صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
من الواضح أن العلاقة بين أي شيئين تميل في كثير من الأحيان إلى “الشد والرخي”، ومن ذلك العلاقة بين الحكومة والشعب، أو البرلمان والشعب، اذ تشوبهما جولاتهما “الكثير” من الشد، و”القليل” من الرخي .
هذه العلاقة ليست بجديدة ، والجديد فيها أن “الهوة” بين الطرفين تزداد اتساعا، خاصة في عصر العولمة وانتشار وسائل اهلاعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي، التي باتت منصة للشعب ليفصح من خلالها عما بداخله من آراء وتوجهات عن علاقته مع الطرف الآخر .
ولا ننكر أن هذه الافصاحات عن المكنونات الذاتية للشعب تتجاوز في كثير من الأحيان الخطوط الحمر ، وتتجاوز السقوف ، وتصل ” فوق هام السحاب” .
وهذا يضعنا أمام دراسة حالة ، فالأمر لم يعد محدودا بين فئة معينة من الناس ، حيث كان تداول الآراء داخل غرف مغلقة ، وبين أشخاص من أصحاب الثقة ، تربطهم علاقات محددة ، أو يتم تداول الأخبار عن طريق منشورات ورقية يتم توزيعها بمحدودية ، أو على نطاق عشوائي؛ قد لا يعني الجميع ما يتم توزيعه ، أو من خلال نشر الأفكار والبيانات التي يحصل عليها بعضهم، أو تداول ما يجرى تحت القبة، أو في جلسات نقاشية وحوارية من خلال توزيعها عبر جهاز الفاكس، الذي كان مقتصرا على فئة المسؤول وأصحاب القرار، ممن يتقنون أجهزة الفاكس، التي كانت باشتراكات خاصة مسجلة بأسمائهم ،وتخضع لرسوم .
اليوم !! تغيرت الأساليب التواصلية، و أصبح يتم تداول الحدث بصورة سريعة ومباشرة من داخل أروقة المجالس ليصل إلى العوام فور حدوثه ، عبر وسائل حديثة وتطبيقات متطورة: ” فسيبوك ، تويتر ، واتس اب ، انستجرام ، المواقع الالكترونية ” التي سهلت الأمر على الناس لاعتمادها على السرعة بنشر الخبر والمعلومة ، دون أن تنتظر أخذ موافقة المسؤول واستئذانه ، الذي هو بدوره يلجأ إلى من جعله مسؤولا ، ليأخذ الإذن منه بالنشر والإفصاح .
تغيرت مزايا الإعلام ووسائله ، وأصبح أكثر سهولة ، وأوسع انتشارا ، وفي متناول الأغلبية ، اذ تجمعت في جهاز واحد ، يقوم بالتصوير والمونتاج والبث في الوقت ذاته.
نعود إلى حالة ” الشد والرخي” التي تربط العلاقة بين شيئين أو طرفين ، والتي من الواضح أنها لن تنتهي ، إذ أصبح من الصعب احكام الضوابط القانونية عليها في ظل التقدم التكنولوجي، في وقت سيبقى القانون يلهث خلفها؛ لإعادة صياغة نصوص المواد التي تحكم قبضتها على الذين يخرجون عن الاعراف ويتجاوزون الخطوط الحمر .
السيطرة على ” الشد والرخي” لن تتحقق بوقف عجلة التقدم التكنولوجي؛ لاستحالة ذلك ، وليس بسنِّ القوانين لإحكام القبضة على الساحة ، وما يتم فيها من خروقات تتجاوز السقوف ، إنما الأمر بيد الحكومة التي عليها أن تنتهج الصدق والمصارحة والمكاشفة والوضوح والشفافية في علاقتها مع الطرف الآخر ، وفي الوقت ذاته على المواطن أن يعرف حدود حقوقه ، ليقف عندها، والا ستبقى العلاقة بين الطرفين ، بين” شد ورخي”، خاصة عند نشوء الأزمات، اذ تزداد الأمور صعبة !!!!!!”.