صراحة نيوز – بقلم الدكتور حسين عمر توقه
باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي
مخطىء من يظن أن الأردن سيتحول إلى وطن بديل للفلسطينيين
مخطىء من يظن أن الفلسطينيين يرضون عن أرضهم المقدسة بأي بديل
مخطىء من يظن أن الهاشميين سيتخلون عن وصايتهم للأماكن المقدسة في القدس الشريف
مخطىء من يظن أن الأردن سيرضى بأقل من حل الدولتين
مخطىء من يظن أن الأردن سوف ينهار ويرضخ للضغوط الصهيونية نتيجة وقف مساعدات الدول عربية كانت أو أجنبية
ومخطىء أكثر من يظن أن الأردن سوف يتعرض إلى حرب أهلية بين الأخوة من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وبين أهلهم وعشيرتهم من الشعب الأردني الطيب الأصيل
مقدمة لا بد منها :
لا بد لكل باحث متخصص في الأمن القومي والإستراتيجية الحربية والعلوم السياسية والإسلام السياسي والإستراتيجية الإدارية والإقتصاد السياسي من دراسة معطيات كل من المؤتمر الصهيوني في مدينة بازل السويسرية عام 1897 ولا بد من دراسة مستفيضة لكل من وثيقة كامبل ووثيقة برنارد لويس التي تهدف جميعها إلى إحتلال وتفتيت وتقسيم العالم العربي والإسلامي . وتأثيرات هذه الوثائق وانعكاساتها على معطيات الجيو بولتك والإسلام السياسي والفساد الإقتصادي في دول وحكومات العالم العربي .
ولا بد لكل باحث متخصص في الإستراتيجية القومية من الإطلاع على ثروات العالم العربي بدءا بثروة النفط الهائلة التي تم إكتشافها منذ عام 1905 وإنتهاء بثروة الغاز التي لاتقدر بثمن منذ عام 2005 . كما لا بد من الإقرار بالأهمية الإستراتيجية والإقتصادية الإقليمية والدولية لكل من مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس .
هناك أربعة جيوش عربية شاركت بشكل رئيس في الحروب العربية الإسرائيلية منذ عام 1948 وهي الجيش الأردني والجيش المصري والجيش العراقي والجيش السوري .
ونحن نعلم ما أصاب كلا من سوريا والعراق ومصر نتيجة ما أسميناه ظلما وجهلا بالربيع العربي وهو ما يسميه الغرب بحرب الإنابة والخلايا النائمة والإسم العلمي هو الحرب الرابعة إذا أخذنا بالإعتبار أن الحرب الأولى هي الحرب العالمية الثانية والتي انتهت عام 1945.
والحرب الثانية هي الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي بقيادة الإتحاد السوفياتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة والتي انتهت بإنهيار الإتحاد السوفياتي .
أما الحرب الثالثة فهي الحرب على الإرهاب التي ابتدأت نتيجة تفجير وتدمير مركز التجارة العالمي في نيويورك بتاريخ 11/9/2001 هذه الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على أفغانستان والعراق وانتهت بإنسحاب القوات الأمريكية من العراق بعد أن احتلت العراق وأسقطت نظام الرئيس العراقي صدام حسين .
أما الحرب الرابعة فلقد انتشرت شرارتها الأولى في تونس وأنتشرت كالنار في الهشيم لتشمل كلا من سوريا ومصر والعراق والسودان واليمن وليبيا والجزائر والأردن ولبنان اليوم .
لقد تضمنت وثيقة برنارد لويس هدفا هاما أعلن عن مضمونه مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي زبغنيو بريجنسكي عام 1980 بقوله ” إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن فصاعدا هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع الولايات المتحدة من خلالها تصحيح حدود إتفاقية سايكس بيكو ” .
مخطىء من يظن أن الولايات المتحدة وإسرائيل سوف تقومان بشن حرب على إيران من أجل الدفاع عن دول الخليج وبالذات المملكة العربية السعودية لأن الهدف الرئيس هو إيقاع شرخ بين المعسكر الشيعي بقيادة إيران وبين المعسكر السني بقيادة السعودية من أجل التسبب في حرب إستنزاف لا ترحم تكون فيها دول الخليج العربي مسرحا لعملياتها العسكرية المدمرة وتكون الثروات العربية هي الوقود لإستمرار مثل هذه الحرب لآ قدر الله.
وإنني في هذا المجال أستشهد بقوله تعالى في محكم كتابه بسم الله الرحمن الرحيم ” وإن طائفتان من المؤمنيين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ” صدق الله العظيم .
محطات إسرائيلية على الطريق :
إن كل ما يجري في العالم العربي يصب في مصلحة إسرائيل فالعربي يقتل العربي والمسلم يقتل المسلم والثروات العربية تحترق في أتون حرب أهلية والمال العربي يتم إنفاقه في شراء السلاح الغربي والشرقي .
والصهيونية العالمية تجني ثمار تأثيرها على سياسات العالم فلقد أقر الرئيس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وتبعها تأييد قيام إسرائيل بضم مرتفعات الجولان السورية المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية والموافقة على إعطاء المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية الشرعية وإخضاعها إلى السيادة الإسرائيلية . ولقد توج رئيس الوزراء الإسرائيلي مخططاته المجحفة من خلال إعلان بيانه الإنتخابي المتضمن فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت .
موقف الشعب الأردني :
كثيرون تأخذهم العزة بالإثم كثيرون لا يدركون مدى إخلاص هذا الشعب الأردني الطيب الى قيادته والى عروبته والى أمته الإسلاميه. فمنذ اللحظات الأولى لتأسيس الأردن كانت إمارة شرق الأردن موئلا لكل الأحرار العرب كما كان الجيش العربي عام 1948 هو أول من حافظ على المقدسات في القدس وأبقى ما تعارف على تسميته لاحقا بالضفة الغربية تحت السيادة العربية .
لقد فتح الأردن أرضه وقلبه إلى كل النازحين عام 1967 واحتضن الكثير من اللبنانيين عام 1974 كما كان الوطن الذي احتضن أكثر من مليون لاجىء عام 1990 هربوا إليه من الكويت واستقبل الآلاف المؤلفة من الأخوة العراقيين منذ عام 2003 كما استقبل ملايين اللاجئين السوريين منذ عام 2011.
كثيرون لا يقدرون مدى العلم والمعرفة والثقافة لهذا الشعب في الأمور السياسية والإقتصادية والإجتماعية .
كثيرون لا يدركون كم يقدر هذا الشعب الأمن والأمان ونعمة الإستقرار. كثيرون لا يعلمون بأن نظرة هذا الشعب الى القوات المسلحة والمخابرات العامة والأمن العام وقوات الدرك أن هؤلاء الضباط والجنود إنما هم أبناء الوطن وأنهم جزء لا يتجزأ من الأهل والعشيرة وأن الشعب يريد أن يحمي حماة الوطن من أي مندس مفسد أثيم فهم يشاركون الجيش والمخابرات العامة والأمن العام وقوات الدرك واجبهم في حماية هذا الوطن من أي خطر خارجي وأي خطر داخلي.
وإن هذا الشعب الطيب الأصيل يراقب ما يدور من حولنا بين الأوطان العربية ويقلقه ويؤلمه ما يجري في سوريا والعراق ومصر واليمن وليبيا ويؤلمه ما يتعرض له الأهل في الضفة الغربية وفي قطاع غزة .
إن الأردن يتعرض إلى ضغوط مالية وسياسية تهدف إلى تخليه عن مواقفه القومية تجاه فلسطين . إن الأردن يتعرض إلى مخطط ممنهج لتحطيم كل المؤسسات الحكومية والرسمية .
الخاتمة :
إن الشعب الأردني يرغب في تجنيب الأردن الوطن الأغلى نفس المصير الذي تعرضت له بعض الدول العربية. فهل بالكثير على مثل هذا الشعب الطيب أن يقوم النظام وأصحاب القرار بتلبية مطلب الشعب الوحيد في محاربة الفساد والمفسدين وأن يكونوا صادقين معه وأن يحافظوا على كرامته .
لقد كانت تجربة الخصخصة وما شابها من فساد تجربة مريرة خاسرة بعنا فيها ثروات الوطن ومقرراته بأبخس الأسعار .
إن ما يتعرض له الأردن اليوم من فساد وإفساد ومن إيقاع الشرخ بين الشعب والنظام هو عامل هام ورئيس في تفتيت الوطن .
فكلما ازداد الفساد ازداد الفقر وكلما ازداد الفقر ازداد الجوع وكلما ازداد الجوع ازدادت حدة المطالبات فلا فائدة من زيادة الراتب إذا استمر رفع الأسعار ورفع الضرائب والرسوم . عشرات من المؤسسات شبه الحكومية والهيئات المستقلة تستنزف مليارات الدنانير من أجل تنفيع أشخاص أقل ما يقال فيهم أن الدهر أكل عليهم وشرب . وهناك رؤساء مجالس إدارات رواتبهم فلكية .
إذا لم يصدق النظام في وضع حد للفساد وفي تحقيق مطالب الشعب في الإصلاح فإن الخاسر الوحيد هما الشعب والنظام على حد سواء . والمفاضلة المطروحة الآن أن يتخلى النظام عن دعم خمسين شخصية فاسدة لم تراع في الوطن والمواطن إلاً ولا ذمة .
خمسون من الفاسدين يتحكمون بمصير عشرة ملايين يتوجب على صاحب القرار أن يحاسبهم وأن يرفع عنهم حصانتهم وأن يسألهم من أين لك هذا وأن يعيد ما سرقوه إلى الوطن .