صراحة نيوز – بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
لِلّهِ دَرُّ حكوماتنا تتوارث التضليل ، والإستهزاء بالمواطن ، وضياع الوطن . حكومات من هُزال نهجها تعتقد مخطئة انه بتثبيت أسعار القطايف — وكأنه بعد التثبيت — تُصبح الدنيا قمرا وربيع ، وان المواطن يكتفي ذاتياً ، ويَستُر حاله ، ويوفِّر لُقمة لِعياله . وكأنهم لا يعلمون ان ضيق ذات يد المواطن غيّرت أولوياته ، ولم تعُد للقطايف أولوية .
منذ عقود من الزمن ، ومنذ إنفلات الأسعار بعد الغاء وزارة التموين ، وغياب متابعاتها الجادة لضبط الأسعار ، تُطل علينا الحكومات المتعاقبة ببشرى مُبكرة ، قبل شهر او يزيد ، بتثبيت أسعار القطايف . لدرجة ان المواطن يستسخف هذا الإجراء الهزيل ، ويُذهَل لصدوره عن جهات رسمية حكومية عليا . لكن كيف نلوم هكذا حكومات وهي تُهدد ب (( العين الحمرا )) ، بدل إستخدام توصيف قانوني يليق مثل :(( تُطبّق أحكام القانون على كل مخالف )) . توقعوا في مرات قادمة ان يتم إستخدام تعبير أكثر حضارية مثل : (( لأسحب القنوه )) ، خاصة انه تم استخدام هذا المصطلح الحضاري من قبل أحد افراد جهة تشريعية ، مع كل الأسف والخجل لإنحدار المستويات اللفظية بشكلٍ مُعيب .
لا أدري هل الدافع لذلك هو إستخفاف بعقول الشعب !؟ أو حرفٌ لإهتماماته !؟ او إلهاءٌ له !؟ أو خُبث تمارسه الحكومات الأردنية منذ عقود !؟ أو سذاجة في نهجها !؟ او سطحية في إدارتها لشؤون الوطن والمواطن !؟ او عهد ووعد وعمل وطني مُبجل تتوارثه الحكومات ، ويصعب عليها تجاوزه ؟ او مناسبة وطنية عظيمة لها قدسية يعز عليهم تخطيها !؟ أو إنحدار في ادائهم جرّهم الى الإعتقاد بان هذا التمثيل السطحي ينطلي على الشعب !؟
صحيح ان القطايف حلويات رمضانية تقليدية تحرص على تناولها بعض العائلات الأردنية . لكن للعلم فان تثبيت أسعار القطايف فيه ضرر عظيم على صحة المواطنين الشرهين ، لان رُخص ثمنها يُشجع على تناولها بكثرة من قِبل الميسورين الشرهين ،لذلك فمن يعاني من مرض السكري تختل نسبة السكر لديه ، ويتم إسعاف بعضهم الى طواريء المستشفيات في ساعات متأخرة من الليل ، ومن لم يُصَب بمرض السكري بعد ، فان رُخص اسعار القطايف يعجل بإصابة الميسورين الشرهين به . كما ان من يعاني من ضنك الحياة والعوز والفقر والقهر والبطالة فانه يُصاب بالضغط النفسي وهو مرشح محتمل للإصابة بمرض السكري ، هذا اذا لم يكون قد أُصيب أصلاً .
في تصريح سابق للدكتور / كامل العجلوني رئيس المركز الوطني للسكري والغدد الصم والوراثة، أعلن فيه ان نحو ( ٢,٠٠٠,٠٠٠ ) أردني من أصل ( ٧,٥ ) مليون يعانون من مرض السكري . ويحتل الأردن المرتبة ( ٢٦ ) من أصل ( ١٩٥ ) دولة ، ضمن الفئة العمرية ( ٢٠ — ٧٩ ) عاماً . وبينت دائرة الإحصاءات العامة عامي ( ٢٠١٧ — ٢٠١٨ ) ان نسبة الأفراد الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض السكري للفئة العمرية ( ٦٠ فما فوق بلغت حوالي ( ٣١,٩ ٪ ) .
يا حكوماتنا غير الوطنية ، يا سطحية الأداء في إدارة شؤون الوطن ، لقد وصلت ألاعيبكم من السطحية الى إستهزاء المواطنين بها . ولتأكيد ذلك علينا ان نحتسب كلفة تقريبية للقطايف خلال شهر رمضان المبارك . لو افترضنا ان متوسط عدد افراد العائلة الاردنية ( ٥ – ٦ ) أفراد ، يستهلكون ( ١ ) كغم قطايف يومياً ، أي ( ٣٠ ) كغم طيلة الشهر المبارك ، بسعر ( ١,١٠ ) دينار / كغم ، وهذا يعني ان كلفة استهلاك القطايف طيلة الشهر المبارك = ( ٣٣ ) ديناراً . وهذا يعني لو كانت الزيادة ( ١٠٪ ) = ( ٣,٣) ثلاثة دنانير وثلاثين قرشاً ، يا حكومات التضليل والخيبة !؟ مع ندرة او إستحالة تناول افراد العائلة القطايف يومياً . إذا وددتم التخفيف عن كاهل المواطن ، لماذا لا يتم إلغاء الضريبة التي تفرضونها على المشتقات النفطية والتي تتصاعد حتى تبلغ ( ٤٥٪ ) على البنزين أوكتان ٩٥ ، والتي ترفع سعر تنكة البنزين من ( ٨,٥ ) دينار الى ( ٢١ ) ديناراً ، وهذا الاجراء لو تم لأنخفضت كل أسعار السلع بنسب عالية !؟
هل إتضح لكم مدى سطحية قرارتكم !؟ هل فهمتم ان الشعب يعقِل الأمور أكثر منكم !؟ هل تأكدتم انكم مكشوفون أمام الشعب !؟ تعودتم ، لا بل إحترفتم التضليل حتى صدّقتم أنفسكم ، أنتم بلاء الوطن ومواطنية . أنتم مصيبة الوطن ومواطنية . أدارتكم الضحلة ، وغياب وطنيتكم ، وزيفكم إرتد عليكم . والمصيبة الكبرى انه لا خلاص من هُزالكم الا بتغيير نهج إختياركم ، ولا أمل يُرتجى . لكن الأمل بالله سبحانه ان يُريحنا منكم لينهض الوطن ، ويُكرَم المواطن . يامن إمتهنتم دور النعام ، تغمرون رؤوسكم ، وتُظهِرون عوراتكم . بلا خجل ولا وجل ولا قيم ولا خُلق ولا إنتماء . مع ان رؤوسكم يغمرها وحل أفعالكم المُشينة الرديئة التي انحدرت في الوطن الى الهاوية والمواطن الى الفقر والعوز والذِّلة . أُكرر وأختم : المشكلة ان لا خلاص لنا منكم الا بتغيير نهج اختياركم ، لكن لا أمل يُرتجى ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .