بينما ينتشر وباء السمنة حول العالم، يعاني كثيرون من النحافة وعدم القدرة على اكتساب الوزن. وفي مقابل انتشار الصالات الرياضية ومراكز التغذية المتخصصة في إفقاد الوزن، يتراجع الاهتمام بالمصابين بالنحافة، بل يشتكي كثير منهم من فشل البرامج المختلفة لاكتساب بعض الوزن.
المقصود بالنحافة: النقص الحاد في الوزن. ووفقا لـ”مراكز السيطرة على الأمراض” (CDC) في الولايات المتحدة، يعاني الفرد من نقص الوزن إذا كان مؤشر كتلة الجسم “بي إم آي” (BMI) أقل من 18.5.
لكن السيدة الثلاثينية مروة المهدي لا تحتاج إلى قياس مؤشر كتلة الجسم لتعرف أنها تعاني من النحافة، إذ إنها تزن 43 كيلوغراما في حين يصل طولها إلى 169 سنتيميترا.
النحافة كالوزن الزائد، يمكن أن تسبب مشاكل صحية وتؤدي إلى العديد من المخاطر، أبرزها بحسب “ميديكال نيوز توداي” (Medicalnewstoday):
هشاشة العظام.
مشاكل الجلد وضعف الأسنان وتساقط الشعر.
كثرة الإصابة بالأمراض والعدوى.
فقر الدم الذي يسبب الدوخة والصداع المستمر.
اضطرابات الطمث وتأخر الدورة الشهرية الأولى للمراهقة.
الولادات المبكرة.
النمو البطيء غير الصحي للطفل.
لماذا لا يزداد الوزن؟
شخّصت مروة -التي تعمل في قسم الموار البشرية بإحدى الجامعات المصرية الخاصة- بالإصابة بمتلازمة القولون العصبي قبل 4 أعوام، وهي تشرح أعراض مرضها للجزيرة نت قائلة: “أعاني من إمساك مزمن، وتقلصات مستمرة في البطن، ويزداد الأمر سوءا أثناء الدورة الشهرية”.
وأكد الأطباء لمروة أن انخفاض الوزن الحاد الذي تعاني منه قد يكون بسبب القولون العصبي الذي أدى إلى علاقتها المضطربة بالأكل، وفشلت حتى اليوم في علاجه.
وتتعدد أسباب الإصابة بانخفاض الوزن، وفقا لـ”هيلث لاين” (Healthline) ما بين أسباب وراثية وأخرى طبية، مثل: فرط نشاط الغدة الدرقية، ومرض السكري، ومرض التهاب الأمعاء، والتهاب القولون، وأمراض اضطرابات الأكل كفقدان الشهية العصبي.
وقد تؤدي بعض الأدوية والعلاجات التي تسبب فقدان الشهية والغثيان والقيء والإسهال كالمضادات الحيوية والعلاجات الكيمياوية، إلى صعوبة الحفاظ على وزن صحي.
بعض الناس لديهم استعداد وراثي للرغبة في تحريك أجسادهم مما يؤدي لزيادة معدل التمثيل الغذائي في الجسم (بيكسابي)
صعوبة اكتساب الوزن
لم تحظَ مروة أبدا بوزن طبيعي، على حد قولها. في أحسن حالاتها وصلت إلى وزن 50 كيلوغراما.
تقول مروة “القولون الذي أعاني منه لا يأتي في فترات محددة، بل يلازمني طول الوقت، خاصة أنني أعاني من مرض آخر وهو بطانة الرحم المهاجرة”، وتضيف “الأمر أشبه بمعركة مستمرة لا تهدأ أبدا داخل رحمي وبطني وأمعائي، مما دمر علاقتي بالطعام تماما، رغم أنني أحاول باستمرار أن أزيد من وزني”.
زارت مروة 3 من مختصي التغذية، وفي كل مرة يضع المختص برنامجا غذائيا مليئا بالسعرات الحرارية التي تزيد الوزن، وفي كل مرة يفشل الأمر.
تؤكد كاثلين ميلانسون أستاذة التغذية وعلوم الغذاء في جامعة رود آيلاند بالولايات المتحدة الأميركية، أن أهم العوامل التي تجعل الشخص لا يكتسب الوزن هي عوامل سلوكية.
وتوضح في مقال منشور على “لايف ساينس” (Livescience) أن العديد من الذين يبدو أنهم يأكلون ما يحلو لهم دون زيادة الوزن، لا يأكلون في الواقع كثيرا، بل من الممكن أن يأكلوا قضمة واحدة فقط من الطعام المرتفع السعرات الحرارية، ويتناولوا وجبات خفيفة أقل طوال اليوم، ويأكلوا ببطء شديد، لذلك يشعرون بالشبع في وقت أسرع بكثير.
وتؤكد كاثلين أن النشاط البدني يحدث فرقا، لكن ليس بالضرورة أن يكون ممارسة التمارين في صالة الألعاب الرياضية، فـ”بعض الناس يتحركون أكثر، وقد تكون لديهم وظيفة تحتاج إلى نشاط، أو يقضون طوال اليوم في مطاردة أطفالهم”.
كما أن بعض الناس لديهم استعداد وراثي للرغبة في تحريك أجسادهم، ويمكن أن تؤدي تلك الحركة إلى زيادة معدل التمثيل الغذائي في الجسم، أو زيادة الطاقة التي يستهلكها الجسم على مدار اليوم.
هنا تقول كاثلين “كلما تحرك الشخص أكثر، زادت الميتوكوندريا داخل خلايا العضلات من حيث العدد والنشاط. وتعد الميتوكوندريا محطات الطاقة، والمزيد منها يعني حرق المزيد من السعرات الحرارية”.
كما أنّ هناك عاملا آخر لعدم اكتساب الوزن يتعلق بتنظيم الشهية. إذ تشير كاثلين إلى وجود إشارات لدى الجهاز العصبي والهرمونات التي تتفاعل سويا لتخبر الشخص أنه يشعر بالجوع أو الشبع.
وتوضح أن أحد الهرمونات المهمة المشاركة في هذا النظام هو هرمون اللبتين الذي يساعد في تنظيم كمية الطعام التي يتناولها الشخص على مدى فترات زمنية أطول، وليس فقط للوجبة التالية.
وتضيف “هناك أشخاص لديهم نظام أكثر حساسية، يجعلهم بعد تناول كمية طعام في حفلة ما يشعرون بالشبع في الأيام القليلة المقبلة. يمكنهم تلقائيا إعادة ضبط توازن طاقتهم، لأن نظام إشارات الشهية لديهم يمكن أن يقول لدينا طاقة كافية”.
[قضم 17 وجبة أو التهام ثلاثة أو الاكتفاء بواحدة.. أيهم أفضل لخسارة الوزن؟]
من الأفضل لمن يعانون من ضعف الشهية أن يقسموا الطعام إلى أجزاء أصغر بدلا من تناول وجبة كبيرة دفعة واحدة (بيكسلز)
طرق زيادة الوزن
بعد إجراء التحاليل الشاملة وانتفاء الأسباب الطبية المسببة للنحافة، هناك بعض الطرق الآمنة لزيادة الوزن بشكل صحي، وفقا لموقع “ذا كونفيرسيشن” (Theconversation).
استهلاك سعرات حرارية أكثر مما يتطلبه الجسم: تساعد زيادة السعرات الحرارية تدريجيا مع الأطعمة الصحية وتمارين القوة على ضمان أن الوزن المكتسب سيكون مفيدا للغاية ويمكن الحفاظ عليه.
اختيار العناصر الغذائية المفيدة والطاقة: استهلاك المزيد من الأطعمة والسوائل الكثيفة المغذيات بدلا من اختيار السكر أو الدهون، تزيد الوزن بصورة صحية.
تناول كميات أكبر في أوقات الوجبات: إضافة جزء من الحبوب في وجبة الإفطار، وبطاطس إضافية أو ملعقة من المعكرونة على العشاء، أو حتى قطعة من الحلوى؛ تعد طريقة سهلة لزيادة المدخول الكلي.
تناول وجبات خفيفة: بدلا من 3 وجبات رئيسية فقط في اليوم، من الأفضل لمن يعانون من ضعف الشهية أن يقسموا الطعام على أجزاء أصغر عوضا عن تناول وجبة كبيرة دفعة واحدة. ويؤدي تناول الطعام كل ساعتين إلى 3 ساعات إلى اكتساب كميات أكبر من المغذيات يوميا، مقارنة بالوجبات الرئيسية.
تضمين وجبات خفيفة غنية بالسعرات الحرارية: مثل المكسرات والفواكه المجففة والحبوب وكعك الشوفان والبسكويت والجبن والخبز والحمص والزبادي بين الوجبات.
المشروبات المغذية: تناول الحليب الكامل الدسم ومشتقاته وعصائر الفاكهة الغنية بالسعرات الحرارية.
ممارسة تمارين المقاومة: تعد أفضل طريقة لبناء الأنسجة الخالية من الدهون بدلا من الأنسجة الدهنية. فممارسة 150 دقيقة في الأسبوع مع الغذاء الجيد، تبني الجسم بشكل صحي.
المصدر : مواقع إلكترونية