صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
بمناسبة الحديث عن المحاربين القدامى، فقد كتبت بتاريخ 21 / 3 / 2018 مقالا تحت عنوان ” الاحتفال بذكرى الكرامة وحفظ الكرامة ” أقتطف منه الفقرات التالية، لعلها تذكر أصحاب الشأن بمن قدّم لهذا الوطن أغلى ما يملك، ولكنه يوضع على قائمة النسيان ممن تصدروا الساحات هذه الأيام :
تمت دعوة أعداد محدودة ممن شاركوا عمليا في المعركة، وتم تجاهل عدد كبير من كبار القادة، الذين كان لهم دور بارز في مجريات المعركة، وكذلك جرى لمن شارك بها من بقية الضباط والأفراد. في مثل هذه المناسبة وبعد نصف قرن على وقوعها، ألا يستحق كل من شارك بالمعركة ضباطا وأفرادا أن يدعوا لحضور الاحتفال بانجازهم ؟
كان من الممكن أن يدعوا ويخصص لهم سرادق خاص، تتوسطه منصة القائد الأعلى، ويسلم جلالته على كل واحد منهم، ثم يحظون بكلمة شكر على ما قدموه، وتعزية بزملائهم الشهداء عليهم الرحمة، وعدم الاكتفاء بقراءة الفاتحة واستعراض أسماء الشهداء حول نصب الجندي المجهول.
ولو افترضنا أن متوسط أعمار من شاركوا بالمعركة في حينه كان 30 عاما، فمن بقي منهم على قيد الحياة هذه الأيام أصبح في خريف العمر، وستشكل دعوته واحترامه لمسة إنسانية وتقديرا له في أواخر عمره. وهنا أتساءل : لماذا لم يدعَ على سبيل المثال الرقيب عبد الفتاح المعايطه الملقب ببطل معركة الكرامة ؟ ولماذا لا يُدعَ أيضا الرقيب أبو جدعان الخرشه بطل معركة تل الذخيرة في حرب 1967، وغيرهم من الأبطال الذين لا يتسع المجال لذكر أسمائهم ؟
الرقيب عبد الفتاح المعايطه بعث برسالة عتاب مطولة من خلال موقع الحقيقة الدولية أقتطف منها ما يلي : ” استشهد زملائي بقربي وبقيت ملازما لهم، ولم أغادر أرض المعركة رغم إصابتي، وتنقلت من دبابة إلى أخرى طالبا النصر أو الشهادة. لم نعرف الخوف أو الجبن دفاعا عن أردننا الحبيب . . . وقابلنا حينها الدبابة المتغطرسة ببندقية وأثبتنا أننا الأشجع والأقوى وأصحاب الإرادة والعزم والتصميم “.
ويضيف عبد الفتاح موجها خطابه إلى المسؤولين : ” أخاطبكم عندما كنتم طلبة مدارس وفرحين بتحقيق النصر الأول للعرب، وكانت سيرتنا على كل لسان. أخاطبكم وليس لي منّة عليكم بأنني ضحيت بنفسي وروحي، إلا أن الله لم يكتب لي أن أكون شهيدا على أرض الكرامة والصمود. هل أخاطبكم أم أخاطب الزمن كونكم والزمن تنكرتم لنا ولبطولاتنا، وها أنتم تحتفلون بالعيد الخمسين للنصر . . لنصر الكرامة . . وصناع الكرامة ينتظرون الموت على فراشهم لا من فوقهم ولا من تحتهم.
خمسون عاما لم أجد اليد الحانية تمتد لي وتكرّمني، أو توجه لي دعوة تحت اسم صناع الكرامة. أخجل كل عام من أولادي وأسرتي وأقاربي بأنني أصبحت منسيا، رغم سنوات مرت بعد المعركة. كنت أسرد تفاصيلها لأطفالي وأقاربي وضيوفي وكنت محط احترام وتقدير لدى الجميع. ولكني اليوم أصبحت وحيدا أعيش على الذكريات وعلى الأمل. وهل هناك أمل بعد خمسين عاما من الانتصار، لدعوة أو تكريم أو تعريف للجيل الجديد، لأرفع من خلالها معنوياتي بعد أن عجزت وتقدم العمر واختفى النظر ؟ “.
التاريخ : 8 / 12 / 2020