زياد بن أبيه يزور وزارة الثقافة

4 يوليو 2020
زياد بن أبيه يزور وزارة الثقافة

صراحة نيوز – كتب القاص محمد عارف مشّة

تفقّد زياد بن أبيه ما في جيبه من نقود، وقرر مغادرة قريته في الجنوب، متجها إلى عمان، يحمل مخطوطه الشعري تحت إبطه، وبيد مرتجفة حمل عصاه التي يتوكأ عليها، ولا يهش بها على أحد.

صعد زياد الحافلة الصغيرة  ، بعد انتظار دام لأكثر من ساعة،  إلى أن وصل وسط العاصمة، حيث اكتظاظ الشوارع بالمارة والسيارات وقيظ الشمس. لا سيارة تقف لرجل عجوز يتوكأ على عصا، ويحمل تحت إبطه مخطوطه الشعري، فوسوس له الشيطان، أن يستقل سيارة صفراء اللون، فحذرته نفسه غير الأمارة بالسوء من مغامرة أن يستقل سيارة صفراء، وبالكاد ما في جيبه من نقود يكفيه للعودة.

وصل زياد وزارة الثقافة لاهثا متعبا، لا تحمله ساقاه لطول انتظار حافلة تقلّه إلى الوزارة، وقد كان يخشى أن يكون الموظفون غادروا مكاتبهم، وقد أوشك الدوام على الانتهاء. استقبله الموظف هاشا باشا، نهض من خلف طاولته الفخمة وغرفة المكتب التي ينتشر فيها الهواء البارد، ثم لام زياد بن أبيه على تحمله عناء المشقة والسفر.

طلب الموظف عصيرا باردا لزياد بن أبيه، وأخذ المخطوط منه، ليكمل الموظف معاملة دعم طباعة المخطوط، بينما ظل زياد جالسا يشرب بيده المرتجفة كوب العصير، وباليد الأخرى يمسك برفيقة دربه في سني شيخوخته، إلى أن دخل الموظف مبتسما، يحمل له كتاب الموافقة على دعم طباعة ديوان الشعر.

دخل شاب لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره فرحا سعيدا، يحمل بيده كتاب الموافقة على دعم طباعة مخطوطه، وقام بتوزيع الحلوى. فخرج زياد كما دخل بالترحيب وبيده كتاب الموافقة.

استيقظ زياد بن أبيه من قبره، وهو يستشعر غصة ومرارة تلك النظرة التي استلم فيها بيده المرتجفة لكبر عمره، كتاب رفض دعم مخطوطة، ترافقه ابتسامة بلهاء ولا مبالاة. أغمض زياد عينيه. عاد إلى قبره. لم يستطع الموت أو النوم ثانية. مزّق مخطوطه الشعري وقام بحرق كل كتبه التي أصدرها طول حياته.

 

الاخبار العاجلة