صراحة نيوز – موسى العدوان
دعا خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز في مطلع هذا الشهر، إلى قمة طارئة حضرها رؤساء الدول الأربعة : السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة والكويت، بغرض مناقشة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المملكة الأردنية وسبل دعمها لتجاوز تلك الأزمة.
رافقت هذه الدعوة ضجة إعلامية كبيرة، وتفاءل الأردنيون والمراقبون خيرا بهذه الدعوة الأخوية من قبل خادم الحرمين الشريفين. وانعقدت القمة يوم الأحد 10 / 6 / 2018 بجوار الأماكن المقدسة في مكة، وصدر عنها البيان التالي وأقتبس :
” انطلاقا من الروابط الأخوية الوثيقة بين الدول الأربعة، واستشعارا للمبادئ والقيم العربية والإسلامية، فقد تم الاتفاق على قيام الدول الثلاث بتقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية للأردن، يصل إجمالي مبالغها إلى مليارين وخمسمائة مليون دولار أمريكي، تتمثل فيما يلي :
- وديعة في البنك المركزي الأردني.
- ضمانات للبنك الدولي لمصلحة الأردن.
- دعم سنوي لميزانية الحكومة الأردنية لمدة خمس سنوات.
- تمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية “. انتهى الاقتباس.
عندما اطّلعنا على قيمة هذه المساعدة الإجمالية، التي قررتها القمة في اجتماعها، أصبنا بالإحباط والصدمة لضآلة قيمتها. وفي ظل عدم ورود تفصيلات دقيقة عن كيفية توزيعها، فإنني سأتحدث هنا بلغة مواطن وليس بلغة خبير اقتصادي، وأفسرها كالتالي :
- أتوقع أن تكون الوديعة ( المستردّة ) التي ستورد إلى البنك المركزي الأردني بقيمة مليار دولار.
- ضمانات للبنك الدولي قد تعني تسهيل حصول الأردن على قروض جديدة بكفالة سعودية ، مما يزيد في عبء المديونية.
- دعم سنوي لميزانية الحكومة لخمس سنوات، يعني أن بقية المبلغ وهو 1,5 مليار دولار سيقسّم على خمس سنوات، بمعدل 300 مليون دولار سنويا. ( إلا إذا كان لدى مصدرو البيان، أو الحكومة الأردنية تفسير مخالف فليتفضلوا بالتصحيح ).
إذا كان هذا الكلام صحيحا ويطابق الواقع، فأعتقد أننا لسنا بحاجة إلى هذه المساعدة، وعلينا أن نرد البضاعة إلى أصحابها. فنحن لا نستجدي المساعدات، ولا نبيع كرامتنا بالمال، ولا ننفذ أجندات مشبوهة، بل نحن نقف سدا منيعا نحمي حدود جوارنا العربي، ونمنع الإرهابيين من اختراقها، ونحجب تجار المخدرات من التسلل إليهم وتخريب مجتمعهم، ونحافظ على علاقات الود وحسن الجوار بيننا وبينهم.
والتساؤلات التي تطرح نفسها الآن هي : لماذا دفعت هذه الدول مؤخرا 50 مليار دولار مساعدة لمصر، التي تقع في قارة أخري ولا تجاور حدودهم، بينما تقدم مساعداتها للأردن ( بالقطارة ) ؟ لماذا دفعت نفس تلك الدول 460 مليار لأمريكا، وتبعتها ب 200 مليار من السعودية و200 مليار أخرى من الإمارات العربية المتحدة، ولا يُدفع للأردن خمس هذه المبالغ على الأقل، مقابل حماية حدودهم وانطلاقا من الروابط الأخوية التي يدعوها ؟
إذا اقتُصرت المساعدة على هذا المبلغ وبمعدل 300 مليون دولار سنويا، فنحن كفيلون بتدبيره من مصادرنا دون مساعدة من أحد، والسبيل إلى ذلك كالآتي :
- حل مجلسي النواب والأعيان وتحويل مخصصاتهم المالية إلى الخزينة، ولا ضير في أن نخرج من تحت سقف الدول المتهمة بالديمقراطية لبضع سنوات. وإن فعلها جلالة الملك فلن يكون أول من يقدم عليها، إذ سبقه لذلك الملك شارلز ملك بريطانيا أم الديمقراطية، الذي حل البرلمان ثلاث مرات في الفترة من 1925 – 1929.
- تحديد عدد الوزراء في الحكومة ب 15 وزيرا فقط، على أن تتقدم الحكومة بخطة شاملة لترشيد الاستهلاك في مختلف مؤسسات الدولة.
- وقف المشاريع الكبرى التي تمولها الدولة إلى إشعار آخر.
- تخفيض رواتب الموظفين بحيث لا تتجاوز في حدها الأعلى 2000 دينار.
- فتح باب التبرع الوطني في صندوق يشرف عليه رجال أمناء موثوقين، ويجري التصرف بموجوداته حسب الأصول وبشفافية كاملة.
- سن قانون من أين لك هذا لمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة.
- تأميم مؤسسات الدولة التي جرى تخصيصها وإعادة ملكيتها للدولة.
- التوجه الحقيقي لاستغلال المصادر الطبيعية المتوفرة في الأراضي الأردنية.
- محاسبة جميع المسؤولين السابقين الذين أوصلوا البلاد إلى هذا الحال، وجعلونا نمد أيدينا للآخرين منتظرين مساعداتهم.
بهذه الأساليب التي يمكن تطويرها للأفضل، يمكننا الاعتماد على أنفسنا، وعدم انتظار المساعدات من الغير، سواء كانت تحت املاءات وشروط من الدول المانحة، أو تحت مظلة الروابط الأخوية والقيم العربية والإسلامية، تكون نتيجتها تقديم شرهات هزيلة، لا ترقى إلى مستوى الطموح الذي نأمله.
التاريخ : 12 / 6 / 2018