صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
باتفاق التطبيع والسلام ( إيراهيم ) بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، والذي سيجري توقيعه رسميا بين الطرفين في البيت الأبيض خلال الأسابيع القادمة، يجدر بنا أن نفكّر بالمخرجات المحتملة لهذا الاتفاق في المستقبل.
من الواضح أن إسرائيل ستحقق بتوقيعه، تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية اختراقات متعددة : سياسية، واقتصادية، وعسكرية. وفي هذه العجالة سأتحدث بإيجاز عن الناحية العسكرية، تاركا الحديث عن النواحي الأخرى لأصحاب الاختصاص.
فمن حيث المبدأ استطاعت إسرائيل من خلال هذا الاتفاق، أن تؤسس لها موطئ قدم قابل للتوسع، على الشاطئ الغربي لمياه الخليج العربي، قريبا من إيران ومضيق هرمز، مع إطلالة على مياه الخليج العربي تمتد من شواطئ البصرة إلى خليج عُمان.
ومن جانب إيران فقد أبدت إيران عدم رضاها عن هذا الاتفاق، إذ قال رئيس هيئة أركان الجيش الإيراني محمد باقري أن تعامل بلاده مع دولة الإمارات، سيتغير بشكل جذري بعد تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وأن أي فعل قد يهدد أمن إيران ستتحمل الإمارات مسؤوليته. كما قال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، أن فتح أبواب المنطقة لإسرائيل سيؤدي إلى زعزعة الأمن في المنطقة، ولن تسلم الإمارات من تداعياته.
وبعد أن عُقدت إسرائيل اتفاقات سلام علنية وسرية، مع معظم حكومات الدول العربية، في غرب آسيا وشرق إفريقيا، يُفترض أن حالة العداء قد غابت رسميا مع تلك الدول، في المستقبل المنظور على الأقل. وسيكون بإمكان إسرائيل عقد اتفاقات أمنية وعسكرية معها، وبما يسمح لها بالتوجه نحو عدوها الرئيسي إيران. وهو العداء الذي تشاركها به دول الخليج العربي والسعودية.
وكلا الدولتان إيران وإسرائيل، تحملان مشروعين توسعيين على حساب الوطن العربي. فمشروع إيران يتمثل في إحياء الإمبراطورية الفارسية، لتكون دولة إقليمية كبرى مدعومة بقوة نووية محلية. ولهذا نرى أنها قد احتلت عام 1971 الجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، ومدت أذرعها لاحقا إلى العراق، سوريا، لبنان، غزة، وصولا إلى اليمن ومضيق باب المندب على شاطئ البحر الأحمر، في جنوب المملكة العربية السعودية.
يقابلها من الجانب الآخر المشروع الصهيوني، الذي يسعى لخلق دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل وربما أبعد من ذلك، بهدف السيطرة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهذا التضارب في المصالح والأهداف بين المشروعين، قد يؤدي إلى صدام عسكري في المستقبل، تكون ساحته الرئيسية شرقا في منطقة الخليج العربي.
وفي محاولة إيران تنفيذ مشروعها التوسعي، فإنها تعمل جاهدة في إجراء التجارب لامتلاك السلاح النووي، رغم معارضة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لها، وإيجاد قوة نووية تناهض قوة إسرائيل النووية في المنطقة. وبناء عليه قامت الولايات المتحدة الأمريكية بفرض حصار اقتصادي على إيران، للحد من قدرة إيران في إنتاج السلاح النووي. كما هدد الرئيس الأمريكي ترامب، بأنه لن يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي في أي حال من الأحوال. ولكن إيران تصر على تنفيذ مشروعها وتواصل عملها دون توقف.
وعلى ضوء إصرار الجانبين كل على موقفه، سنفترض أن إيران نجحت في إنتاج السلاح النووي، فتصدت لها الولايات المتحدة، بإعطاء الضوء الأخضر، لضرب المفاعلات النووية في عمق الأراضي الإيرانية، إضافة للمنشآت الهامة على الشاطئ الشرقي للخليج العربي، باستخدام الطائرات والصواريخ الأمريكية والإسرائيلية، انطلاقا من قواعدها في دول الخليج. وهذا سيدفع إيران للرد بالمثل، وقصف القواعد والمواقع الهامة في كافة دول الخليج، وإغلاق مضيق هرمز أمام السفن الحربية والتجارية.
وهكذا ستصبح منطقة الخليج العربي ساحة لحرب قادمة – لا قدر الله – وتكون اتفاقات السلام المعقودة بين الطرفين الخليجي والإسرائيلي، قد جاءت بمردود مخالف لما هدفت إليه في توطيد السلام، ولكنها ستشعل الحرب وتزعزع الاستقرار في المنطقة، وتكون النتيجة كمن جاء بالدبّ إلى كرمه ليدمّره ..!
التاريخ : 29 / 8 / 2020