صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
يقول الدكتور على الوردي في كتابه ” مهزلة العقل البشري ” ما يلي :
” لقد أخطأ أرسطوطاليس عندما قال : ( الإنسان مدني بالطبع ) والصحيح ( أن الإنسان وحشي بالطبع ومدني بالتطبع ). فهو مهما تظاهر باللطف والمجاملة وتباهى بترديد الأفكار السامية والمُثل العليا، فهو حيوان مفترس في أعماق نفسه. وهذه المظاهر التي انخدع بها المفكرون القدماء، هي غطاء يستر بها الإنسان طبيعته الأصيلة. فما أن تتحرش به وتهدد شيئا من مصالحه أو منزلته أو شهرته، حتى تراه قد تنمُر عليك وكشر عن أنياب الخصومة، كما يكشر الكلب العقور عن أنيابه “.
مناسبة هذا الحديث هو ما نراه اليوم من بعض المسؤولين في مختلف أجهزة الدولة، سواء كانت مدنية أو عسكرية أو أمنية، خاصة من يحالفه الحظ في ليلة مظلمة، ويعود من مستودع التقاعد إلى مركز مهم بتأثير الوساطة أو غيرها، بعد فترة تقاعد كان يبدى بها اللطف وحسن الخلق.
ففي الموقع الجديد ينتفخ المعاد ويصاب بالغرور، فيفرد أطرافه كطاووس يفرد ريشه في الهواء بأضعاف حجمه، معتقدا أن لا غنى عن خدماته الفريدة في تصحيح ما أتلف سابقوه. وبعد أن يثبت أدامه قليلا يعلن بكل صراحة ( أنه ألعن من سابقيه )، متناسيا طبيعته عندما كان مركونا على الرف. وفي هذه الحالة لا يسعك كمستمع أو كقارئ، إلا أن تتمنى له التوفيق في اللعنة التي أسبغها على نفسه، إلى أن تزف ساعة الوداع، مطرودا أو متقاعدا لهرمه للمرة الثانية.
لقد علمتنا تجارب الحياة أن نتذكر دائما الحكمة التالية : ” في كل شخص تعرفه شخص لا تعرفه، ووراء كل قصة قصة لا تعرفها، وبجانب كل حدث تراه حدث لا تراه “. ولذلك أتمنى على كل من عمي بصره وتاهت بصيرته، أن لا ينقلب على نفسه ويغير مبادئه بسبب موقع يحتله لفترة مؤقتة مهما طال أمدها، ويتذكر القول المأثور : ” لو دامت لغيرك ما وصلت إليك “.
التاريخ : 21 / 9 / 2018