صراحة نيوز – بقلم حسين الرواشدة
أيهما أهم : الترويج السياحي أم «الوطني»؟ قبل الإجابة أحتاج لتوضيح المسألة، لدينا مشكلة باستقطاب السياح لبلدنا، اجتهد بعض المسؤولين باستضافة نحو 500 مؤثر في مؤتمر بالبحر الميت، لا تعليق لدي على ما حدث، فقد أثار نقاشات واسعة لدى الأردنيين، لكن لدينا مشكلة أخرى، أعتقد أنها اهم، عنوانها وطني بامتياز، وهي تراجع ثقة الأردنيين بمؤسسات الدولة والمجتمع، وانسحابهم، بالتالي، من المشاركة بالعمل العام، واتساع مساحات إلياس والسوداوية بينهم، ألا يحتاج كل هذا لمؤتمر» ترويج « من أجل استعادة العافية الوطنية؟
للاستطراد، أضيف :إننا احتجنا من اجل السياحة لمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، فما الذي يمنع أن نستضيف مؤثرين وطنيين لإعادة ثقة الأردنيين بأنفسهم، وبلدهم ومؤسساتهم؟ الفكرة تبدو وجيهة، لكنها تحتاج لمزيد من التفصيل، هؤلاء المؤثرون الذين أقصدهم، ليسوا من هواة السوشيال ميديا، ولا من رواد» اللايكات»، إنهم ينتمون إلى طبقة أخرى، عنوانها الحكمة والعقلانية، وأدواتها حضورهم وسط قواعدهم الاجتماعية، ومدى ثقة الناس بهم، نظرا لاستقامتهم ونظافتهم، ومصداقيتهم.
على مر السنوات الماضية، اعتمد بعض الموظفين الذين لا يملكون أي افق سياسي، خططا مغشوشة، لاقصا الحكماء وإبعادهم عن مشهدنا العام، وتمّ بالفعل تكسير الوسائط الاجتماعية والسياسية، وحرمانهم من المشاركة وتقديم النصيحة، لا بل ومن حضور المناسبات الوطنية، تبين لاحقا أن هذا الفراغ – الذي حاول البعض أن يملأه بماركات مقلدة، ترك انطباعا عاما لدى العقلاء من الأردنيين، أنهم غير مرغوب فيهم، وبالتالي آثروا الانسحاب أو الاعتزال، احتراما لأنفسهم فخسرنا، بسبب غيابهم، مؤثرين حكماء، كان يمكن أن يساهموا بالعمل الوطني، ويجنبوننا الكثير مما وقعنا فيه من أزمات وخيبات .
الآن، نحتاج إلى استدارة عنوانها» القضية الأردنية»، فالأردنيون بحاجة لقضية تجمعهم، وتكون ملهمة لهم، ولا يوجد قضية اهم من «الأردن»، لكن ذلك لا يمكن أن يتم بـ» كبسة زر» سياسية، أو بتصريحات ووعود عابرة، المؤثرون العقلاء هم وحدهم القادرون على إقناع الأردنيين بقضيتهم الوطنية، ومشروعهم الوطني، لدينا المئات من هؤلاء الحكماء، والمطلوب، فقط، أن نفسح لهم المجال ليتدخلوا، ثم نسمع صوتهم ونقدره، ونأخذ به، اجزم أن النتيجة ستكون مدهشة، وأن بلدنا سيكون في صدارة اهتمام أبنائه، وإعجاب الآخرين أيضا .
لا يحتاج هؤلاء المؤثرون العقلاء لمؤتمرات تكلف مئات الآلاف من الدنانير، ولا إلى احتفالات رسمية، فهم ليسوا سياحا يمرون على آثارنا مرور المعجبين، فيأخذون صورة، ثم ينصرفون، على العكس تماما، هؤلاء مؤمنون بالأردن ودماؤهم مجبولة من ترابه، وهم احرص ما يكونون على مصلحته، وبالتالي فإن استدعاءهم هو أفضل وصفة للترويج لمنجزات بلدنا ، وردم هوة الثقة بين الأردنيين ودولتهم، وإقناعهم بالخروج من يأسهم إلى غد، ربما، يكون أفضل، إذا ما صدقت النوايا وصحت العزائم.