تكتيك الدوامة

4 أغسطس 2019
تكتيك الدوامة

صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات 

سهير جرادات في اللعبة السياسة ، تنتهج الدول في إدارة الشأن اليومي ممارسة التكتيك السياسي ، ومن ضمنه، تكتيك الدوامة، الذي يعد فنا يقصد به إلهاء الشعب،حتى تتفرغ الدولة إلى وضع الإستراتيجيات والأهداف العليا التي تسعى لتحقيقها على المستوى الخارجي ، وربط هذه التكتيكات بالرؤية الاستراتيجية ، بحيث تتمكن من تنفيذ ما تريد دون معوقات أو استفسارات شعبية ، فهم لأهون في الدوامات التي أوجدتها الدولة لهذه الغاية ، وبعد فوات الأوان، تكتشف الشعوب أنها كانت تعيش في دوامة تلو الأخرى ، لتصل إلى مرحلة لا تشعر فيها بساعة الغرق .

ما أن يخرج المواطن الأردني من دوامة ، حتى يجد نفسه قد دخل في أخرى ، أعمق وأقوى؛ لتصرف أنظاره عما هو أهم فتلهيه وتدخله في تحليلات وتأويلات وتفسيرات تبعده عن مخططات مهمة وخطيرة؛ لإتاحة المرور الآمن لها ، وما أن ينتهي المواطن من الدوامات المفتعلة التي تحرك بفعل فاعل ، حتى يجد أن الأمور قد انتهت بالطريقة المراد لها في التكتيك السياسي.

منذ فترة ، يتم الهاء الشعب بقصص سقفها عال ، القصد منها الاستحواذ على التفكير وتصديقها ، وتعطيل التحليل من شدة المفاجأة ، وادخاله في دائرة مفرغة قائمة على نشر الأسرار ، وفي الحقيقة ما هي سوى أمور عادية ، حتى باتت عودة الملك من إجازته ، وزيارته الى “ابو ظبي” قبل اجازته، وبعد عودته من الاجازة ، وزيارته لمصر ودلالالتها دوامات تدخلنا في غياهب الجب ، وتَغيير رئيس هيئة الاركان يحاك خلفه قصص غريبة بدلالات متعددة تشد الانتباه وتفتح باب التأويل للعديد من التحليلات ، وفي الحقيقة ما يبث،أبعد ما يكون عن الحقيقة؛ لأن الحقيقة التي يراد إخفاؤها أعظم مما يتم بثه من أسباب يراد منها إدخال الشعب في دوامة التحليل دون فائدة ، وتحويل الأنظار عما يدور في الخفاء من أمور في غاية الأهمية والخطورة .

وفي ظل هذه التراكمات نجد أنفسنا ، قد دخلنا في دوامة جديدة هي ” فيلم جابر ” ،الذي يَبث تخوفا من أن تفصح الحكومة عن نيتها بيع أراضي البترا إلى اليهود! وخاصة أن الفيلم بحسب ما نشر من معلومات أولية يثبت “حق اليهود في البترا” ! وتهيئنا قصة الفيلم لتصديق ادعاءات اسرائيل أن البترا يهودية، وليست أردنية ، والغمز إلى أن المخرج أردني من أصول شركسية ، كما في فيلم(جن) الشهير ب ” شوي شوي ” ، إذ الإشارة إلى الممثلة بأنها ابنة وزير أردني من أصول فلسطينية ، وكأن المراد إثارة الفتنة بأن الأردني من أصول غير أردنية ، وهو الأقل انتماء ، وحرصا على الوطن..

وحتى يتم إنجاح الدوامة المرسومة تتم الاستعانة بما تُطلق على نفسها ” المعارضة الخارجية ” ، لتقوم ببث هذه الرسائل للمواطن الذي رغم أنه فقد الثقة بها، إلا أنه لتعطشه للمعلومات مازال يتابع قنواتها ، ويتهافت مدعو المعارضة إلى بث رسائل يومية عن هذه التحليلات التي تُملى عليهم من أجهزة تَرسم وتُخطط الاستراتيجيات، التي يراد منها إدخال الشعب في دوامة التوتر والتشويش والضغط النفسي، فيتحول الوطن إلى حالة من عدم الإستقرار ،والقلق الدائم ،والتشرذم بين هذا وذاك .

المقصود من إلهاء الشعب ، تحويل انظاره عن الجزئية التي وصلنا اليها والمراد تنفيذها من ” صفعة القرن ” التي ستفرض علينا نحن الشعب ، بعد الموافقة والتوقيع على بنودها ، وإيهامنا بأن هناك مفاوضات وحالات جذب وشد ، وضغوطات ومساومات ، فيما الأمور في غاية الخطورة ،فهناك انقسامات وخيانات ، يتم فيها ادخال الجانب البوليسي في القصص المفتعلة لتأجيج الدوامات ، وإقناعنا بوجود أمر جلل ، لكن الأمر لا يتعدى ما سيتم تمريره من تحت الطاولة ، والمتعلق بـ” الصفعة الموجهة للأردن وشعبه” ، الذي ما عليه إلا أن يكون منفذا لها ، ويتقبل ارتداداتها الموجهة لفلسطين ، والشعب الفلسطيني!!

 

الاخبار العاجلة