صراحة نيوز – بقلم أسامة احمد الازايدة
لا أستغرب تشدّد الحكومة بالامتناع عن الاعتذار للمعلمين ؛ فهي حكومة كغيرها من حكومات العالم الثالث بُنيت عقليتها التراكمية على أساس السلطة من جانب و الشعب من جانب آخر فتكرست بذهنيتها -وهماً- أن للحكومة هيبة يجب ألّا تُكسَر ، و مردّ ذلك أنها تظنّ أن الوطن و دولته يمثلهما الحكومة و ذلك غير صحيح ، الحكومة أداة تنفيذية واجبها هو ضمان سيادة القانون و حماية المجتمع ؛ وذلك المجتمع هو الذي يحدد جمعياً معايير الصواب و الخطأ .. هو الذي يتولد من ممارساته العرف و الذي يصبح بعدها قانوناً ، فالمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً ، و ما دور الحكومة و السلطة التشريعية إلا بأن تترجم نتاج المجتمع و أي سلطة في الكون يسعى أفرادها الى مناكفة المجتمع فهي زائلة لا محالة ، و لربما ان الدول الاستعمارية اقتنعت بذلك أمام الشعوب المحتلة و ادركت منذ سبعة عقود هذا الامر في حين اننا نرى ان حكومات محلية لم تدرك ذلك و تظن أن المجتمع قابل للتطويع و الامتثال لفكرة يضعها فرد او أفراد لبسوا مؤقتاً ثوب السلطة ؛ و اقتنعوا – دون مبرر- انهم يمثلون هيبة الدولة بالرغم انهم حطموا النوافذ بجهلهم، فالهيبة التي يجب ألّا تنكسر هي هيبة هذا الوطن بمكوناته أما الحكومة فهي أفراد يخطئون .. لهم الشكر إن أحسنوا و عليهم الاعتذار إن أخطأوا ، هذا المفهوم الذي بلغته هذه العقلية التي و إن حاولت أن تلبس ثوب الانفتاح على العالم و مع الشعب فهي رجعية جدا و كثيرا ، و لطالما كان الاعتذار من المسؤول الى الرعية طريقاً نحو تكريس المسؤولية و المساءلة ، ولعل معظم المسؤولين يحتاجون فهم اللغة حتى يدركوا ان اصل المصطلح ( مسؤول) هو (سأل سائلٌ مسؤولا) ، فمن له حق السؤال له حق الجواب و للسائل -عند عجز المسؤول -حق الاعتذار …
هذا العجز الحكومي البائس اليائس المنطلق من فراغ ذهني اسفنجي مشبع بالهُلام تنتابه أعراض جنون البقر فيرى ان المجتمع فريق و هو فريق في الجانب الاخر إنما يؤدي ليس فقط الى كسر هيبة الدولة بل الى كسر هيبة الوطن مجتمعاً و مؤسساتٍ ، تلك الهيبة التي إن انكسرت فلن تعود..