استيقظت عمان امس على خبر رحيل حسن ابو علي مالك كشك الثقافة العربي. امضى حسن ابو علي اسابيع في العناية الحثيثة في مستشفى البشير . ورحل حسن ابو علي عاتبا على حفنة من اصدقاء ورفاق من مثقفي و سياسيي الاردن . عرف حسن ابو علي طبقة المثقفين والسياسيين الاردنيين من المهد الى اللحد . و عرف اغلبهم في اشد ايام المعاناة و العوز و قلة الحيلة. و كان ابو علي كما هو معروف عنه نصيرا و داعما وسندا لاي مشروع كاتب ومثقف . اسماء كثيرة لكتاب و مثقفين و سياسيين فتح لهم ابو علي ابوابا من ذهب ، وامسكهم مصباح علي بابا و عصا موسى، و ساعدهم على الولوج الى عالم الثقافة والصحافة . امتلك حسن ابو علي شبكة علاقات رهيبة ، و كلمة سرها كانت المحبة و الصدق ، و الوفاء ، وان كان الاخير معدوما من حفنة رحل ابو علي عاتبا عليها . رحل عاتبا ، و حدثني مقربون من ابي علي ان عتبه الشديد اهلك روحه ، و ابكى مدمعه قبل ان يرحل . في كشك حسن ابو على في وسط البلد صندوق صغير مرصود ، و يحتوي على اوراق ووثائق و دفتر قديم ، وفي الدفتر اسماء لسياسيين و مثقفين في تاريخهم ذمم مالية وغيرها . و قبل ان يدخل حسن ابو علي في غيبوبة « كوما « ويغمض قلبه طلب من ابنائه ان يرى كشكه في وسط البلد ، نزل الى الكشك ، و بعد دقائق من رويته لوديعته في الدنيا دخل في الكوما ، وقد سال ايضا عن الدفتر . كتبت اول امس عن حسن ابو علي بعد الحياة بقليل .. و كنت اتمنى لو انه اباح في كلام كثير قبل ان يرحل . الزميل محمود كريشان -و ليس غريبا عنه – من اشد الاوفياء لعمان القديمة و للراحل حسن ابو علي ، بقي لصيقا له في مرضه و تعبه . وكريشان مسكون و مولع في عمان القديمة ، و صحفي ومؤرخ يومي لقضاياها و مشاكلها و حياة ناسها وعمرانها ، و حامل قلمه سلاحا ابيض للدفاع عن هوية و ذاكرة وسط عمان . و كل يوم يكتب كريشان جملة و فقرة و فصلا من تاريخ عمان .. فاين عسانا قد نعثر على كريشان عندما ننزل الى وسط البلد ، بعد رحيل حسن ابو علي ؟! فنجان قهوة ، احدايث ثرثرة ، نقاشات و هذيان ، و نميمة محمودة ، الطيبون يغادرون و يرحلون دون استئذان . ايتام حسن ابو علي كثيرون .. و ابو علي من اخر الشهود على عمان القديمة ، و صانع ثقافة و سياحة ، وكان مؤمنا بالحياة ومناضلا في حب الاردن ، ومدافعا شرسا عن فكرة ان الكتاب لن يموت مهما تطورت وتغيرت الدنيا .