صراحة نيوز – بقلم فهد الخيطان
ثمة إصرار أردني وملكي على استعادة الطابع الاستراتیجي للعلاقات الأردنیة العراقیة. زیارة الملك عبدالله الثاني لبغداد بالأمس أكبر دلیل على ھذا التوجه .
وقف الأردن إلى جانب العراق في حربھ على الإرھاب وسانده بكل الوسائل المتاحة، ودعم خیارات الشعب العراقي الدیمقراطیة، بما یحفظ وحدة العراق وعروبته .
وبعد أن كتب العراقیون النصر على الإرھابیین بدمائھم وتضحیاتھم واستعادوا المدن التي وقعت في قبضة ”داعش“ الإرھابي، خاضوا الانتخابات من جدید وتمكنوا من بسط سیطرة الدولة على أراضیھا كافة.
كان وزیر الخارجیة الأردني أیمن الصفدي أول وزیر خارجیة یزور العراق بعد الانتخابات، وفي وقت لاحق توجھ وفد وزاري برئاسة رئیس الوزراء عمر الرزاز إلى بغداد لتشبیك العلاقات الثنائیة على مختلف المستویات.
العراق برئاساته الثلاث أظھر رغبة قویة ببناء علاقات راسخة مع الأردن، وترجم ذلك بزیارة رئیس الجمھوریة ورئیس الوزراء لعمان قبل أسابیع.
سبق تلك الخطوات اتفاق ثنائي على فتح معبر الكرامة بین البلدین واستئناف حركة التجارة، إلى جانب تفاھمات طالت قضایا تخدم مصالح الطرفین.
كان یمكن للعلاقات أن تمضي بوتیرة جیدة بین البلدین، لكن الملك اختار أن یقوم بھذه الزیارة لبغداد رغم المحاذیر الأمنیة التي ترافق زیارات الزعماء وكبار المسؤولین للعراق.
الزیارة الملكیة تأكید على القیم التاریخیة للعلاقات الأردنیة العراقیة، ورسالة تؤكد أن الأردن لم ولن یتخلى عن عمقھ العربي كخیار لا تتقدم علیھ خیارات أخرى.
لقد مثلت دول شقیقة مثل العراق وسوریة ومصر والسعودیة عمق الأردن الاستراتیجي، وظل حریصا على علاقات قویة معھا رغم تبدلات السیاسة والمواقف. سنوات الفوضى والدمار الأخیرة كانت اختبارا قاسیا أدركنا من خلالھ حجم النتائج الكارثیة علینا وعلى شعوب المنطقة عندما تفقد دولنا لحمتھا وتماسكھا.
كنا قد یئسنا من إمكانیة استعادة دول المنطقة العربیة لقیمھا المشتركة، لكن حدثا كزیارة الملك لبغداد یشعل فینا الأمل بقدرة أبناء الأمة على الإمساك بزمام المبادرة من جدید إذا ما توفرت الإرادة عند قادتھا، كما ھي متوفرة عند الملك.
وتجدر الإشارة ھنا إلى أن الملك عبدالله الثاني لم یتخل عن سعیھ لبناء علاقات وطیدة مع العراق في كل مراحلھ وتقلباتھ السیاسیة، فحتى مع وجود حكومات لم تكن ودا للعرب والأردن زار الملك بغداد وظل على تواصل مع قیاداتھا، وظلت عمان محطة دائمة للقیادات العراقیة بكل تلاوینھا السیاسیة والطائفیة.
مع مرور الوقت أدرك الأشقاء العراقیون أن الأردن وقیادتھ وبخلاف كثر غیره یقف في خندق الشعب العراقي والدولة العراقیة بغض النظر عن ھویتھا السیاسیة، وأنھ لایحمل أجندة خاصة تجاه العراق أو یخطط للتدخل في شؤونھ. ھذه الخلاصة حیال الموقف الأردني أثمرت سلوكا إیجابیا تجاه الأردن وسعیا عراقیا صادقا للتواصل بأریحیة مع الأردن، والبحث في المصالح
التاریخیة المشتركة لإعادة تنمیتھا وتطویرھا بما یخدم مصالح الشعبین.
ھناك فرصة تاریخیة الیوم لقیام شراكة أردنیة عراقیة یجني الشعبان من خیراتھا دون أدنى تأثیر على علاقات البلدین بالجیران والأشقاء في المنطقة.
القواعد التي حكمت علاقات الأردن بالعراق، ھي السكة التي یمكن أن تمضي علیھا العلاقات مع أي من دول المنطقة.