صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
لستُ إدارياً مُحترفاً ، مع انني قُدّْتُ ( ٦ ) شركات كمدير عام ، لمدة ( ١٢ ) عاماً ، في أبوظبي الحبيبة ، قبل أن أبلغ العام الثلاثين من عمري بشهرين . إلاّ إنني سأكتب عن (( أردنيتي )) التي أحترفها ، لا بل إذا جاز التعبير أمتهنها ، وأتخصص بحب وطني الصغير الأردن ، ووطني العربي الكبير . أنا – دون أعوذ بالله من كلمة أنا – أردنيتي هي مهنتي ، هي حياتي ، هي مِشعلي الذي يُلقي الضوء على الإختلالات التي طالت ، وعششت ، ونخرت ، وخرّبت ، ودمرت كل مفاصل وطني .
كل حكومة ، لتزيد في نكبتنا بها ، تبتدع خططاً ، وإستراتيجيات ، وسياسات ، ليست ضرورية ، ولا تُنفّذ ، ولا تعالج خللاً ، ولا تصوِّب مثلباً ، ويكون لها هدفاً واحداً وحيداً يتمثل في إبتداع هذه المسكنات لتطيل في عمرها كحكومة ، مع ان مجرد وجودها يعتبر وبالاً على الوطن والمواطن . وتنتهج كل حكومات العجز ، والقصور ، والفشل ، والفساد ، والمصالح وتبتدع أكاذيب كثيرة لِتُظهر للسذج ، و( سحيجتها ) بانها تعمل ، وتطور . والنتيجة دوماً مثل (( سخام الصاج )) على وجوههم الكئيبة ، غير النبيلة .
أطلّت علينا الحكومة الحالية — وهي لا تختلف عن حكومات الويلات والنكبات على الوطن والمواطن — ب (( مشروع خطة لتطوير القطاع العام )) ، وزادوا الطين بِلّة باعتمادها ل (( ١٠ )) سنوات ، للأعوام من ٢٠٢٣ — ٢٠٣٣ ، لاحظوا الفُجر !؟
وهنا سأسرد للقراء الكرام بعض النقاط ذات الصلة :-
١ )) هل تعودنا في الأردن من حكومات الويلات على ان الخطط والإستراتيجيات عابرة للحكومات !؟ والإجابة طبعاً لا . فالحكومة التي تأتي تلعن (( سنسفيل )) الحكومة التي سبقتها تحديداً ، والحكومات الأسبق بعامتها .
٢ )) إستناداً للبند رقم ( ١ ) أعلاه ، إذا لماذا هذا الشطط !؟
٣ )) سبق لي ان التقيت وتحاورت مع بعض رؤساء الوزارات السابقين— قبل ان يصبحوا أصحاب دولة — وبمجملهم ، ولا أستثني أحداً منهم ، كانوا ضد كثرة الهيئات المستقلة ، ويتساءلون عن أسباب عدم إقدام رؤساء الوزارات على إلغاء ما إستجد منها . وبعدما أصبحوا أصحاب دولة (( أُخرِسوا )) ، وتجنبوا حتى مجرد ذِكرها . لماذا !؟
٤ )) النفقات التي تُنفَق على الهيئات ، هي لتنفيع أبناء الذوات ، والأذناب ، كانت أضعاف عجز الموازنة العامة للدولة ، والآن نفقاتها تساوي تقريبًا عجز الموازنة . لماذا !؟
٥ )) كل رؤساء الوازارات الذين سبقوا ، ورئيس الوزراء الحالي (( وَلّْ ما فيكم ولا رجُل ، نِمر ، وطني ، صنديد ، يُقدِم على إلغائها !؟ )) مع ان أكثر ، وأقسى كُلفة ترتد عليه وتطاله تتمثل في فقده موقعه كرئيس وزراء ، وليكن !؟ فقد حصّلت لقب دولة ، و(( ستتبرطع )) في مزاياها ما دمت حيّاً ، لكنك ستسجل موقفاً وطنياً تاريخياً يُحسب لك .
٦ )) عمر الدولة الأردنية ( ١٠٠ ) عام ، ويفترض ان التطوير يُبنى تراكمياً ، وحسب متطلبات تطوير الخدمة للمواطن .
٧ )) أين ذهبت خبرات رجالات الأردن الذين ساهموا ببناء أوطان شقيقة كانت تحت التأسيس !؟حيث كان الوطن قبل عقدين من الزمان بأحسن أحواله . وكان منارة تُشِع تحضراً ، وتطوراً على بعض أقطارنا الشقيقة ، وها هي في مقدمة ركب الحضارة العالمية الآن .
٨ )) هناك هوجائية ، وغوغائية ، وفوضوية في إستحداث ودمج الوزارت . بتاريخ ٢٠٢٠/٥/٩ نشرت مقالاً بعنوان (( الوزارات الزائدة .. ما منها فائدة )) ، وكان دراسة مقارنة أكثر من كونه مقالاً ، حيث قارنت الأردن بعدد من الدول المتحضرة والنامية وتبين ان المعدل لكل ( ٢٠٠,٠٠٠ ) مواطن نائب ، وعليه من المفترض ان يكون عدد مجلس النواب في الاردن ( ٣٤ ) نائباً ، و ( ١٧ ) عيناً ، و ( ١٠ – ١٦ ) وزيراً كحدٍ أقصى . وللتوضيح فان عدد الوزراء في تركيا مثلاً ( ١٦ ) وزيراً ، وعدد سكانها ( ٨٢ ) مليون نسمة ، ودخلها القومي ( ٢,٣ ) تريليون دولار .
٩ )) يمكن دمج بعض الوزارت مثل : دمج وزارة الشؤون الإجتماعية مع العمل – وليس إلغاء وزارة العمل / دمج الثقافة والشباب في وزارة واحدة / دمج البيئة في وزارة الزراعة / دمج وزارة الادارة المحلية ووزارة التنمية السياسية مع وزارة الداخلية .. وهكذا .
١٠ )) ماذا فعلتم على الصعيد التطبيقي التنفيذي في محاربة الفاسدين والمفسدين ، الذين نخر فسادهم الوطن وأضاع مقدراته ، وإرتددتم الى جيب المواطن الفارغة بدل ان تعيدوا كل ما سلبه كبار الفاسدين لتتعافى الموازنة العامة وتتوفر السيولة !؟ هذا هو الأمر الأهم الذي يحب ان يستحوذ على جهودكم .
١١ )) لماذا لم تضعوا آليات عملية قابلة للتطبيق لضبط الإنفاق ووضع حَدٍ للبذخ الذي تشهده كل الوزارات والدوائر والهيئات !؟ وليبدأ رئيس الوزراء بنفسه ليكون قدوة للآخرين ، بدل ان يتنقل في موكبٍ مهيبٍ يتكون من عشرات السيارات الفاخرة .
١٢ )) لماذا لم تتخذوا قراراً وطنياً عقلانياً لخفض عدد السفارات والهيئات الدبلوماسية التي لا تقوم بأي دور ينعكس على الوطن والمواطن إيجاباً !؟
١٣ )) لماذا تنصاعوا للدول المانحة والجهات المُقرضة وتنصاعوا لأجنداتهم الخبيثة ، لتحولوا مجتمعنا الى مجتمع شهواني ، حيواني ، مُنفلت ، خالٍ من قيم الأديان والقيم الإنسانية النبيلة !؟
١٤ )) لماذا لا تبدأوا بتحسين أوضاع القطاعات المنهارة : كالمستشفيات ، وقطاع المياة ، وقطاع الزراعة والثروة الحيوانية بإجتراح حلول وفق خطط قابلة للتنفيذ!؟
١٥ )) لماذا لا تنقذوا الطرق بصيانتها وإعادة تأهيلها ، وإعادة تنظيم قطاع النقل بكل انواعه !؟
١٦ )) لماذا لم تدرسوا وتتبينوا أسباب إنتشار الرشوة والفساد بين صغار الموظفين الذين تضطرهم الحاجة والفقر والعوز للتخلي عن التزامهم باديانهم وقيمهم النبيلة !؟
١٧ )) لماذا لم تعملوا على إجتراح حلول لإستمرار عجز البلديات الذي أوصلها لعدم القدرة على القيام بخدماتها ودورها المنشود !؟
١٨ )) لماذا لم تضعوا قوانين وأنظمة لتقييم أداء حقيقي لموظفي القطاع العام ، ووضع برامج لتطوير قدراتهم لتحسين أدائهم !؟ ولتقوم كل وزارة على تطوير كادرها بنفسها.
١٩ )) لماذا لم تلتفتوا لأبناء الطفيلة المعطّلون عن العمل ، المعتصمون منذ شهور ، وتجدوا لهم مخرجاً !؟
مساحة المقال لا تسمح بأكثر من ذلك . وعليه أختم :- وأقول بأن كل الإقتراحات المذكورة أعلاه يمكن تنفيذها بالقطعة ، وبدون ضجيج وإستعراض ، وتأتي أُكلها بأقل جهد ، وأقل كلفة ، ويمكن قياس الأداء فيها ، يا حكومة يضحك على سطحية أدائها كل مواطن شريف ، غير (( سحيج )) .