صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
عيد الاستقلال الذي يتكرر بتاريخ محدد من كل عام في مختلف دول العالم، هو اليوم الذي تحتفل به شعوب تلك الدول، بذكرى استعادة حريتها، والتخلص من الاستعمار والهيمنة الأجنبية. وهذا العيد يحمل في معانية النبيلة، تذكيرا للأجيال الناشئة، بتضحيات ومعاناة الآباء والأجداد، لتحقيق الاستقلال الوطني والحرية، وغرس روح المواطنة والاعتزاز في قلوبهم نحو أوطانهم.
والاستقلال الوطني الذي جرى انتزاعه من أنياب المستعمر بالكفاح والدماء، يعني حرية الإرادة والخلاص من نفوذ الأجنبي المقيد لتقدم الوطن ونهضته، وقد يكون هذا الاستقلال حقيقيا أو شكليا، يخضع بصورة مستترة لإرادة الأجنبي. فإن كانت الدولة فاقدة لمقوماتها وتعتمد في بقائها على دعم سياسي أو مادي من دولة أجنبية، ستكون فاقدة لمعنى الاستقلال الحقيقي. والدولة التي لا تستطيع الاعتماد على نفسها، وتغطية موازناتها من مصادرها المحلية، لاشك بأنها سترتمي في أحضان الدول الأجنبية، التي تقدم لها الدعم السياسي والمساعدات المالية والعينية، وتتحكم أخيرا في حريتها وسيادتها.
أما الاحتفالات والأهازيج والأشعار التي تقيمها بعض الدول في مثل هذه المناسبة، لتمجّد بها استقلالها الذي يُخفي الحقيقة، فهي لا تقنع إلا البسطاء ولا تستهوي إلاّ المنافقين، عندما يتجاوزن تضحيات السابقين التي أضاعها الوارثون.
وعندما نمعن النظر في أعياد الاستقلال لدولنا العربية، فإننا لا نجد دولة واحدة تعبّر في عيد استقلالها عن معنى السيادة والاستقلال الحقيقي، الذي يمثل إرادة الشعب ومصالحه الوطنية، خاصة في هذا الزمن الذي تسود فيه التحالفات والهيمنة الدولية. فهذه ألأعياد لا تشكل في الحقيقة سوى احتفالات فولكلورية، يتسابق بها الخطباء والشعراء، في إظهار
بلاغاتهم الكلامية.
ومن المؤسف أن معظم الدول العربية، التي تدعي الاستقلال وطرد الاستعمار الخارجي من أوطانها، قد استبدلته بهيمنة الاستبداد الداخلي. فلجأت إلى تكميم الأفواه واعتقال المعارضين من خلال قوانين عرفية جائرة، وسمحت باستشراء الفساد في مفاصل الدولة، وتمكن البعض من تهريب أموال الشعب إلى ملاذات آمنة وأخرى غير آمنة، كما ورد في تقرير صندوق النقد الدولي مؤخرا.
في الختام . . وبمناسبة عيد الاستقلال الوطني في الأردن، الذي سيُطلّ علينا في الخامس والعشرين من هذا الشهر، فإنني أتقدم بالتهنئة لكل الشرفاء في هذا الوطن، الذين ما زالت رفاتهم تعطّر الأراضي المقدسة، دفاعا عن الأقصى وفلسطين، وكذلك أترحم على الشهداء الذين قضوا دفاعا عن تراب الأردن في كل مكان، وكل عام والشعب الأردني بخير، مستقلا حقيقيا في وطنه، وناجيا من فيروس كورونا سريع الانتشار.
التاريخ : 22 / 5 / 2020