{ولنتحدث بصراحة أكثر ،المواطن الأردني بطبعه غير مغامر ومحافظ في كل خطوة يتخذها ،وربما هذا ما ساهم في التراجع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتطاول فئة على مقدرات الوطن وتحويله إلى ما يشبه الإقطاعية أو الشركة تديرها فئة ،وعمالتها شعب لا يقوى على الرفض أو حتى الاحتجاج مهما طلب منه أو فرض عليه}
مصطلح الثورة يعني ببساطة الانقلاب على الواقع بشكل جذري ،ولا يعني بالضرورة أن يكون الانقلاب سياسيا فربما كانت ثورة صناعية أو زراعية أو اجتماعية ،المهم أنها تعني نهاية عهد وبداية عهد جديد وأنها تعني ببساطة رفض العهد القديم وفشل محاولات الإصلاح ولجوء الشعوب أو الأنظمة إلى ‘الثورة’ كخيار أخير ووحيد.
نحن في الأردن ومنذ سنوات نطالب بالإصلاح حتى وصل الأمر إلى أن نادى جلالة الملك ،قبل عقد من الزمان وربما أكثر بثورة بيضاء تنهض بالوطن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ،وتبع ذلك تشكيل 10 حكومات كلها رفعت شعارات ثورية من أجل تحقيق ذلك ،ولكن النتيجة مزيد من التراجع ومزيد من الضرائب ومزيد من الفساد الإداري والمالي كما أثبت ذلك تقادرير حكومية وقضائية.
إذا لماذا لا نعلن ثورة حقيقية إذا كنا متأكدين من أننا بحاجة لها لإصلاح ما يمكن إصلاحه وليس الإطاحة بثوابت الدولة كما يحصل في بعض الدول ،بمعنى ‘ثورة بيضاء حقيقية’ تنقذ الوطن وتمنع أي محاولات داخلية أو خارجية تمهد الطريق لثورة قد تحطم ما بناه الآباء والأجداد لا بل وتدمر مستقبل أجيال شابة كما نشاهد يوميا في أقطارنا العربية للأسف.
ولنتحدث بصراحة أكثر ،المواطن الأردني بطبعه غير مغامر ومحافظ في كل خطوة يتخذها ،وربما هذا ما ساهم في التراجع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتطاول فئة على مقدرات الوطن وتحويله إلى ما يشبه الإقطاعية أو الشركة تديرها فئة ،وعمالتها شعب لا يقوى على الرفض أو حتى الاحتجاج مهما طلب منه أو فرض عليه .
الشعب ينظر إلى جلالة الملك اليوم أنه الوحيد القادر على إعلان الثورة الحقيقية وحمايتها ،لا بل هو من يستطيع أن يحدد عوامل نجاحها من خلال إعلان الأهداف واختيار ‘الفئة’ القادرة على التنفيذ ،وأول عامل لإنجاحها هو ‘اختيار الفئة’ فأن كانت الأسماء المختارة بعيدة عن كل الشبهات وتتميز بالقدرة الوطنية فذلك يعني أولى خطوات النجاح ،أما أن كانت تكرار لأسماء مدورة وأبنائها وأحفادها فلا أمل يرجى وهو عنوان فشل جديد .
حسب إحصائيات الأحوال المدنية هناك سبعة ملايين ونصف أردني ،ولا شك عندي أن هناك على الأقل عشرات الأسماء القادرة منها على رئاسة حكومة والمشاركة فيها تقود ثورة حقيقية تنهض بالوطن وتبدأ من القوانيين وتنتهي بواقع إداري وتشريعي وقضائي يحفظ الإنجاز ويعيد الثقة للمواطن حتى يشعر أنه شريك حقيقي في إدارة دولته ،وليس مجرد رقم في دائرة الأحوال المدنية ودافع ضريبة.
إن كنا جادين في الإصلاح فلا يمكن تحقيق شيء ما دامت نفس الأسماء تكرر وتتنقل في المواقع ،فمن لم يصلح بالأمس لن يصلح اليوم ولا غدا وسأختم مقالي بنصيحة لنفسي أولا ‘مهما ملكت من سلطة أو نفوذ أو جاه’ سيخرج من بيتك من يغرد خارج السرب .
خالد المجالي