صراحة نيوز – بقلم الدكتور حسين عمر توقه
باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي
لا أحد يعرف على وجه التحديد عدد القواعد الأمريكية المنتشرة في العالم ولكن المراكز الإستراتيجية والتقارير الإستخبارية تؤكد أن لديها أكثر من ألف قاعدة منها 375 قاعدة رئيسة في كل بلدان العالم وقاراته وهناك 45 قاعدة عسكرية أمريكية تحيط بإيران من جميع الإتجاهات .
ولعل أهم هذه القواعد في منطقة الخليج وبالذات في دولة قطر قاعدتان رئيستان الأولى هي قاعدة السيلية التي اكتسبت شهرتها إبان الحرب الإسرائيلية على حزب الله عام 2006 والثانية هي قاعدة العديد الجوية .
ففي بداية عام 1995 أخذت قطر تستضيف بعضا من القوات ألأمريكية العاملة في الخليج وبالأخص القوات الجوية المشرفة على منطقة حظر الطيران في جنوب العراق حيت تم نصب واحدة من أكبر شبكات الرادارات لرصد أية تحركات عراقية أو إيرانية وخلال مرحلة التسعينات تحولت قطر الى واحدة من أكبر مخازن السلاح والعتاد الأمريكي وقبل أحداث 11/9/2001 كانت القيادة المركزية للولايات المتحدة قد أنشأت أربعة مراكز خاصة بها في قطر تتمتع بحرية العمل العسكري والإستخباراتي بالإضافة الى الحق في استخدام 24 موقعا عسكريا كانت هذه المواقع في الأصل تابعة للقوات المسلحة القطرية . في ذلك الوقت كانت المعدات العسكرية المتقدمة ألأمريكية قد خزنت في موقعين منفصلين حماية لها .
الموقع الأول في السيلية والثاني في مكان جنوب غرب الدوحة. وبين عامي 2002-2003 ولأسباب وصفت وقتها بأسباب أمنية انتقلت القيادة الجوية العسكرية من مقرها القديم في السعودية الى مقرها الجديد في قاعدة العديد الجوية في قطر والتي تميزت بأطول وأفضل المدرجات في كل المنطقة ونظرا للتعاون الممتاز بين كل من قطر والولايات المتحدة فقد تم الإتفاق على جعل قاعدة العديد مركزا للقيادة المركزية الأمريكية بحيث تظل على اتصال وتنسيق استراتيجي عملياتي دائم مع القيادة المركزية الأم في تامبا فلوريدا ومع وزارة الدفاع في واشنطن وهذا ما أكسبها أهمية إستراتيجية لا سيما وأن مهام وواجبات القيادة المركزية الأمريكية تمتد لتشمل كلا من الهند والباكستان وسريلانكا وافغانستان وإيران والعراق والسعودية والبحرين والإمارات وقطر وعمان واليمن والأردن وتركيا ومصر والسودان واثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندي وزائير وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا بالإضافة إلى إسرائيل . ولسوف نتناول في مقال قادم بالتفصيل موضوع القيادة المركزية .
بتاريخ 14/10/2009 قامت القيادة المركزية بنقل 750 فردا من مقرها في تامبا فلوريدا الى مقرها الأمامي الجديد في قاعدة العديد الجوية في قطر كجزء من مناورة تدريبية الغرض منها ممارسة قدرة منتسبي القيادة المركزية الأمريكية على الإنتقال الإنسيابي للقيادة والسيطرة على العمليات من مقرها الجديد في قطر.
أما بالنسبة إلى المواصفات الفنية لقاعدة العديد الجوية في قطر فهي تقع في الجنوب الغربي من مدينة الدوحة وتبعد مسافة 35 كيلو متر تقريباً . ويبلغ طول مدرج الإقلاع 12300 قدم كما يوجد في القاعدة 84 خزان من الوقود تخزن ما مجموعه 4200000 جالون وهي تضم ملاجىء محصنة للطائرات تمتد لعدة طوابق تحت الأرض وتنقسم هذه الملاجىء الى قسمين الملاجىء الرئيسية بعدد 2 وتبلغ القدرة الإستيعابية لكل ملجأ 40 طيارة حيث تبلغ المساحة التقديرية لكل ملجأ 76 ألف قدم مربع أما الملاجىء الثانوية فهي أربعة ملاجىء تلجأ اليها الطائرات التي تكون جاهزة للإنطلاق بحيث يتسع الملجأ الواحد الى 6 طائرات .
كما توجد منطقة لتخزين الذخائر وهي المخازن الأضخم على الإطلاق للجيش الأمريكي خارج أراضي الولايات المتحدة وهي شديدة التحصين ضد الهجوم الجوي وتمتد تحت الأرض في عمق يتجاوز عدة طوابق. كما أن هذه القاعدة مزودة بأنظمة دفاع ( باتريوت باك 3 ) توفر الغطاء الجوي لدولة قطر بالكامل بالإضافة لمياهها الإقليمية وأراضي مملكة البحرين وجزء من أراضي المملكة العربية السعودية. أي أن مساحة الحماية التي توفرها أنظمة الدفاع تبلغ 809 ألف كيلو متر مربع .
كما أن القاعدة تضم قيادة للإستخبارات ومركزاً للقيادة والسيطرة ومنامات تتسع لثلاثة آلاف جندي قد تصل الى خمسة آلاف ومنشآت للصيانة و منشآت رياضية وخدمات طبية ولقد تم تحديث المنشآت الفنية والمنشآت العامة لا سيما المنامات فاصبحت طاقتها الإستعابية 10 آلاف جندي ويقدر الخبراء أن تكلفة تحديث القاعدة قد بلغت 8 مليار دولار أمريكي قامت بدفعها حكومة قطر .
ويقدر الخبراء العسكريون أن قاعدة العديد هي التي ستكون رأس الحربة ومركز إدارة العمليات الحربية في حال وقوع أي مجابهة عسكرية في منطقة الخليج العربي .
أما بالنسبة لقطر فإن وجود هذه القاعدة هو ضمان نفسي وفعلي لسيادة قطر وتشكل عامل ردع لأي دولة تفكر في الهجوم على قطر .
كما لا ننسى أن قطر قد استطاعت الحفاظ على علاقاتها المميزة مع إيران ومع الولايات المتحدة على حد سواء لا سيما وأنها ركزت على أهمية الإستثمارات القطرية وزيادتها ورفع ميزان التبادل التجاري حتى يصل إلى مبلغ 185 مليار دولار حسب تصريحات أمير قطر وهو يخاطب الرئيس الأمريكي في مأدبة العشاء الرسمية إبان زيارة أمير قطر الأخيرة للولايات المتحدة .