صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
في 8 أيار 1945 انتهت الحرب العالمية الثانية رسميا في أوروبا، إذ وقع ممثلون عن القيادة الألمانية العليا وثيقة الاستسلام العسكري، وقُسمت ألمانيا إلى مناطق نفوذ للاتحاد السوفيتي والدول الغربية المنتصرة. كانت القوات الروسية التي يقودها المارشال ( روكوزوفسكي ) تجاور القوات التي يقودها المارشال مونتجمري.
يقول مونتجمري في مذكراته ما يلي: في 7 أيار زارني المارشال روكوزوفسكي في فيسمر، واستبقيته لتناول الغداء معي هو وبعض ضباطه. ولقد كان لروكوزوفسكي جسم مهيب، كان طويلا جميل المحيا حسن الهندام. وأظن أنه كان أعزب تُعجب به النساء أشد الإعجاب. وقد دعاني إلى زيارته في مقره العام على نحو 20 ميلا داخل المنطقة الروسية، فقبلت دعوته على أن تتم الزيارة في 10 أيار.
كان الروس حريصين على إعطاء انطباع جيد عن أنفسهم، فأوفدوا رسولا خاصا إلى المقر العام للفرقة السادسة المحمولة جوا في فيسر، ليعرفوا عاداتي وأذواقي وماذا أفضّل من أسباب اللهو. وبدأ الرسول يسأل عن أنواع الخمور التي أفضّلها، فقيل له أنني أمقت الخمر وأنني لم أتناول الكحول في حياتي أبدا، وأنني أوثر شرب الماء.
وشاء الرسول أن يستدرك فقال: إن مضيفي ينوي أن يقدم أنواعا ممتازة من السيجار أثناء الغداء، فأي هذه الأنواع أحب للمارشال ؟ فأجيب أنني لا أدخن أبدا. وبدا على الرسول أنه قد أصيب بالخيبة بعض الشيء، ولكنه قدم اقتراحا آخر: فهناك في المقر العام الروسي بضع نساء فاتنات الجمال، وبضع راقصات يمكن تقديمهن إلى المارشال. فقيل له أن المارشال لا يحب النساء. وكان هذا الجواب سببا لانفعال الرسول الذي قال: إن المارشال لا يشرب، ولا يدخن، ولا يحب النساء . . فماذا يفعل إذن طيلة النهار ؟
ومع ذلك فقد وُضع برنامج الزيارة دون صعوبة، وتوجهت إلى المنطقة الروسية للقاء روكوزوفسكي في المقر العام لمجموعة الجيوش الروسية البيضاء. وقد أثار انتباهي أثناء هذه الرحلة أمران: فأنا لم أرَ ألمانيا مدنيا واحدا في تلك المنطقة، إذ كان جميع المدنيين الألمان قد لجأوا إلى المنطقة البريطانية. كما أثارت إعجابي الشرطة النسائية الروسية، التي كانت تشرف على السير إشرافا فعالا. وكان الاستقبال الذي لقيني به الروس ناجحا جدا، فبعد الغداء الفاخر قدموا لنا حفلا موسيقيا تخلله الرقص والأغاني، فاستمتعنا به لمدة ساعة كاملة.
* * *
التعليق: إن لحياة القائد الخاصة أثر كبير في نجاحه بقيادته. فمن مقومات النجاح الهامة، تمسك القائد بأهداب الدين، والحفاظ على الأخلاق الفاضلة، وسلوكه العام، إضافة لاحترافه بعمله. ولا أعتقد أن قائدا يدور الهمس حول حياته الخاصة ومسلكه، يستطيع أن يحقق النجاح ويحظى باحترام مرؤوسيه وشعبه. وإن حدث ذلك فقد يكون في حالات نادرة لا يقاس عليها.
التاريخ : 28 / 4 / 2019