صراحة نيوز – بقلم د صبري الربيحات
ما أن یستمَع العرب ُي لكلمة مؤتمر حتى یقفز إلى عقلھ وشعوره كل التجارب والمآسي التي دتھا المؤتمرات والاجتماعات التي عقدھا المستعمرون لتحدید مناطق نفوذھم وتقاسم الھیمنة على الأراضي العربیة وتسھیل إنشاء الكیان الإسرائیلي على أرض فلسطین والبروتوكولات والخطط والتقسیمات التي نعاني منھا الیوم.
الكثیر من الناس یربط بین المؤتمر والمؤامرة بمعناھا السلبي وینظر إلى أن ما یدور فیھا یخدم مصالح القائمین علیھا والداعین لانعقادھا أكثر مما یخدم المصالح العامة للأمة.
غالبیة الناس یجدون صعوبة في معرفة الفرق بین المؤتمر والملتقى والندوة والورشة وغیرھا من المس ّمیات التي تطلق على الاجتماعات التي تعقد لبحث القضایا والشؤون التي تعني الأطراف المشاركة وتستدعي الاتفاق على التعاون أو التنسیق وتقسیم الأدوار والمھام في التعامل مع القضایا والموضوعات التي یتناولھا. في حالات أخرى یسھم المؤتمر في توفیر الفرص لتبادل الآراء أو الأعلان عن نتائج الأبحاث أو لتسلیط الأضواء على إنجازات كما یحصل في المؤتمرات العلمیة وتشكیل الأحلاف وإظھار المواقف.
لا یكاد یمر یوم دون أن نسمع عن انعقاد مؤتمر أو ندوة أو ملتقى أو اجتماع. الدول والمھن والقطاعات تحرص على عقد اجتماعات أو مؤتمرات وندوات. بعض ھذه اللقاءات أصبحت منتظمة لھا مؤسساتھا التي تنظمھا وتتابع ترتیبات انعقادھا.
في التاریخ الإنساني اكتسبت بعض المؤتمرات شھرة واسعة لاتخاذھا قرارات مھمة غیرت وجھ العالم. المؤتمرات التي عقدت قبل وبعد الحروب العالمیة عبرت عن نیة القوى المشاركة في دخول الحرب والاتفاق على توزیع مكتسباتھا.
في منطقتنا العربیة یتذكر الناس جیدا مؤتمر بازل في سویسرا ومؤتمرات رودس وسان ریمو ووعد بلفور ولقاء سایكس بیكو ومؤامرات القمة العربیة واجتماع وارسو وغیرھا من المؤتمرات التي تناولت شؤون المنطقة العربیة وتقریر مصیرھا.
بالرغم من انعقاد آلاف المؤتمرات التي تبحث في كافة جوانب الحیاة والنشاط الإنساني إلا أن ھناك عددا من المؤتمرات التي لعبت دورا مركزیا في تغییر مسار الاھتمام العالمي وإحداث التغییر وصیاغة ثقافة إنسانیة جدیدة. المؤتمرات التي تعقدھا الجمعیة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان تكتسب أھمیة كبرى في التعبیر عن الإجماع الدولي
على المعاییر والقیم والمصالح المشتركة لأعضاء المجتمع الدولي. وتعتبر لقاءات الثمانیة الكبار ومؤتمر العشرین الأقوى اقتصادیا مؤسسة أخرى توجھ الاھتمام العالمي نحو بعض القضایا والمسارات، في الجانب الاقتصادي تتطلع الأسواق العالمیة لما تقرره منظمة الدول المنتجة والمصدرة للبترول ففي كل مرة تتخذ المنظمة قرارا تتغیر الأسعار والمراكز المالیة وحركة التصنیع والإنتاج والتصدیر.
بصورة عامة تعقد المجموعة العربیة الكثیر من المؤتمرات على مستوى القمة وفي كافة القطاعات ومیادین العمل المشترك. الملفت أن القرارات والتوصیات التي تتخذ في المؤتمرات العربیة لا تتحول إلى إجراءات ولا أحد یكترث لتنفیذھا.
قبل أیام انتھت أعمال المؤتمر الثلاثین للقمة العربیة بقرارات وتوصیات تشبھ ما صدر عن القمم السابقة دون أدنى متابعة لما حصل فیھا. في ھذا الجزء من العالم لا تؤخذ المؤتمرات على محمل الجد وغالبا ما ینظر للاجتماعات والمقررات على أنھا مجاملات ومسایرات لا تختلف كثیرا عما یحدث في المجالس والمنتدیات التي یحرص الجمیع فیھا على إقرار القضایا
التي لا تزعج أحدا ولا یعارضھا أحد.
الیوم یتحفز العالم العربي لسماع ما یمكن أن تشتمل علیھ خطة ترامب وفریقھ من أفكار وقرارات بخصوص الشرق الأوسط. الجامعة العربیة أعلنت تمسكھا بحل الدولتین والمبادرة العربیة لكن التفكیر الأمیركي والمطامع الصھیونیة لم یلقیا بالا لما قالھ العرب فقد أعدوا خطة بمعزل عما یراه العرب وعلى افتراض أن لا أھمیة لما یقولھ العرب في العلن… فالناس في السر غیر القوم في العلن .