صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
يتم تشكيل الحكومات ، وتأليفها ، للمحافظة على الوطن ، وصون حياضه ، ووضع الخطط للدفاع عنه ، وحمايته من الأعداء الطامعين ، وإدارة كل شؤون الدولة ، وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين ، وصون كرامتهم ، ومراعاة تطبيق القوانين . ما ذكرت أعلاه يعتبر جزءاً يسيراً من مهام الحكومات في كل بلدان العالم . باستثناء الدول المتخلفة ( التي يسمونها تلطيفاً : العالم الثالث ) ، التي نحن بصدارتها ، ومن رياديي التخلف فيها .
من حقي كمواطن اردني ، ان اتحدث عن بلدي فقط ، ولو بقيت كل الدول المتخلفة على حالها ، وإستمرأت التخلف ، وعشقته ، قسراً ، او عن طيب خاطر ، لا تهمني ، مع انني أتمنى كل الخير لكل الناس في كل العالم .
ما دفعني لكتابة هذا المقال ، هو ما أشغلتنا به حكومة الرزاز ، التي إحترفت الابتزاز ، والإهتزاز ، والتغير الحدي ، من جهة الى أخري ، متلاعبة ، ( مرووشه ) ، متقلبه ، لا يعرف لها نهج ، ولا تتوقع لها سياسات ، ولا تتنبأ لها بتوجهات . ويذكرني تخبطها ، وتقلبها ، وتغيير وجهتها ، بالعديد من المسؤولين الأردنيين الكبار ( في الموقع الوظيفي فقط ) الذين تقلبوا بانتماءاتهم ، من اليسار ، الى اليمين ، ومن الإخوان المسلمين ، الى القوميين ، الى الشيوعيين ، الى مخابراتيين ، الى رجال دولة مُصطنعين . والهدف ان يكونوا منتفعين ممن ينتمون اليه ، والأصح الذي يخططون ، للانتفاع منه . وينطبق عليهم المثل الشعبي الأردني ( وين ما هب هواهم بذروا ) . وكل واحد من الشعب الاردني المتابع للشأن العام ، لدية شيئين : أولهما الكثير من الأمثلة ومعروفون بالاسماء والتقلبات في الانتماء ، وثانيهما : يدرك تماماً مدى صِحة ، ودقة ، ومنطقية التشبيه والمقارنة .
أطلت علينا صحيفة الرأي الرسمية ، اليوم بعنوان ( مانشيت ) على الصفحة الاولى : الحكومة تحضر لإطلاق حزم خامسة . تابعوا معي التوصيف المنطقي ، الأمين ، حتى لا يُقال انني أتجنى ، او اهدف مهاجمة الحكومة ، لغاية ما في نفسي . في بداية عام ٢٠١٩ ، أبلغتنا الحكومة عن وجود عجزٍ في موازنة الدولة ، لدرجة قد تصل الى عدم القدرة على توفير رواتب الموظفين حسبما صرح به احد أعضاء الحكومة ، وأنه لا يمكن تغطية العجز الا بحزمة من الإجراءات ، منها على سبيل المثال لا الحصر : رفع الضرائب ، إلغاء الكثير من الإعفاءات ، والتخفيضات على سيارات الهايبرد ، والكهربائية وخلافه ، تخفيض حجم الإعفاءات على الرواتب .. الخ . وقد نبه كل الأردنيون الخبراء في كل مجالات الأعمال والمال ، الى خطأ ، وخطر هذه الإجراءات ، وأنها ستنهك المواطن ، وتدمر الشركات والمصانع وكل قطاعات الأعمال .. الخ ، وأنها ستقلل من إلعائد الذي ترتجيه الحكومة ، وان هذه الإجراءات سترفع العجز في الموازنة الى مستويات قياسية .وأصرت الحكومة ، العنيدة ، البعيدة عن العقلانية في إدارة شؤون الدولة ، على تنفيذ قراراتها ، متجاهلة تحذيرات رجال الأعمال ، والخبراء ، والأساتذة الجامعيين وغيرهم . وإستمر العناد الأهوج في الاداء ، حتى الشهر السابع او الثامن من العام الماضي . فطلعت الحكومة على الشعب بان ايرادات الخزينة قد انخفضت بمئات الملايين ، وان العجز في الموازنة قد تضخم ، وتفاقم ، وان الوضع مأساوي جداً . وبين عشية وضحاها ، وبقدرة قادر ، بما يشبه أعمال السحرة ، او الخونه ، الذين ينفذون الأجندات الخارجية ، والصهيونية لتدمير الأردن ، أعلنت الحكومة ، وبكل رعونة ، وطيش ، وجهل ، عن زيادات في رواتب كل القطاعات من موظفي القطاع العام ، واعلنت عن عدة حُزم لتنشيط الاقتصاد الوطني ، والتخفيف عن المواطنين ، وجذب الاستثمارات .. الخ .
واعلنت الحكومة غير الرشيدة ، وغير مكثورٍ خيرها ، ولا صاحبها حفظ الله ، وغير مشكورة على كل افعالها وقراراتها الهوجاء ، عن أربعة حُزم ، وهي بصدد اعلان الحزمة الخامسة ، للغايات التي اسلفت ذكرها . وجاء في الخبر نصاً ما يلي : ( المح مصدر مسؤول الى حزمة خامسة ضمن برنامج التحفيز الاقتصادي ستعلن قريباً .. وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه ان الحكومة تحضر لحزمة خامسة إضافية يستكمل من خلالها البرنامج الذي أقرته الحكومة لتحفيز الاقتصاد وتحريك السوق ورفع المستوى المعيشي للمواطن .. ) . أيها الحكومة ، المحكومة بالعمالة والجهل ، الهوجاء وسطحية النهج ، ماذا تحفزي !!؟؟ غالبية شركات ومصانع القطاع الخاص ، حتى التي يمتلكها اردنيون إما أغلقت ابوابها ، وإما هرب مالكوها الى بلاد الله الواسعة بسبب عدم قدرتهم على سداد الديون ، او فكفكوا مصانعهم وغادروا وطنهم ، او نقلوا نشاطهم الى دول أخرى ، مثل شركات قطاع الاسكان ، حيث نقل المئات منهم نشاطهم الى تركيا وغيرها . والمحلات التجارية بكافة أنواع قطاعاتها ، إما اغلقت ابوابها ، او تحملت اعباء ديون فوق طاقتهم لكنهم يكافحون للاستمرار ، رغم مرارة القرار ، متأملين الفرج من عند رب العباد . والمواطن أُنهك ، وحُزمكم المصطنعة لن تفيده ، لان حزام المواطن من كثر الشد التصق ببطنه ، ويكابد لتوفير الحد الأدنى من الأدنى ، يعني حد الكفاف لعائلته ، والغلاء الذي انفلت من لجامه ، وخرج من قمقمه ، دون وجود رادع له منذ المبالغة برفع أسعار المشتقات النفطية ، وفرض ضريبة ثابتة عليها بحدود ( ٤٣٪ ) ، فرفعت كل الجهات والقطاعات اسعارها ، فالتهمت دخل المواطن ، وكبدته الديون ، واصبح في عوز ، وكبد ، ولن تفيده هذه الزيادات الهزيلة ، ولن تُحسِّن من وضعه ، ولن تُعيد الطبقة الوسطى ( التي أُسميها أنا : الطبقة المستورة ) ، التي اختفت الان ، نتيجة الاختلالات في التشريعات ، والسياسات ، والقرارات ،( والسرسرة والهمالات ) ، ومأسوية الفساد ، حتى اختفت الطبقة الوسطى تماماً التي كانت تشكل أيام الراحل العظيم الشهيد وصفي التل ( ٩٢ ٪ ) ، وانقسم المجتمع الى طبقتين ، الغني إزداد غنى ، والفقير إزداد فقراً .
أعتقد ان تخبط الحكومات السابقة ، والحكومة الحالية مرده لتفسيرين إثنين هما : إما انها حكومات هوجاء في ادائها ، ضعيفة ، مُنقادة شخوصها ، غريبة عن الوطن والمواطن ، ولا يعني لها الوطن الا انه فرصة نهب اولاً ، وعمل ثانياً ، لان عدداً منهم هبطوا علينا بالباراشوت . او انها حكومة عميلة ، أتت لتنفذ توجهات وخطط خارجية لضياع الوطن ، والتمهيد لتنفيذ المخططات التي حيكت ضد الوطن في ليل بهيم حالك الظُلمة على أيادي سماسرة عملاء مأجورين . وأنا أكاد ان أُرجح الثاني ، او انه مزيج بين الاثنين . وأختم : لن تفعل الحُزم شيئاً ، لأن حِزام المواطن بلغ من الشد مداه ، ولا يمكن شده ، او مده ، حتى التصق وصار جزءاً من بدنه ، ونهايته في إزالته .