صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
من الأمور المستغربة أن لا نعرف عيوبنا في الممارسات وعمل مؤسساتنا إلاّ بعد وقوع المحذور. وعندها يشحذ المسئولون ألسنتهم في التبرير، والادعاء بأن هذه الأخطاء سواء كانت أخلاقية أو جرمية تقع في مختلف دول العالم. ويحدث هذا في محاولة للتقليل من قيمة ما حدث، والمقارنة مع الأسوأ.
وفي هذا السياق علينا أن نتذكر بأن عين الأمن يجب أن لا تنام، بل تبقى متيقظة على مدار الساعة، تستقرئ المستقبل وتستبق فكر المجرمين، بتوقعها لما قد يقدمون عليه من جرائم، أو تصرفات تخل بالأمن والنظام.
فلو استعرضنا الأحداث الأخيرة التي وقعت في العاصمة عمان مثلا، وما جرى على أثرها في المؤتمر الصحفي لوزير الداخلية وتابعيه، لوجدنا أن تلك الفزعة، قد أشبعت وسائل الإعلام تنظيرا وتبريرا، لأخطاء وقصور في القيام بالواجبات وقعت خلال الأيام القليلة الماضية. من تلك التبريرات : لا أحد فوق القانون ومن يتطاول يحاسب فورا، سيادة القانون وفرض الأمن والاستقرار على كل شبر من أراضي المملكة، لا يوجد أماكن عصية على القانون، المحافظة على هيبة الدولة، يجب سحب الأسلحة من أيدي المواطنين.
والأبلغ من ذلك ما تفضل به محافظ العاصمة بأن 23 نادٍ ليليٍ من أصل 150 ناد ليلي حاصل على الترخيص. فكيف عرف عطوفته عن هذا العدد بهذه السرعة ؟ أم كان يعلمها ولم يفرض عليها الترخيص المطلوب وتركها تمارس عملها دون حساب ؟ والسؤال الأساس الذي يطرح نفسه هو: من الذي يسمح بفتح هذه النوادي الليلية ؟ وهل عمان تحتاج هذه النوادي القذرة، التي تخالف الدين وتفسد الأخلاق العامة ؟
ومن المسئول عن إغلاق تلك النوادي بعد الساعة الثالثة والنصف فجرا، عندما تخالف التعليمات ؟ هل هو المواطن أم محافظ العاصمة والأجهزة الأمنية ؟ ومن الذي يسمح للنساء الساقطات، من الأوكرانيات والروسيات وغيرهن بالدخول إلى البلاد ليدنسن طهارتها ؟ أليست هي وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية ؟ وها نحن نحصد أولى نتائج هذا الفعل، إذ غزت اليوم إحدى الشبكات القذرة مزرعة في الغور، وقد تتبعها شبكات أخرى في مختلف المناطق، إذا لم يوضع حد لهذا الموضوع.
ومن الأمور المعيبة ( كما نُشر) أن يُمنح أحد النواب في المجلس الثامن عشر، ترخيصا بافتتاح ناد ليلي، وهو الذي يفترض به، أن يبتعد عن المتاجرة بالرذيلة، وأن يحافظ على القيم والأخلاق الكريمة بين المواطنين، وعليه أن يراعي مكانته كنائب أمة التي لا تسمح له بهذا الفعل ؟ والسؤال الذي يتطلب الجواب هو: أليس من واجب رئيس مجلس النواب أن يعقد اجتماعا طارئا لبحث الموضوع، وأن يخلع ذلك النائب من كرسيه إذا صح الخبر ؟ أم أن تلطيخ سمعة مجلس النواب وسمعة الشعب الأردني لا تعنيه، اعتمادا على مقولته المعروفة: مش شغلك يا مواطن ؟
هيبة الدولة التي يتسابق المسئولون في التغني بها، تتحقق عندما يطبقون القانون على أنفسهم أولا ثم على الجميع بحزم وعدالة، ولا يقبلون الوساطات التي تفتئت على الحق وتكرّس الظلم. هيبة الدولة تتحقق عندما يوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب. هيبة الدولة تتحقق عندما يُحاسب كل مقصّر بواجباته مهما علت مكانته، هيبة الدولة تتحقق عندما تقذف وزارة الداخلية الساقطات خارج الحدود، لا أن يجري احترامهن في الدوائر الرسمية، ثم يطلق سراحهن ليرتعن في المواخير بكل حرية.
هيبة الدولة لا تتحقق عندما يُجرّد المواطنون الملتزمون من أسلحتهم، بل عندما تصادر الأسلحة من ( الزعران ) وتغلّظ العقوبة على مطلقي النار بدون سبب. هيبة الدولة تطبق عندما لا يحاسب مواطن على كلمة أو جملة تكشف الفساد والفاسدين، بل عندما يحاسب لصوص الليل والنهار والمتآمرين على الوطن، ومن دمروا اقتصاد البلاد. إلى هنا ولن أزيد . . .
وفي خضم تلك الممارسات المسيئة لصورة الوطن أتساءل : أين دور الناطق الرسمي باسم الحكومة خلال تلك الأحداث ؟ أين دور المؤسسات الإعلامية في مختلف الدوائر الرسمية ؟ أين دور من تحمل اسم السلطة الرابعة، التي لا نرى منها إلا التطبيل والتزمير، وغض النظر عما يجري من ممارسات تضر بالوطن ؟
وفي الختام لا أقول إلاّ حمى الله الوطن وحمى شعبه الصابر والكاظم الغيض . . !