صراحة نيوز – بقلم المهندس سمير الحباشنة
أنهى المتحاورون الليبيون جولتهم في تونس، حيث كنا نراهن عليها أن تكون خاتمة لقاءات برلين وجنيف وأبو زليقة في المغرب والقاهرة، وأن تخرج بنتائج إيجابية كخلاصة لكل تلك اللقاءات، وأن تبلور اتفاقها على تسمية مجلس رئاسي له صفة التمثيل السياسي والمناطقي، وكذلك تسمية رئيس الحكومة والوزراء، باعتبارها الهيئات الضرورية للمرحلة الإنتقالية. على أن تتألف من شخصيات محترمة كانت خارج الاصطفافات الحزبية والمناطقية. بحيث تضطلع تلك الهيئات «الانتقالية» بوضع مسودة الدستور والإشراف على تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، نهاية العام كما أقرتها حوارات تونس.
إلا أن المشكلة تكمن بأن بقي المتحاورون في دائرة العناوين، ولم يدخلوا إلى منطقة اتخاذ القرارات العملية، التي تتحول بموجبها الأهداف والشعارات المأمول منها أن تأتي بالأمن والسلام، والحفاظ على وحدة التراب والشعب الليبي، إلى حقائق على أرض الواقع. حيث انتهت تلك الاجتماعات بتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، دون الاتفاق على أسماء الشخصيات التي ستقود المرحلة الانتقالية!!.
وبالرغم من أن اجتماعات تونس قد حملت بعض العناصر الإيجابية، مثل استئناف الرحلات الجوية بين المناطق الليبية وإتاحة المجال للمواطنين للتنقل في ارجاء البلاد بحرية ودون قيود وغيرها من المسائل الاجرائية، إلا أن الأمر لم يخرج من دائرة النوايا، وبدى وكأنه هدنة أو تأجيل لتنفيذ الاستحقاقات الرئيسية الملحة.
كنا في مجموعة السلام العربي قد توجهنا بنداء إلى اجتماعات تونس العتيدة، وأبلغنا المبعوثة الدولية ومكتبها بذلك، وتمنينا على المجتمعين أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة ليبيا العليا وتأجيل المسائل الثانوية التي يمكن حلها لاحقاً، واتصلنا بأغلب الشخصيات الليبية الفاعلة في المشهد الليبي لهذه الغاية. علماً بأن هناك شخصيات وازنة مثل الدكتور محمد البرغثي، المفكر والشخصية الهادئة والمعتدلة والوحدوية، التي بقيت على مسافة واحدة من كافة الأطراف وهو سفير ليبيا في عمان، وكذلك السيد محمد عبد السلام العباني رئيس المؤتمر الليبي الجامع ومثلهم الكثير من الشخصيات الليبية، التي يمكن أن تنجز المرحلة الانتقالية، بكفاءة وموضوعيه وحرص على إنجاز مشروع ليبي وطني جامع.
إلا أن الامور كما يبدو لا تسير بالاتجاه الذي يتمناه كل ليبي وكل عربي حريص على ليبيا وعلى مستقبلها، وعلى ضمان أمنه وسلامة أراضيه وثرواته.
وبعد.. إن قادة المشهد الليبي مطالبون اليوم بأن يتقوا الله وأن يضعوا مصلحة ليبيا في المقام الأول، وأن يضعوا حداً للتدخل الأجنبي بأشكاله كافة وأن يلتفتوا إلى «بلدهم العزيزة» بحيث لا تعلو أي أجندة حزبية أو مناطقية فوق مصلحة ليبيا العليا.
وإلا فإن الخراب سوف يستفحل لا سمح الله والقتال سوف يستأنف.
والله والعروبة من وراء القصد