكيف ستستثمر الحكومة هذا الحضور دون خسائر وانا اعلم ان الاردن لا يستطيع عمليا رفض المشاركة ولكنه شارك بتمثيل منخفض وهذا جيد امتصاصا للغضبة الشعبية، لكن الحكومة عملها ليس علاقات عامة فقط لارضاء الناس فهم يريدون نتائج وشيء ملموس على ارض الواقع دون أن يمس بثوابتنا الوطنية التي اعلنها الملك اللاءات الثلاثة.
الناس محبطة ويائسة وفاقدة الثقة بالحكومة وبقراراتها لعدم امتلاكها خطة عمل واضحة وهي مرتبكة والدليل واضح في أقل من سنة تم اجراء ثلاث تعديلات وزراية على الحكومة الحالية، فكيف لحكومة غير منسجمة وليس لديها ارضية عمل مشتركة أو برنامج معلن محدد بسقوف زمنية أن تقنع الناس بجديتها بالاصلاح ومحاربة الفساد وزيادة الانتاج، كيف لحكومة ان تقنع الناس وهي غير قادرة على مواجهة الهدر والتبذير الحكومي في جميع المجالات كيف للحكومة تنفق مئات الملايين من الدولارات على زيارات لوفود يقضي اعضائها معظم وقتهم بالترفيه وشمة الهوا..اعتقد ان الحكومات تضحك على نفسها اساسا وتظلم الوطن بعدم تحملها المسؤولية باعلان فشلها في تحقيق أي انجاز حقيقي يساهم في زيادة النمو الاقتصادي…صرف الرواتب وتوقيع الاجازات ونقل الموظفين هذا عمل الحكومات التائهة التي لا تمتلك برنامج نهوض اقتصادي حقيقي…عملها رفع عتب وتبديد للوقت. حمى الله الوطن وقيادته وشعبه من كل مكروه. استاذ العلوم السياسية جامعة البترا