من القصص التي وردت في مقالات الكاتب أدهم شرقاوي القصة التالية :
” يحكى أن فلاحا زار أحد فلاسفة الرومان في بيته، وصادف وقت مجيئه وقت غداء الفيلسوف. فأصر على ضيفه أن يجلس معه على مائدة الغداء.
لبى الفلاح دعوة صاحب البيت، وعندما تناول طبق الحساء بين يديه رأى فيه أفعى صغيرة، ولكنه رغم هذا أكل ما في الطبق لأنه كره أن يحرج الفيلسوف !
عاد الفلاح إلى بيته ولم ينم ليلته تلك من وجع بطنه، وقال في نفسه أن هذا من أثر السم. وفي الصباح الباكر قصد الفلاح بيت الفيلسوف عله يجد دواءا لما ألم به.
وكم كانت دهشته عظيمة عندما أخبره الفيلسوغ أنه لم يكن في الطبق أية أفعى، وإنما هذا انعكاس رسمة على السقف في الطبق، واصطحبه إلى غرفة الطعام وسكب له طبقا وقال : أنظر أيوجد في هذا الطبق أفعى ؟ قال الفلاح : لا.
عندها وضع الفيلسوف الطبق تحت الرسمة التي في السقف مباشرة، انعكست صورة الأفعى فيه، ثم قال الفيلسوف للفلاح : الأفعى توجد في عقلك فقط ! والغريب أن الألم في بطن الفلاح زال فور معرفته بالحقيقة ! * * * التعليق : 1. هكذا هم الناس والمؤسسات وحتى الحيوانات والطيور، يتصورون تصرفات الآخرين بماء يجول في داخلهم وبما يتوهمون.
2 . الحيوانات التي تربط مدة طويلة لا تغادر أماكنها عندما يُحل وثاقها، والسبب أن القيد المعنوي صار له في النفس، قوة القيد المادي الذي هو الحبل !
3 . وكذلك فإن العصافير التي تُحبس في الأقفاص مدة طويلة، تنسى أن الغصن والفضاء المفتوح هو الأصل في حياتها، وأن القفص هو الاستثناء.
لهذا بعضها لا يطير بعيدا إذا نسي صاحب القفص الباب مفتوحا، وربما لا يبرح القفص أساسا، وأكثر ما يفعله هو أن يخرج من الباب ويبقى قريبا من القفص، لأن قفصه الحقيقي أصبح في داخله!
4 . والأجهزة الأمنية تعتقل الناس أحيانا كما يدور في عقولها، دون أن تكون هناك افعال تدل على أخطائهم، بل على النوايا التي تتوهمها لما سيفعلونه في المستقبل.